السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة، عمري ١٨ سنة، بدأت مشكلتي منذ سنتين، أما الآن فقد تطورت، أنا منعزلة، لا أخرج إلا نادرا، أكره التجمعات والعزائم، أكره الناس، أكره الحياة، وأرى أن الموت هو الخلاص، الصلاة صعبة جدا، ابتعدت عن الدين نهائيا، ونوعا ما أشعر بالقنوط، أشعر أن الله لا يستمع لي، أدعوه لكن ليس عندي إيمان وأمل أن يتحقق، رغم قربي الشديد من الله سابقا، أشعر بالضياع لا أعلم ماذا أفعل، وإلا أين أذهب، فحصت جسدي كثيرا، ما يظهر عندي شيء، أعاني منذ سنتين والموضوع يتطور.
هل هذا مرض روحي أم نفسي؟ تركت المدرسة صرت أدرس منازل، يعني أحضر للاختبارات فقط.
أرجوكم ساعدوني، أنا محتارة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا وسهلا بك.
ابنتي: رسالتك ينقصها الكثير من التفاصيل المهمة التي تساعدنا في فهم بعض الأمور في التشخيص.
هل لديك مشاكل في العائلة أو في المدرسة؟ هل مررت بتجربة فاشلة؟ هل بدأت حالة الحزن هذه تنتابك بعد حصول موقف معين من إحدى الصديقات؟ أم ماذا؟
لقد تحدثت عن الشعور بالحزن والشعور بالفشل، وعبرت أيضا عن أن الحياة لم تعد تعنيك ومثل هذه الأعراض أن استمرت معك، فهذا يجعلنا نقول أن الأعراض التي تعانين منها ما هي إلا تحت مسمى الاكتئاب.
بداية: أرى أنه من المهم أن تذهبي الى طبيب الصحة ليقوم ببعض التحاليل المخبرية التي تتعلق بمستوى الدم والحديد وببعض الفيتامينات، وبالإضافة إلى فحص الغدة الدرقية، وإن كانت النتيجة جيدة فعليك بالطبيب النفسي وأخبريه بالأعراض التي تعتريك فهو حتما سيساعدك بطريقة فعالة؛ لأنه يتمتع بالخبرة العلمية والتشخيصية.
تنفيذ ما يطلبه من تناول بعض الأدوية العلاجية أو تعليمات أخرى؛ لأن الطبيب يتمتع بالخبرة للتعامل بسهولة وتخفيف المعاناة، والتزمي بالدواء على الوقت؛ لأن أي تاخير في أخذ الدواء يؤدي إلى انتكاسة.
وهذه بعض النصائح:
استعيذي بالله وابدئي يومك بقراءة القرآن؛ فله أثر على تهدئة النفس، والشعور بالطمأنينة، ولا تنسي أذكار الصباح والمساء، وادعي لنفسك ولأهلك بعد كل صلاة، وأكثري من الاستغفار.
اشغلي روحك وفكرك بزيادة بر والديك وصلة أرحامك، واهتمامك بإخوتك؛ فهذه الأعمال تغذي النفس بما فيها من منفعة لك ولغيرك.
ركزي على دراستك وإن كانت الدراسة عن بعد، فهي تحتاج إلى تطوير وجهد؛ فهذا مستقبلك لتكوني فتاة مسلمة متميزة تمثل بلدها أمام العالم، فالعلم والثقافة سلاح الفتاة في هذا الزمن الصعب بسبب ما يشهده العالم من متغيرات سياسية واقتصادية إن لم يكن تغيير ملامح العالم الذي اعتدنا العيش فيه... والله رحيم بنا مما يجري من حولنا.
ولا تنسي أن تطمئنينا عنك ابنتنا الغالية.
نور الله دربك بالمحبة والعطاء.
++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. انتصار معروف استشاري اجتماعي وتطوير الذات، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفرجابي الاستشاري التربوي والشرعي.
++++++++++++++++++
مرحبا بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لك الطمأنينة، وأن ينزل عليك السكينة، وأن يحقق لك الآمال، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن من ذاقت حلاوة الصلاة والإنابة إلى الله تبارك وتعالى، وعرفت طريق الدعاء لن تخيب، ولذلك أرجو أن تستمري في الدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يبشر من يتوجه إلى الله فيقول: ((يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل)) قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: ((يقول: "قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي" فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء))، والدعاء مفتاح إلى الخيرات.
واسألي الله تبارك وتعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، ثم استمري في الصلاة، ولا تقفي عند صعوبتها، فإن الذي لا يريد لك الصلاة والخير هو عدونا الشيطان، وسعادتنا لا تتحقق إلا بمخالفة إبليس عليه لعائن الله، وقد أخبرنا خالقنا وأكد لنا عداوة الشيطان فقال: {إن الشيطان لكم عدو} وأمرنا ووجهنا فقال: {فاتخذوه عدوا} ثم بين سبب عدواته لنا فقال: {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}.
فخالفي هذا العدو، واجتهدي في الذكر والإنابة، وحافظي على الصلاة، وارفعي أكف الضراعة إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن في عودتك إلى الله تبارك وتعالى علاج للإشكال الذي عندك، فأنت بحاجة إلى أن تصلحي ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وتعودي إليه أحسن مما كنت، ولا تشعري بالضياع، فإن الذي وفقك وحفظك – والذي يحفظ الناس ويجلب لهم الأرزاق – هو الله تبارك وتعالى، لا تحتاري، لا تقولي (ماذا أفعل)؟
فتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، واحرصي على قراءة الأذكار والرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من أن تذهبي إلى راق شرعي يتق الله ويقيم الرقية الشرعية على قواعدها وضوابطها الشرعية.
لا نؤيد فكرة الانعزال عن الناس والبعد عن الناس، ولكن اختاري الصالحات، وكوني إلى جوار من تذكرك بالله تبارك وتعالى إذا نسيت، ومن تعينك على طاعة الله تبارك وتعالى إن ذكرت، ولا تحجزي نفسك، تواصلي مع والديك واطلبي مساعدتهم، واجتهدي دائما في النظر في الإيجابيات والبناء عليها، واستمعي للإرشادات التي وجهتك بها الأستاذة المتخصصة المستشارة، ونسعد بتواصلك مع الموقع وبمزيد من التفاصيل التي تعيننا على فهم ما يحصل، حتى نتمكن من المساعدة، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
ولا تستجيبي لعدو يريد لك أن تكرهي الناس وتعزلي نفسك حتى ينفرد بك، فالشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، واجعلي كتاب الله جليسا لا يمل وصاحبا لا يغش، وأقبلي على الله تبارك وتعالى، واستمري في الصلاة حتى لو حاول الشيطان أن يصعبها عليك، فإن فيها العلاج، وفيها الخير، وفيها الفلاح، وفيها النجاة، فالصلاة أمان في الدنيا، ونجاة في الآخرة.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.