السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أصبت بأعراض الاكتئاب في 2017، فبحثت عن الأعراض في موقع طبي وعرفت أنها قلق مزمن، حاولت تدارك مشكلتي بنفسي وفشلت، فتواصلت مع طبيبة نفسية، وتم التشخيص بمتلازمة القلق المزمن، وأن لدي نمط تفكير قلق، ظننت أنه سيزول، ولكنه لا زال موجودا، والآن اكتشفت إنه وسواس قهري، كان ملازما لي منذ صغري ولم أستطع تحديد هويته.
حياتي الاجتماعية انهارت، والأكاديمية كذلك، هذا غير الأفكار الجنسية القهرية، كل مرة أحاول الدراسة، أراقب الوقت، وتنتابني نوبات من الهلع، وأشعر بأن قلبي سينفجر من الألم، كل يوم أقترب من الجنون، وأنا معلقة بين الجنون والعقل.
امتحاناتي الجامعية بعد 10 أيام، ولم أدرس حرفا منذ بداية الفصل الدراسي، توقف عندي الإحساس، أصبحت متبلدة المشاعر، ولا أبدي أي رد فعل، كتومة بطبعي، حاولت إخبار والدي بمرضي فتفاجأت بكمية الهلع، مما زاد من قلقي، ومصابة بالاكتئاب، فأرجوكم أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيلاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
لديك أعراض قلقية كما تفضلت، وكثيرا ما يتولد الوسواس القهري وكذلك المخاوف من القلق، فإذا لا اختلاف أبدا في التشخيص، من ذكر لك أنك تعانين من قلق مزمن ولديك نمط تفكير قلقي كان محقا في ذلك، ومن قال لك أنك تعانين من شيء من الوسواس؛ هذا أيضا صحيح، لأن التداخل ما بين القلق والوسواس والمخاوف وحتى الاكتئاب البسيط – أو ما نسميه بـ (عسر المزاج) – هذا التداخل معروف ومثبت لدينا.
أيتها الفاضلة الكريمة: القلق يمكن أن يحول إلى طاقة إيجابية، وذلك من خلال التفكير الإيجابي. أفكار التشاؤم هذه التي تهيمن عليك يجب أن تغير، والله تعالى أعطانا القدرة على التغيير، وأكد ذلك بقوله: {إن الله لا يغيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، مجرد التفكير بأنك في بدايات سن الشباب، بأن الله تعالى قد حباك بمقدرات كثيرة وطاقات كثيرة؛ بمجرد التفكير والتدبر والتمعن في هذا الأمر قد يساعدك كثيرا لأن تنطلقي انطلاقات إيجابية في الحياة.
الاكتئاب كثيرا ما يكون ناتجا من استسلامنا للأفكار التشاؤمية، يرى علماء النفس – ومنهم آرون بك – أن الفكر السلبي المشوه هو الذي يجعلنا نكتئب، لذا هذا الفكر يجب أن يطرد، هذا الفكر يجب أن يتم تجاهله، يجب أن يتم تحقيره، فأرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن توازني الأمور موازنة صحيحة، وتدخلي في نوع من التدبر والتأمل، أو ما نسميه بالاستغراق الذهني، وسوف تجدين أن كل ما هو سيء ومحبط يوجد ما يقابله مما هو جميل ومفرح. هكذا الحياة.
الله تعالى أعطانا هذه الثنائيات كنوع من التوازن، القبيح يقابله الجميل، والشر يقابله الخير، والليل يقابله النهار، المرض يقابله الصحة، والفقر يقابله الغنى، وهكذا. إذا الإنسان يمكن أن يتخير.
فاطردي الفكر السلبي وتوكلي على الله، والآن بما أن الامتحانات قد أوشكت أريدك أن تكوني في حالة استرخاء، الامتحانات ليست حياة أو موت أبدا، أنا متأكد أنه لديك مقدرات، وأن المعلومات سوف تأتي، ومارسي بعض التمارين الاسترخائية الآن:
تمارين التنفس التدرجي: اجلسي في مكان هادئ في غرفة، أغمضي عينيك، تأملي في شيء جميل، استمعي لآيات من القرآن بصوت منخفض، أو فكري في أي شيء جميل في حياتك، وافتحي فمك قليلا، ثم خذي نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، واحجزي واحبسي الهواء في صدرك لمدة خمس ثوان، ثم أخرجي الهواء بكل بطء وقوة عن طريق الفم، شهيق لمدة سبع أو ثماني ثوان، ثم حبس للهواء في الصدر أربع أو خمس ثوان، ثم إخراج الهواء عن طريق الفم، وهذا هو الزفير، والذي يجب أيضا أن يستغرق سبع إلى ثمان ثوان. كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجدي فيه خيرا كثيرا إن شاء الله تعالى.
مارسي أيضا أي رياضة مناسبة لك، رياضة المشي سوف تكون ممتازة جدا.
سأصف لك دواء طيب وممتاز، لكن فعاليته لن تبدأ مباشرة، يحتاج لأسبوعين على الأقل حتى تحسين بفائدته المرجوة، الدواء يسمى علميا (سيرترالين) ويسمى تجاريا (زولفت)، أو (لوسترال)، الحبة تحتوي على خمسين مليجراما، تبدئين بنصف حبة، تتناولينها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة لمدة شهر، ثم حبتين لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.