شعوري بالذنب تجاه زوجي يرهقني، فكيف بطفل يحتاجني بالكامل

0 29

السؤال

السلام عليكم.

متزوجة منذ سنة، وكنت دائما أتصور إن كنت سأحمل فبعد سنتين من الزواج، وأخبرت زوجي بذلك، لكن اتضح لي أن هذا الحد الزمني مجرد عذر لأتجنب الحمل، كلما مضى الوقت شعرت بالنفور من الفكرة أكثر، علما أني أعاني من اكتئاب مزمن وقلق (عالجته لمدة أشهر وتحسن، لذلك توقفت)، ويصعب علي التأقلم بعد كل تجربة جديدة، حتى الزواج وافقت على مضض بعد إقناع عصيب وطويل جدا، وفي بعض الأحيان أندم على زواجي، ليس كرها في زوجي، بل على العكس أشعر بأني ظلمته بزواجي منه، فهو يستحق الأفضل.

أنا مكتئبة ومحبطة، وليس لدي أي طاقة للحياة، وحين يذكر أمر الحمل أشعر بالحزن والعبء أكثر، فأنا لا أستطيع أن أشعر بالذنب تجاه شخصين زوجي وطفلي، شعوري بالذنب تجاه زوجي لوحده يرهقني، فكيف بطفل يحتاجني بالكامل كي ينمو بشكل سليم؟ أنا لست سليمة كيف أستطيع أن أنشئ طفلا سليما؟ فضلا عن أني لا أشعر بعاطفة الأمومة، فهي كما أراها أمر مرهق ومستنزف ويقيد الحياة كثيرا، يصبر عليه ويحبه من أراده، في حالتي لا يوجد رغبة، بالتالي لن أستطيع أن أواجه كل تلك الصعوبات القاسية، وسأنهار سريعا، كما أنني لم أحقق ذاتي، لم أرض عنها، وأشعر بالغربة في نفسي، ووجود طفل سيلتهم الوقت والطاقة التي أحتاجها لنفسي، أنا قلقة جدا وحزينة وأفكر أحيانا بالانفصال عن زوجي، رغم حبنا لبعضنا، وتفهمه كي ينتهي هذا الشعور بالذنب، ولأنه يستحق امرأة سعيدة وتسعده، ولكي لا أضطر أن أنجب وأندم.

أعتذر رسالتي طويلة وغير الواضحة، أرجوكم لا تقولوا لي حاولي وتحملي مثل البقية، أريد كلاما واقعيا وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ lama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

هذا التصرف التجنبي والشعور بأنه لا حاجة لك أن تكوني أما وتنجبي أطفالا شعورا مرفوضا وغير مرغوب، وهو إلى حد كبير ضد الطبيعة والفطرة البشرية.

ربما يكون عسر المزاج الذي تعانين منه أو مفاهيمك الخاطئة حول الأمومة أدت إلى هذه المشاعر.

بعض الأشخاص الذين لديهم مشاكل في الشخصية واضطرابات في الشخصية وتكون شخصياتهم غير متوازنة الأبعاد وغير مستقرة، ويكونون عرضة لاضطرابات مزاج مزمنة، هؤلاء قد لا يرغبون في تحمل مسؤولية الأمومة، ولذا يحدث نوع من النفور.

طبعا هذه الحالة تحتاج منك أن تجلسي مع نفسك، وتقيمي وضعك، والشيء الخطأ والسلبي والذي لا يقوم على منطق يجب أن يرفض من جانب الإنسان. أحيانا تتساقط علينا أفكار خاطئة، أفكار سلبية، أفكار نندم عليها بعد وقت من الزمن، وبكل أسف في بعض الأحيان بعد فوات الأوان.

فيجب أن تراجعي نفسك، ما أجمل الأمومة، وأنت تعملين معلمة في روضة أطفال، انظري إلى هؤلاء الصغار، انظري إلى هذه النعمة العظيمة، انظري إلى هذه الدعوة من زكريا عليه السلام {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، ومن إبراهيم عليه السلام: {رب هب لي من الصالحين}، دعوة عظيمة جدا من الخليل ومن زكريا - عليهما السلام -.

فالأمر يحتاج منك لمزيد من التدبر والتمعن، وهذا طبعا أمر من وجهة نظري لا يخلو من الغرابة، وإنجاب الذرية يعضد الزواج، يثبت الزواج، يقوي الزواج، ولا تنظري لنفسك الآن فقط، انظري لنفسك بعد عشرين عاما من الآن، بعد ثلاثين عاما من الآن، الإنسان يحتاج للسند، وأفضل سند هم الأبناء، ذكورا كانوا أم إناثا، فتحتاجين لتغيير المفهوم، ولا تتصرفي تصرفا تندمين عليه.

وأنا أراك تحملين كل سمات الكفاءة لأن تكوني أما، أستغرب لماذا أنت تحقرين ذاتك؟! لماذا تقللين من ذاتك؟! الله تعالى جعل الأمومة غريزة في ذاتك، فحين يأتي الطفل إن شاء الله ستقدمين له كل ما يمكن أن تقدميه من رعاية وحنان وعطف، لا، لا تقللي من شأنك.

وأنا أعتقد أنك محتاجة لمقابلة طبيب نفسي للمزيد من الجلسات، وأعتقد أيضا أنك تحتاجين لتناول أحد مضادات الاكتئاب، مثل عقار (بروزاك) والذي يسمى علميا (فلوكستين)، أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرا.

اجعلي نمط حياتك إيجابيا، نظمي وقتك، احرصي على الصلاة في وقتها، والدعاء، والورد القرآني، صلي رحمك، رفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، اطلعي، اقرئي، مارسي أي رياضة تناسب المرأة، كوني زوجة فاعلة، ولا تقللي من قيمتك ومن شأن نفسك، واسألي الله تعالى أن يوفقك، اسألي الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
_______________________________________

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم - استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.

وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي - مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
_______________________________________

مرحبا بك - بنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال، وأن يعمر دارك بهدوء البال وبالصالحين من العيال.

بداية نهنئك بهذه الفرصة التي وجدتها مع الدكتور محمد، ونشكره على هذه الإجابة الرائعة الشاملة، ونسأل الله أن ينفع به وبك، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

أما بالنسبة للسؤال والإجابة فلا نستطيع أن نزيد كثيرا على ما قاله الدكتور، وأعتقد أننا بحاجة إلى أن يتواصل زوجك لو أمكن؛حتى تصلكم بعض التوجيهات المهمة. وأريد أن أضع الكلام في شكل نقاط:

النقطة الأولى: ندعوك - بنتنا وأختنا الفاضلة - إلى مزيد من الدعاء واللجوء والقرب من الله تبارك وتعالى.

ثانيا: نحن بحاجة إلى أن نتدبر سويا لنصحح بعض المفاهيم، وستعرفين بحول الله وقوته أن مجيء الأطفال ما هو إلا مزيد من السعادة، بل التعب في تربيتهم والسهر لأجلهم هو أجر ورفعة عند الله، وهو طعم جميل تجده الأم عندما تعمل هذا العمل.

كذلك أيضا: مسألة التوافق مع الزوج والوصول معه إلى اتفاق، الشريعة لا تمنع من أن نقنن مجيء الأطفال، ولكن ليس تحديدا، بمعنى أن نحدد متى يكون الإنجاب، وبعد متى؟ وبعد ذلك تستخدم الوسائل المشروعة في تنظيم النسل. فلا مانع من التنظيم، ولكن المانع في أن يعتقد الإنسان أنه لا يستطيع أن يرزقهم أو لا يستطيع كذا، فهذا بأمر الله تبارك وتعالى، لذلك هنالك فرق بين تنظيم النسل، وهو يجوز بضوابطه وبين تحديد النسل، وهذا هو الممنوع، لأن الأرزاق بيد الله تبارك وتعالى.

أيضا نحتاج إلى تصحيح التصورات القديمة عند الإنسان، والإنسان بحاجة إلى أن يدرك أن هذه التصورات التي كانت تصاحب بعض الاضطرابات النفسية هي أيضا ستزول بزوالها، والحمد لله جاءتك توجيهات رائعة جدا من دكتورنا الفاضل الدكتور محمد، أرجو الاستفادة منها، ونسأل الله أن يعينك وأن يبلغك العافية.

بالنسبة لطاقة الحياة: طبعا هذه فرع عن التغير الذي يمكن أن يحدث، أولا في المفاهيم، ثم في الحالة النفسية، واعلمي أن رغبة زوجك في أن ينجب أطفالا هذا دليل على مزيد حبه لك، وأنت تستحقي هذا الزوج وهو يستحقك، وهو بالتالي من المهم جدا أن يتفهم ما عندك من معاناة، وعليه أيضا أن يكون عونا لك وسند في رعاية هؤلاء الأطفال الذين ستسعدوا بهم جميعا، بل سيكونوا امتدادا لعملكم الصالح بعد أن يمضي الإنسان من هذه الحياة.

أيضا أحب أن أركز على النقطة التي أشار إليها الدكتور محمد، وهي: النظرة البعيدة، النظرة في عواقب ومآلات الأمور، فما من رجل وامرأة إلا والأولاد أمنية لهم، ليس لأنهم ليس معهم تعب أو معاناة، ولكن لأنهم الأمل للإنسان بعد الله، ولأنهم للسند للإنسان بعد الله، ولأنهم امتداد لعملنا الصالح بعد أن نمضي إلى قبورنا.

كذلك أيضا نحب أن نؤكد لك أن هؤلاء الأطفال بقدر الصعوبات في تربيتهم ورعايتهم هم مصدر للبهجة، هم مصدر للزينة، {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} كما قال ربنا سبحانه وتعالى. وأعتقد أنهم جزء من الحل وجزء من العلاج، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا جميعا الذرية صالحة.

أما الطاقة التي تتحملينها في تربيتهم فهي مدد من الله تبارك وتعالى، ومعونة منه. كذلك أيضا تذكر الثواب الحاصل في تربيتهم، والأهم من ذلك هي الابتسامات الراجعة، المواقف النبيلة من هؤلاء الصغار الذين هم مصدر الجمال. وأنا أحب أن أقول: علينا أن نتفكر في حال الذين حرموا الذرية، واللائي حرمن حتى من مسألة الزواج، فالإنسان ينبغي أن يعرف نعم الله عليه ثم يؤدي شركها، ولن يعرف نعم الله عليه إلا إذا نظر إلى من هم أقل منه في كل أمور الدنيا، كما وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن ننظر إلى من هم أقل منا في أمور الدنيا، وننظر إلى من هم أعلى منا في أمور الآخرة، نتأسى بهم. والإنسان إذا نظر سيجد من هو أشد منه مرضا، ومن هم أشد منه معاناة، ومن هم أشد منه ابتلاء، عنده سيتوجه إلى الله ويلهج لسانه قائلا: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاهم به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا).

أكرر الترحيب بك في الموقع، وأرجو أن تنظري للأمر نظرة شاملة، ونحن نؤكد أن الأمر قطعا يحتاج منك إلى صبر ومصابرة، وستكون هناك معاناة، لا نقول أنه لا توجد معاناة، وأيضا لا نريد أن نقول لك فقط تحملي، لا، هذه حلول وضعها الدكتور، وهي نقاط أرجو أن تتواصلي معنا بعد ما تقومين بتنفيذ ما طلب منك، نحتاج إلى خطوات عملية.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات