السؤال
السلام عليكم
منذ أن بدأت هذه الجائحة وأنا متمسكة بتطبيق الحجر الصحي على أكمل وجه، لكن بدأت الحالة المادية تتدهور، واضطررت إلى قبول عمل، لكن مشكلتي أني كلما خرجت أصاب بالهلع والرعب من أن أصاب بكورونا.
علما أني -والحمد لله- لي ورد يومي من قراءة القرآن، كما ألزم الأدعية والاحتياطات الأخرى الضرورية كالكمامة والتعقيم، لكني الآن في مرحلة تفكير في التراجع عن العمل بسبب هذا الخوف الذي ينتابني.
كيف أخاف والله معي؟! هذا هو السؤال الذي يكاد يفقدني صوابي، أرجو منكم تقديم النصح لي لأني أثق بآرائكم وأعمل بها.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أختنا الكريمة وردا على استشارتك أقول:
عليك أن تكوني على يقين بأمور منها:
أن كل شيء بقضاء وقدر، فإن قدر الله على العبد أن يصاب بمرض معين فإنه سيصيبه، ولو كان في برج مشيد، يقول تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب، قال وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.
على العبد أن يعمل بالأسباب، فالعمل بالأسباب لتوقي الأمراض لا ينافي التوكل على الله سبحانه، فقد أمرنا الله سبحانه بالعمل بالأسباب، وكذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، فأمرنا بأن نعمل بالأسباب، وأن نسعى في الأرض لكسب الرزق، وقال عليه الصلاة والسلام: (فر من المجذوم فرارك من الأسد).
على العبد إحسان التوكل على الله تعالى، فمن توكل على الله كفاه كل ما أهمه، فينبغي أن نوقن أن ما أصابنا لم يكن ليخطأنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، ففي الحديث أن الله لما خلق القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة).
وقال عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنهما: (يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
في مثل هذه الأوضاع يجب على المسلم أن يحسن العمل، وأن يتوب إلى الله من الذنوب والمعاصي، وأن يحب لقاء ربه، ويكون مستعدا لذلك في أي وقت، فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ولا داعي للقلق والهلع، فما عند الله للعبد خير مما في هذه الدنيا.
عليك أن تحافظي على أذكار اليوم والليلة، فالأذكار من أسباب إبعاد المكاره عن الإنسان، فلا يضره شيء إن شاء الله تعالى، في يومه وليلته، فمن ضمن تلك الأذكار قوله عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء).
أنصحك أن تمارسي حياتك بشكل اعتيادي، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة بدون إفراط ولا تفريط، ولا داعي لشدة الخوف والرهب، فإنه إن نزل بالإنسان القدر ذهب النظر، كما قيل لابن عباس رضي الله عنهما: إن الهدهد ينظر إلى الماء وهو تحت الأرض فكيف يقع في شباك الصياد، فقال رضي الله عنه: (إذا نزل القدر بطل النظر).
أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، فذلك سيجب لقلبك الطمأنينة، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت اسجد وسلي ربك أن يصرف عنك الأدواء والأسقام والبلاء وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق وأن يصرف عنك كل مصيبة إنه سميع مجيب.