السؤال
أعاني من صداع شبه دائم (مزمن) عبارة عن ألم متنقل على جانبي الرأس، وأحيانا حول العين وأحيانا بالرقبة (عبارة عن شد وتقلصات) بجانب ثقل في الرأس وعدم تركيز وأحيانا يلازم الصداع دوخة وحالة نفسية (ضيق وملل وتوتر واكتئاب بسيط جدا) بجانب اضطرابات في الجهاز الهضمي (إمساك عسر هضم).
قمت بعمل أشعة مقطعية على الجيوب الأنفية وكانت النتيجة سليمة ولا يوجد شيء، وقبل الأشعة كلما أذهب إلى طبيب أنف وأذن يقول لي: إنك تعاني من الجيوب الأنفية المزمنة، بالرغم من أن الأشعة نفت ذلك.
ذهبت بعدها إلى طبيب مخ وأعصاب، وشخص حالتي بأنها صداع، وتوتر، وكتب لي على دواء بوسبار 10 وديمارا، وتناولت العلاج لمدة 3 أشهر، ولم يأت العلاج بأي نتيجة.
نفسيتي تعبت جدا، لأن الصداع ملازم لي من أكثر من 10 سنوات، وأثر على حياتي وعلى نفسيتي لدرجة أني ذهبت للكثير من الأطباء النفسيين، حيث أنني شخصت حالتي بأنها نفسية في المقام الأول.
ليست عضوية، سؤالي ما الذي أعاني منه بالضبط وما هو علاجه؟
نفسيتي أصبحت في الحضيض وحياتي أصبحت جحيما، وأملي في الله ثم فيكم.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
لديك استشارة سابقة رقمها (2351726) أجبنا عليها بتاريخ 18/9/2017، وكنت تشتكي من القلق والتوتر والصداع التوتري.
الآن – أيها الفاضل الكريم – أنت لديك شكوى واضحة جدا، وهي: استمرار هذا الصداع مع عدم التركيز، وآلام متنقلة هنا وهناك، وفي معظمها تتمركز حول العين والرقبة، واضطراب في الجهاز الهضمي، وكذلك مشاكل الجيوب الأنفية.
أخي الكريم: أرجو أن أوضح لك حقيقة وأمر هام جدا، وهو: أن هنالك بعض الناس لديهم الاستعداد لما نسميه بالتضخيم أو التغليظ النفسي لأعراضهم الجسدية، يعني مثلا: إذا نام إنسان في وضعية خاطئة وحدث شيئا من الضغط على عضلات الرقبة، هذا ينتج عنه ألم، هذا شيء طبيعي لأي إنسان، لكن الإنسان الذي لديه القابلية والميول لما نسميه بالتغليظ النفسي للأعراض يكون لديه ألم شديد وصداع وتشنجات عضلية وشيء من هذا القبيل، لأنه لديه الاستعداد، لديه الهشاشة النفسية التي تجعل أعراضه متضخمة وزائدة أو شديدة، وتجد أن هذه الفئة من الناس – وأحسب أنك منهم، مع احترامي الشديد لشخصك الكريم – تتنقل لديهم الأعراض، مرة في الجهاز الهضمي، ومرة في فروة الرأس، ومرة في أسفل الظهر...وهكذا.
إذا أنت لديك استعدادا وقابلية لأن تتضخم لديك الأعراض الجسدية إن حدثت أو لم تحدث، مثلا: إذا أصبت بالأنفلونزا؛ هذا من الطبيعي أن يؤثر قليلا على الجيوب الأنفية.
الإنسان العادي الذي ليس لديه القابلية للتغليظ النفسي تمر هذه الأشياء دون أي تبعات سلبية، لكن الذي لديه هذه الحساسية النفسية وما يتبعها من تضخيم وزيادة وتغليظ نفسي للأعراض يظل يشكو ويشكو، ويبدأ يتنقل من طبيب إلى آخر.
إذا – أيها الفاضل الكريم – حالتك حالة نفسوجسدية، فأرجو أن تقتنع بعدم التردد على الأطباء وتجاهل هذه الأعراض، وأن تعيش حياة صحية مطمئنة هي وسيلة من وسائل العلاج.
كيف هي الحياة الصحية؟
أن تمارس الرياضة، تهتم بغذائك، تنام مبكرا، وتتجنب النوم أثناء النهار، وتحرص على الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتحرص على بقية العبادات، يكون لك تواصل اجتماعي ممتاز، ولا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، تقرأ، تطلع، تصاحب الصالحين والأفاضل من الناس، تبر والديك، تتطور في عملك ومهنتك – أخي الكريم – ويكون سقف تطلعاتك عاليا.
هذه – أخي الكريم – هي الأسس التي تصرف انتباهك من الأعراض التي تعاني منها. أرجو أن أكون قد أوضحت لك الأمر، فهو جلي جدا وواضح بالنسبة لنا.
أنصحك – أخي الكريم – أن تتناول عقار (دوجماتيل/سولبرايد) يخفف عليك كثيرا -إن شاء الله- هذه الأعراض، وجرعته المطلوبة في حالتك هي خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما صباحا يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. دواء جيد وفاعل، وسوف يساعدك، لكن أهم شيء هو نمط الحياة الإيجابي الذي يجب أن تنتهجه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.