السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 18 سنة، طالبة وعائلتي تساندني، وأموري جيدة، لكن في العام الأخير أصبحت منعزلة عن العالم ودخلت في اكتئاب لدرجة انعزلت عن كل الناس وبقيت وحيدة بلا صديقات، وكانت تأتيني وساوس فيها إثم وشرك بالله، حاولت التخلص من ذلك إلا أنني لم أقدر، حتى قراءة القرآن أصبح يضيق صدري، وأرى كوابيس عن الجنون.
كنت بحاجة لشخص يساندني وكنت ضعيفة ذلك الوقت إلى أن تعرفت على شخص يكبرني 10 سنوات، كان ملتزما ومحترما ومثقفا، وكنت أظنه هو من سيساعدني في التحسن، وصارحته بشأن الوساوس والأفكار، ووعدني أنه سيساعدني ويتحملني، لكن الآن أصبح ينتقدني على ذلك، رغم أنني صارحته منذ البداية، وكنت أدعو الله دائما أن يهديني وأستعيد إيماني، وذلك أشعرني بالسوء والنقص.
بعد فترة اتضح أنه نرجسي، وذلك واضح من خلال تصرفاته، تعبت من التعامل معه، والمشكلة أنه لا يمكنني الانسحاب لأنه خطبني من أهلي، سأجن منه، دائما يرد الذنب علي ويدقق في أصغر كلماتي، ويتحكم بي تحكما رهيبا حتى في ساعة نومي، وتسلط على كل شيء حتى أصبح يقول أنه يجب أن أفضله على عائلتي، وأني لن أزور عائلتي بعد الزواج كثيرا مما جعلني قلقة.
عند النقاش معه في مواضيع يفرض نفسه بالإجبار، ويغضب من تفكيري المختلف، ويعاقبني بقسوة ويتلذذ عندما يبكيني، أنا أصبحت أدرك كل هذا، ويعاملني بطريقة لا يتحملها أي إنسان، منذ بدأت معه مرضت وصار عندي متلازمة القولون العصبي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وأشعر بالذنب إذا تخليت عنه لأنه وحيد وليس عنده أحد غيري، فهو يتيم، وسيتمدر لو تركته حسب قوله، رغم ذلك لا يغير من تصرفاته، ويهددني بفسخ الخطوبة، أنا خائفة جدا وحائرة، هل أكمل مع شخص نرجسي؟ وهل النرجسيون يتغيرون بعد الزواج؟ ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة في موقعك، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على طاعته، إنه الكبير المتعال، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير، وأن يصلح لك البال.
لا شك أن هذا الشاب المذكور يحتاج إلى مزيد من الصبر، إذا كان صاحب دين وجاء إلى داركم من الباب، فأرجو أن تتقبلي ما عنده من نقص، فإنك لن تجدي شابا بلا عيوب، كما أن الشاب لن يجد فتاة بلا نقائص، ولذلك أرجو أن تكون هذه المسألة واضحة، وأنت من يقدر هذه الأمور، ولكن كنا بحاجة أن نعرف إيجابيات أكثر عن هذا الشاب، وهذا هو الاتجاه الذي نريد أن تفكري فيه، وتحشدي فرص النجاح معه، والجوانب المشرقة فيه، ثم تضعي جوانب الأشياء المزعجة التي تشيرين إليها.
ونحب أن نؤكد لك على قضية مهمة، وهي أن علاج مسألة الوساوس ينبغي أن يكون المرجع فيه إلى جهة شرعية، فإن هذه الوساوس علاجها سيكون سهلا عندما نتحرى المنهج الشرعي، الذي يبدأ بإهمالها، ويبدأ بأن ينصف الإنسان هذه الوساوس، فإن كانت في أمر العقائد فالإنسان ينبغي أن يقول: (آمنت بالله)، ثم يتعوذ بالله من الشيطان، ثم ينته ويقطع التواتر، وإن كانت في العبادات أو في الوضوء أو في الصلاة – أو في نحوها – فعليه أن يعالجها بالإهمال وعدم الرجوع، وعدم إعادة الصلاة أو إعادة الوضوء، وعندها سينصرف هذا العدو. المسألة قطعا تحتاج إلى مجاهدة، ولا تعتبر عيبا، ولكن المسألة تحتاج إلى أن تتوجهي في الاتجاه الصحيح الذي يساعدك على حل هذا الإشكال، فابحثي عن داعيات صالحات، أو عن دعاة من العلماء الأفاضل، وتواصلي معهم، وأعرضي ما عندك في هذا الاتجاه.
أما مسار الحياة ومسار إكمال الحياة الزوجية فأرجو ألا تستعجلي في أمر الفراق للشاب المذكور، وكوني قريبة من أهلك، واستمعي إلى وجهة نظرهم، وضعي هذا الشاب في المعيار الذي أشرنا إليه، معيار يكون فيه عرض للإيجابيات، ونضع إلى جوارها السلبيات، ثم ننظر في المآلات والبدائل المتاحة أمامك في هذه الحياة، ثم بعد ذلك يكون القرار الصحيح، ونحن قطعا لا نفضل مسألة الانتهاء من هذه الخطبة، أو إنهاء هذه العلاقة لأجل المواقف المذكورة، ونحب أن نؤكد أن كل إنسان ستكون فيه إيجابيات وفيه سلبيات، ولذلك اجتهدي في إصلاح نفسك، واجتهدي في إصلاح هذا الشاب المذكور، ونجد في أنفسهم ميل إلى إكمال المشوار معه، بعد وضع النقاط على الحروف، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك به، وأن يردك ويرده إلى الحق ردا جميلا.
ونشرف بمزيد من التواصل ومزيد من التوضيح، حتى ننجح في وضع خطط للعلاج وللإصلاح وللتصحيح، ولكننا نفضل أن تستمري على هذه المسيرة، مع ضرورة علاج أمر الوساوس والأمور الشرعية من جهة مختصة، ولا مانع أيضا من زيارة طبيبة مختصة، تستأنسين بوجهة نظرها وتستمعين لكلامها، وكذلك الشاب أيضا لا مانع من أن يذهب أيضا إلى جهات شرعية وجهات طبية إن كان يشعر ببعض الإشكالات.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.