السؤال
السلام عليكم..
أنا شاب أعزب أحب فتاة وأبتغي الزواج منها على سنة الله ورسوله، وهي من محافظة أخرى غير محافظتي، وعندما طلبت من أبي أن يأتي معي لخطبتها رفض بشدة وعرض علي فتاة أخرى من البلدة، ولكن لا أحبها ورفضت عرضه وتمسكت بالفتاة التي ارتاح لها قلبي، وقلت له لا أريد الزواج إلا من تلك الفتاة ولن أتزوج إنسانة لا أحبها رغما عني، فقال لي لن أخطو معك خطوة واحدة لا أنا ولا أعمامك إذا لم تسمع كلامي، واتهمني بالتعالي على أهلي والخروج من جلدتهم والتكبر عليهم.
هل رفضي عرضه هذا عقوق له؟
انصحوني، ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا، وأعتذر على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على بر والدك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى على أمثالك من الفضلاء أن الشاب هو صاحب القرار، كما أن الفتاة هي صاحبة القرار، وأن دور الأهل هو دور توجيهي إرشادي، لكن من المهم جدا أن يكون الأهل أولياء الفتاة وأهل الشاب في الصورة من البداية، لأن الناس أعداء ما يجهلوا، ومهما كان صلاح الفتاة فإن فرضها عليهم بهذه الطريقة من الأمور التي قد تواجه فيها صعوبات، وهذا الذي يظهر من خلال هذه الاستشارة.
ولذلك نحن ندعوك إلى ما يلي:
أولا: ينبغي أن تحسن التعامل مع الوالد، وتجتهد في إرضائه، وتستعين بعد الله بالأعمام والأخوال والدعاة والعلماء وكل المؤثرين على الوالد، من أجل أن يرضى. تجتهد في أن تستجلب رضاه. هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: من المصلحة أن تربط الفتاة المذكورة بوالدتك وأخواتك وعماتك وخالاتك، حتى يتعرفوا عليها، فإن الناس أعداء ما جهلوا.
الأمر المهم هو: دائما في مثل هذه الأحوال نحن نتمنى أن يكون الأهل من البداية في الصورة، فمن الخطأ أن يتمادى الشاب في علاقة مع فتاة ثم يفاجئ أهله، أو تفاجئ أهلها، وتكون العواطف (العواصف) قد ملأت وتمكنت من النفوس، ويأت الرفض فيحدث مثل هذه الإشكالات.
ليس أمامك الآن أهم من تلطيف الجو مع الوالد وطلب رضاه، والسعي في هذا الاتجاه من الأمور المهمة، وإذا كان رفض الوالد فقط لأنها بعيدة - مع صلاحها، مع دينها، مع أخلاقها، مع كذا - فلا مانع من أن تمضي في هذا السبيل، ولكننا ندعوك قبل ذلك إلى أن تفكر في الخيارات الأخرى، والتي منها: أن تظل تبحث، وتبحث وتبحث في العائلة، في إطار الأهل، عند الجيران، من نفس البيئة، فإن وجدت فتاة ترضاها فلا مانع من ذلك، وإلا فالأمر يحتاج منك إلى هذا الاجتهاد في التشاور وفي إدخال الوسطات، ثم في الاستخارة قبل الإقدام على هذا الأمر.
نحن لا ننصح بالعناد في مثل هذه المواقف، ونؤكد لأبنائنا الذين يأتوا من الدراسة ومعه خطيبة أو التي تنتهي من الدراسة وتأتي ومعها خاطب؛ أن الآباء انتظروا طويلا من أجل أن يختاروا لفتاتهم، ومن أجل أن يختاروا لابنهم، فمن الصعب عليهم أن يتفاجئوا بأن هذه الأمور قضيت دون علمهم ودون معرفتهم.
أنا أقول: هذه الفتاة قد تكون صالحة جدا ومناسبة جدا، ومثلها فعلا لا تترك، ولكن أتمنى أن تتخذ من الوسائل ما يخفف حدة هذا التوتر الحاصل، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونؤكد أن في بر الوالدين والسعي في إرضائهم خير كثير، بل هو باب من أبواب التوفيق في حياتك في شتى نواحيها، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسدد.