السؤال
السلام عليكم.
صديقتي غشت في الاختبار، فقلت لها مازحة: ربي سخر لك من غششتي منها، واستغفرت بعدها ولم أقصد الاستهزاء بالله، وقالت: لم أرد الغش، ولكن سخرها لي ربي ووجدتها أمامي وغششت، فهل هذا من الاستهزاء بالدين؟
أصبحت أوسوس في مسألة الاستهزاء كثيرا، حتى أفكر في أهلي بأنهم خرجوا من الملة، وأخاف عليهم من الكفر، علما أنهم ملتزمون بالصلاة ولا يرضون على دين الإسلام سوء، فهل يصاب الإنسان بالعين في دينه؟ أي أن يكون متدينا فيصاب بالعين فينتكس في دينه.
أنا مقبلة على فترة مهمة في حياتي، فكيف أنظم وقتي بحيث أرضي الله تعالى وأنجز أعمالي؟ وكيف أقوي إيماني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Meme حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصرف عنك هذه الوساوس، وأن ينجيك منها.
ونحن نبدأ نصيحتنا لك وإشارتنا عليك بموضوع الوسوسة، فإن سؤالك في الأساس ناشئ عن هذه الوساوس، وهذه الوساوس إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه حياته وأوقعته في أنواع من الضيق والحرج، ولذلك فنحن ننصحك بأن تبذلي قصارى جهدك في التخلص منها، وسيعينك الله تعالى على ذلك إذا استعنت به، ومما يعينك على ذلك أن تعلمي أن من أسلم فإنه لا يخرج عن إسلامه إلا بيقين، إذا جاء أو فعل مكفرا من المفكرات، وكان ذلك باختيار منه، وكان عالما بأن هذا مكفر، وانتفت عنه جميع الأعذار التي يعذر بها، وتحقق هذه الشروط في أشخاص معينين في غاية العسر ويحتاج إلى أهل العلم والقضاء الشرعي.
فإذا أدركت هذه الحقائق علمت أن وسوستك في خروج أشخاص معينين من أسرتك عن الإسلام إنما هي مجرد وساوس لا ينبغي أن تلتفتي إليها، ولا أن تسترسلي معها.
وأما سؤالك عن السخرية: فما دمت لا تقصدين الاستهزاء والسخرية بأحكام الله تعالى، فأنت على السلامة، فلا ينبغي لك بعد ذلك أن تشتغلي بالوسوسة التي يحاول الشيطان من خلالها أن يضيق عليك أمرك ويوقعك في أنواع من الغموم والهموم، وأنت في عافية منها.
وأصل هذه الكلمة التي قلتها لزميلتك (أن الله تعالى سخر لها من تغش منه)، هذه الكلمة ليست بعيدة من الحقيقة، من حيث أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخلق فعل العبد على الحقيقة، وإن كان العبد مسؤولا عن عمله، ومتسببا فيه، ولكنه إنما يفعل بتقدير الله تعالى، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى}، وتيسيره للعسرى معناه كما يقول المفسرون: أن الله تعالى يهيئه ويسهل عليه فعل الشر والفساد حتى يكون ذلك سائقا له إلى النار.
فإذا الله تعالى ييسر بعض العباد للعسرى، كما أنه ييسر بعض عباده الذين أحبهم لليسرى، وهذا كما قلنا إنما ليقطع عنك هذه الوساوس وتطمئني إلى أنك على إسلامك وإيمانك، وأن ما تجدينه من وسوسة أو تشكيك في إسلامك هو محض تشويش من الشيطان، استعيذي بالله تعالى منه، وسينجيك منه.
أما هل يصاب الإنسان بالعين في دينه إذا كان متدينا؟ فليس عندما ما نقطع به من ذلك نافيا أو إثباتا، ولكن العين تصيب الإنسان بكل نعمة يستحسنها العائن مع كيفية للنفس، وذلك لا يقع إلا بقدر الله تعالى، فإن العين لا تسبق القدر.
وأما عن ترتيب وقتك: فهذه مسألة تحتاج منك إلى بعض الوقت والاستعانة بالفتيات الطيبات والنساء الصالحات لملء حياتك وبرنامجك بالأشياء النافعة من أمور الدين أو من أمور الدنيا. رتبي وقتك بحيث تجعلين للواجبات والفرائض حظها ومواعيدها في اليوم والليلة، وأن تقسمي أوقاتك بعد ذلك على ما يمكنك فعله من الأعمال النافعة، سواء من أعمال الدين أو من أعمال الدنيا.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.