العلاقة بين الطالبة والمعلمة، كيف تكون صحيحة ومنضبطة؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو منكم مساعدتي ونصحي وتوعيتي.

أنا فتاة في أوائل العشرينات، كنت مسجلة في تحفيظ القرآن لمدة من الزمن، في السنة الأولى حفظت بعض الأجزاء، وفي السنة الثانية لم تناسبني أي من الحلقات الجماعية المتاحة للتسجيل، فاتفقت مع معلمتي السابقة أن أكمل معها حفظا على الهاتف، وأسجل في الحلقة للمراجعة فقط، ولكن انصدمت بأن الأخريات يحسبنني أني أريدها لحبي لها وتعلقي بها، لا أنكر أني أحبها حبا كبيرا، ولكنه حب في الله ولله؛ ولأنها حازمة وحنونة في آن واحد، فهي من مهدت لي طريق الحفظ، ولا أتخيلها إلا وهي تسمع لي، وتشرح لي، وتصحح لي، وتعاتبني عندما أقصر، وأسلم عليها فقط، وقد ساعدتني في أصعب الأوقات، وحمستني ووجهتني حتى وصلت للختم بفضل الله.

ولكن بحثت في الإنترنت وصدمت أن بعض الطالبات يحببن معلماتهن بطريقة أخرى، فكيف أفرق بين الحب في الله والحب والتعلق غير المحمود؟ وكيف أقرر إن كانت علاقتي بزميلاتي وأستاذاتي صحية وصحيحة؟ وكيف أوضح ذلك لكي لا أفهم بشكل خاطئ؟

أجيبوني جزاكم الله خيرا ووجهوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رورو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، وزادك الله خيرا وحفظا ومحافظة على كتاب الله -تبارك وتعالى- ويسر الله لنا ولك الخير والعلم النافع والعمل الصالح.

لا شك أن حرصك على أن تكملي الحفظ لكتاب الله -تبارك وتعالى- مع المعلمة بالطريقة المذكورة، مع بقائك معها في الحلقة الجماعية للمراجعة أمر سيكون فيه خير كثير، وكلام الناس لا ينتهي، وأحسنت بهذا السؤال الذي سنبين من خلال الإجابة عليه شروط الحب في الله تبارك وتعالى:

أول هذه الشروط: أن يكون الحب حبا في الله ولله وبالله، وعلى مراد الله.

الأمر الثاني: أن يزيد هذا الحب مع زيادة الطاعات لله تبارك وتعالى.

ثالثا: أن يكون في هذا الحب نصح وتناصح، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لمن نحب، وليس أحد أكبر من أن ينصح.

رابعا: أن يكون الحب لأجل الدين لا لأجل المظهر، ولا لأجل الثوب، ولا لأجل الشكل، ولا لأجل الظرف، فكل حب وكل صداقة لا تقوم على التقوى والإيمان تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

خامسا: أن تكون هذه المحبة للمعلمة أو للصديقة تحب الصالحات مثلها، ولا تحصر نفسها في حب معلمة واحدة أو صديقة واحدة؛ لأننا لا ننصح بهذه الطريقة التي يعقبها بعد ذلك الغيرة والتحسر والندم إذا ابتعدت، أو ماتت، أو تزوجت، أو نحو ذلك.

فإذا رعيت هذه النقاط ونجحت في أن تتجنبي الحب من أجل المظاهر أو التعلق الزائد الذي يكون للشكل وللمظهر وللجمال والثياب، كذلك أن تؤثر هذه العلاقة على الواجبات الشرعية كبر الوالدين والوظائف الواجبة على الإنسان، كذلك من الخطورة أن تكون هناك غيرة، بأن لا تقبلي أن تكون للمعلمة صديقة أخرى أو لا تقبلي أن تكون لهذه الصديقة صديقة أخرى؛ لأنها من حقها أن تصادق الصالحات، كما أنها صادقتك.

إذا انتبهنا لهذه النقاط فأرجو ألا يكون حرج في المسألة، ولست مطالبة بأن تشرحي لكل من يقابلك ولكل من يتكلم معك، ولكن أرجو أن تبيني بالأفعال وبالتصرفات الصحيحة منك ومن المعلمة المذكورة المشكورة، أرجو أن يكون التصرف الصحيح والتعامل الواضح الصريح هو أكبر رد على مثل هذه الاتهامات التي فيها توسع لوجود من يستخدم العلاقات استخداما غير صحيح، تتحول إلى تعلق، إلى عشق، إلى انحرافات -والعياذ بالله- وأنتم -ولله الحمد- أهل القرآن أبعد ما تكونون عن مثل هذه الانجرافات والانحرافات العاطفية.

فنسأل الله أن يعينك على الخير، واجعلي صداقتك للمعلمة أو حبك للمعلمة في الله ولله وبالله، واسمحي لهذا الحب أن يكون فرصة للتناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أيضا وسعي دائرة المحبة بينك وبين الصالحات الأخريات، احرصي - كما قلنا - على ألا يؤثر هذا الحب على الواجبات الأخرى، مثل بر الوالدين، ومثل أداء الصلاة في وقتها والمحافظة عليها، بأن لا تنشغلي بالمحادثات بينك وبين من تحبين عن أداء ما عليك من واجبات.

أيضا من المهم أن يكون التعلق بقدر، بحيث لا يشغلك في ليلك وفي نهارك وفي صلاتك - كما قلنا - هذا أيضا من الأمور التي ينبغي أن ننتبه لها، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وفكرة السؤال تدل على حرص.

نسأل الله أن يثبتك عليه، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، ونشرف بتواصل أمثالك مع موقعكم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات