السؤال
كنت بعمر ١٦سنة، وكانت مشكلتي أن أخي قبل سنتين ائتمنني على سر، وهي مشكلة حصلت بينه وبين صديقه، وجعلني أضع يدي على المصحف أن لا أخبر أحدا، وفعلت، وبعد سنتين رأيت على التلفاز أن من يحلف على القرآن كذبا يدخل النار، والله لن يسامحه، ففزعت، وكنت حينها جاهلة بأحكام الحلف.
المهم بدأت معاناتي لأكثر من ٣ أشهر جحيما، والموضوع لا يخرج من رأسي، وأحس أني مضطرة أن أخبر أي أحد، وأنا لا أريد أن أفكر بالموت، والحياة أصبحت باللون الأسود، وتشددت بالعبادات جدا، وكنت أبكي طول الليل، أدعو الله أن أنسى هذا الموضوع.
أتمنى لو لم أقبل أن أحلف، وتدهورت صحتي ودراستي، وكان وقتها شهادة عندنا، وهذه السنة مهمة، وأمي لاحظت تغير حالي، بعدها تحسنت تدريجيا، لا اعلم كيف؟! لكن بقيت لسنة وأكثر عندما أتذكر الموضوع أخاف وأرتجف.
السنة الماضية أيضا كانت سنة شهادة لأدخل الجامعة، كنت أصلي فجأة أصبحت أسمع صوتا بداخلي يتكلم بما لا يليق بالله عز وجل، ولا أستطيع إسكاته، ظننت أني جننت ولم أنم تلك الليلة، ومرة أخرى نفس المشكلة لكن صوت يدعو على أمي (إلى الآن) وآخر مرة أثناء الحجر الصحي كنت أتخيل أني أوذي عائلتي، وتلك الأشياء تزعجني جدا، أحيانا لا أنام، لكن ليست متأزمة، ولا مستمرة، فترة أسبوع وأتحسن، وهكذا ذهبت لطبيب نفسي شخصني بالوسواس، أعطاني سيروكسات 10mgل٣، أشهر لم أخبره إلا بالفكرة الأخيرة من خجلي، ولا أعلم هل علي أخذ الدواء؟ هل سأصاب بانتكاسات بالمستقبل؟ علما أني الآن بخير نوعا ما، هل أنا عندي خلل أو مرض حقا؟ وإذا أخذته هل بالضرورة أن يعرف أحد من عائلتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nona Gh حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
أنت سردت حقيقة شكواك بصورة واضحة جدا ومتدرجة، وبالفعل الذي لديك هو وسواس قهري.
موضوع الحلف على المصحف قطعا هو أمر ليس صحيحا، وتولد عن ذلك لديك من الانزعاج النفسي الكثير، ودخلت فيما يمكن أن نسميه بـ (الصراع القيمي)، وهذا أدى إلى تولد وسوسة، وساوس مختلفة متشابكة متداخلة، فيها ما هو فكري، وما هو ديني، وقطعا الوساوس من هذا النوع تؤدي إلى القلق، وتؤدي إلى التوتر، وتؤدي إلى شعور بالضيق، وربما الكدر والاكتئاب في بعض الأحيان.
أنا أطمئنك تماما أن هذه الحالة إن شاء الله تعالى بسيطة، وإن شاء الله تعالى هي دليل على إخلاصك أو على إيمانك وعلى حرصك، وعلاجها يقوم على مبدأ التحقير، (حديث النفس، الصوت الداخلي، الأفكار الشاذة الغريبة) هذه يجب أن تحقريها في بداياتها، ولا تخوضي في تفاصيلها، ولا تحاوريها، ولا تناقشيها، ولا تخضعيها للمنطق أبدا، إنما اصرفي انتباهك عنها تماما من خلال الإغلاق التام أمامها بالوسائل التي ذكرتها لك.
أيضا نظمي وقتك ولا تتركي مجالا كبيرا للفراغ، لأن الوساوس تنمو كثيرا من خلال الفراغ وحوار النفس الداخلي، فقومي بما هو مفيد، وأحسني إدارة وقتك، وفي ذات الوقت حاولي أن تكوني اجتماعية، تتفاعلي مع زميلاتك، مع الأسرة في البيت، احرصي على أمور العبادة، الدراسة...هذا كله ينقلك إن شاء الله تعالى لفكر مفيد.
بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أنا أرى أنه ضروري ومهم، لأن الوساوس القهرية مهما كانت أسبابها تؤدي إلى تغيرات كيميائية في الدماغ، هذا الكلام أثبت تماما، ولذا لابد من تناول الدواء ليصحح المسارات الكيميائية الدماغية.
توجد عدة أدوية، الـ (زيروكسات) دواء ممتاز، الجرعة التي وصفها لك الطبيب هي جرعة البداية، الجرعة هي من عشرة إلى أربعين مليجراما، والجرعة الوسطية هي عشرون مليجراما.
أنا أقول لك: تناولي عشرة مليجرام يوميا، الطبيب ذكر لك لمدة ثلاثة أشهر، لكن مع احترامي الشديد له، تكون عشرة مليجرام لمدة شهر واحد، بعد ذلك تجعليها عشرين مليجراما، لأن العشرة المليجرام هي الجرعة التمهيدية، أما العشرون مليجراما فإن شاء الله تعالى تؤدي إلى تحسن كبير، واستمري على عشرين مليجراما لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.
لا بد أن تتوقفي عن الزيروكسات تدريجيا بالصورة التي ذكرتها لك. بعض الناس يحتاجون لجرعات أعلى كما ذكرت لك، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لذلك، وتوجد أيضا أدوية أخرى كثيرة تفيد في علاج الوساوس، كالـ (زولفت) والـ (سبرالكس) والـ (فافرين) والـ (بروزاك)، لكن الزيروكسات أيضا مفيد وجيد.
حاولي أيضا أن تطبقي بعض التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرجة مفيدة جدا، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو الاطلاع على أحد هذه البرامج، وسوف تجدي في ذلك فائدة كبيرة وكثيرة إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.