السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبحث عن الزواج والحلال، تعرفت على فتاة بمدينتي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدثنا لفترة، وأعجبت بخلقها ودينها وتفكيرها، وبسبب بعض الظروف لم أتمكن من النظر إليها قبل التقدم لخطبتها إلا من خلال صورة كانت تجمعها بدفعتها أثناء التخرج، فقلت في نفسي أني أريد الحلال وسأنظر إليها في بيتها (النظرة الشرعية)، تقدمت لخطبتها، والحمد لله وافق الأهل، وكان كل شيء يسير بشكل جيد.
تمت النظرة الشرعية، وبعد الخروج منها لم أشعر بالراحة، وكأن شيئا يخنقني، حتى أنني لم أتمكن من النوم في تلك الليلة، وكأني أحمل هموم الدنيا جميعها، وانتابني شعور بالنفور وعدم الرغبة في إتمام الخطوبة، كان ذلك بسبب أنها كانت على قدر متوسط من الجمال، ولم أشعر بالانجذاب إليها ( مع أني على قناعة تامة أن الجمال يزول ويعتاد عليه المرء بمرور الوقت)، طلبت نظرة أخرى، وتمت، وانتابني نفس الشعور، فأخذت بعض الوقت للتفكير حتى لا أظلمها وأظلم نفسي، في هذه الأثناء أكثرت من الاستخارة والذكر وتلاوة سورة البقرة، ولكن الشعور بالضيق وكثرة التفكير أخذ في الازدياد، حينها قررت الانسحاب، وأخبرت الفتاة أنني لا أشعر بالراحة، واستخرت العديد من المرات ولم يتغير ذلك الشعور.
مع العلم أن الفتاة وأهلها لم أجد منهم إلا كل خير، وبها كل ما يتمنى المرء أن يجد في زوجته.
قررت الانسحاب خشية أن أظلم الفتاة، وخشية أن يزداد تعلقها بي ومن ثم لا يتم الزواج، وخشية أنه إذا تم الزواج لا أمنحها حقوقها وينتهي بظلم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –ابننا الفاضل– في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الذي حصل من حق الخاطب أن يخطب الخطيبة، كما أن من حقها أن تنسحب من حياته، والخطبة ما شرعت إلا لتحقيق التعارف، ولكن أرجو أن تفكر في الأمر مرات قبل أن تقدم عليه، فالواحد منا لا يرضى لبنات الناس كما ما لا يرضاه لأخواته أو لعماته أو لخالاته، خاصة وقد ذكرتها بالخير، وتمت النظرة الشرعية، والأهل من الجانبين في ارتياح.
أنا أكرر: الأمر لك والقرار لك ولها، ولكن أرجو أن تعطي نفسك فرصة، وحبذا لو ذكرت أسباب هذا الضيق، هل فقط لهذا الذي تشعر به؟ أم أن هناك أسبابا أخرى؟ لأننا ننصح دائما بأن تكون النظرة شاملة، حقيقة الجمال أيضا مهم، والميل المشترك أيضا مهم، وكل هذه الأشياء بأهمية بمكان، لكن أيضا الواقعية مطلوبة، فلا يمكن للشاب أن يجد فتاة بلا عيوب، ولا يمكن لفتاة أن تفوز بشاب بلا نقائص، فنحن بشر والنقص يطاردنا.
ولذلك فقط نحن ندعوك إلى أن تفكر في الأمر، وتستشير الأخوات والخالات والعمات، وتجتهد في حشد ما فيها من إيجابيات، ثم بعد ذلك أنت صاحب القرار. يعني: نحن لا نستطيع أن نجبرك على الدخول إلى حياة أنت تبدأ بهذا النفور وأنت لا تريد أن تظلمها أو تظلم نفسك، ونحب دائما في مثل هذه الأحوال إذا قررت أن تنسحب أن يكون الانسحاب بالطريقة المناسبة التي تحفظ للناس حقهم ومشاعرهم من الثناء الحسن ومعرفة الفضل وشكرهم على ما عرفت فيهم من الخير.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير ثم يرضيكم به، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ومن المهم في مثل هذه الأشياء أن يستأنس الإنسان برأي والديه وأخواته، وأيضا يدرس المسألة من كافة الجوانب، وينظر في الخيارات المتاحة والفرص التي أمامه، حتى يكون القرار مبني على قواعد صحيحة، ولكن نحن نريد أن نقول: فعلا مشوار الحياة الزوجية طويل، ولابد أن يبنى على قواعد ثابتة، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق، ونذكر بضرورة التوبة عن البدايات التي ربما كان فيها بعض المخالفات، ونحن دائما نتمنى أن تكون البداية بأن نطرق الأبواب، ثم بعد ذلك يحصل التعارف والسؤال من الطرفين، ثم نقرر بعد ذلك.
ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.