السؤال
السلام عليكم
بداية أريد أن أشكركم على جهودكم المبذولة في خدمة الناس.
مشكتلي بدأت منذ 8 سنين، بدأت كأعراض انخفاض في الطاقة، وقلة التركيز، وتشتت وعدم إدراك، وضبابية، وقولون عصبي، وآلام في الرأس، ورشح متكرر، مع الوقت زادت المشكلة، وزاد معها عدم الإحساس بالمتعة والفرح، حتى وصلت لمرحلة كرهت فيها نفسي، وضعفت شخصيتي، وانعدمت ثقتي بسبب الفشل الدراسي الناتج عن مشاكل بالحفظ وانخفاض مستوى الفهم والتحليل، بعد أن كنت متميزا باتزان العقل والذكاء بين أقراني.
ذهبت لطبيب نفسي وشخصني بقلق (القلق من المستقبل)، وتناولت عدة جرعات من دواء وصفه لي ولكن لم أكمله، تناول الجرعات لأني لم أقتنع بتشخيصه.
مع مرور الوقت أدركت وجود رهاب وقلق اجتماعي متوسط إلى شديد، مع حدوث انتكاسات، وفي كثير من الأوقات لا أستطيع احتمال رؤية الأشخاص بالأماكن المزدحمة، فقط أريد الهروب من كل شيء والعودة للمنزل.
أخذت أعشابا طبيعية تساعد على خفض مستويات القلق، ولكن لم تكن فعالة بالمستوى المطلوب، كنت أظن أنها بسبب الخجل الشديد لدي، ولكن أدركت الاختلاف متأخرا.
لدي مشكلة تلاحقني بمعنى الكلمة (هي هواجس الأفكار مع مشاعر الغضب والندم الغير متحكم بها، التي ممكن أن تأتي في أي وقت دون استئذان)، وغيرها من تقلبات شديدة في المزاج، وشعور اللامبالاة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رائد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الأعراض التي بدأت عندك قبل ثمان سنوات هي أعراض قلق نفسي عام، ولا شك في ذلك.
انخفاض الطاقات، وانخفاض الدافعية، واضطراب التركيز، وظهور التشتت والضبابية، والأعراض الجسدية - كأعراض القولون وألم الرأس -: هذه كلها يسببها القلق النفسي المتوسط إلى الشديد، والقلق في مثل سنك حقيقة يؤدي إلى اضطراب كبير جدا في التركيز، لأن المقدرات المعرفية عند الإنسان لم تكن قد اكتملت. مخزون الذاكرة من حيث المعلومات، من حيث المهارات، من حيث القدرات لم يكن قد اكتمل، وهذا قطعا يختلف من إنسان مثلا عمره خمسين عاما، إذا أتاه القلق قد يؤثر على تركيزه، قد يؤدي إلى توتر، لكن قطعا درجة إدراكه تكون أفضل، التشتت يكون أقل، لأن المخزون الفكري والمعرفي والمهاراتي يكون عاليا، اكتسبه خلال السنين.
إذا حالتك هي حالة قلق عام، وبعد ذلك ظهرت لديك المخاوف - كما تفضلت - ذات الطابع الاجتماعي، والقلق كثيرا ما يكون مرتبطا بالرهاب أو بالوسوسة أو بعسر المزاج، كلها متداخلة.
والغضب أيضا سمة من سمات القلق النفسي. الإنسان حين يضيع عليه الطريق ولا يستطيع أن يتخذ القرارات الصحيحة أو يحس أنه لديه مقدرات لكنه يفشل في استغلالها يغضب، والنفس لها محابسها التي إذا لم تفتح بالصورة الصحيحة وبالوقت الصحيح وللهدف الصحيح يحدث الاحتقان والغضب. لذا نرى أن التعبير عن الذات وعدم الكتمان وممارسة الرياضة والإكثار من الاستغفار وتطبيق ما ورد في السنة المطهرة حيال إدارة الغضب هي العلاجات الأساسية لما تعاني منه.
أما بالنسبة للقلق: هذا فبدلا أن يكون قلقا سلبيا أريدك أن تجعله قلقا إيجابيا.
إذا كنت في محيط الدراسة يجب أن تجتهد في ذلك، إذا كنت في سوق العمل يجب أن تطور مهاراتك، يجب أن تكون لك طموحات، يجب أن تتواصل اجتماعيا، تحرص في صلواتك وبقية العبادات، على أن تؤديها على أفضل وجه. هنا يكون القلق قد تم استهلاكه بصورة إيجابية، وهذا علاج للقلق، وفي ذات الوقت يرتقي بالصحة النفسية.
اجعل لنفسك أهدافا، ولا تحكم على نفسك بمشاعرك، إنما بأفعالك، وهذا مهم جدا، والإنسان حين يكون شخصا فعالا بالرغم من قلقه وتوتره هذا يعود على الإنسان بإيجابيات كثيرة جدا.
عليك بالصحبة الطيبة، وبر الوالدين، أشياء تحسن الدافعية كثير.
هذه هي خطط العلاج الرئيسية بالنسبة لك.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فأعتقد أنك تحتاج لدواء بجرعة بسيطة صغيرة من أحد الأدوية السليمة. عقار مثل (زيروكسات CR) والذي يسمى (باروكستين) بجرعة 12,5 مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم 12,5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله، أعتقد أن ذلك سوف يساعدك في التحكم في القلق وفي الرهبة الاجتماعية، وأحسب أنه أيضا سوف يحسن من مزاجك، لكن لابد أن تستصحب العلاج الدوائي البسيط هذا بالفعاليات النفسية والسلوكية والاجتماعية والإسلامية التي تحدثنا عنها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.