السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيرا.
ما الفرق بين المرض النفسي والظاهرة النفسية؟ هل يمكن أن يتحول المرض النفسي كالقلق والهلع والوساوس والإحساس بأنك في عالم آخر؟ رغم أنك مستبصر لمرض عقلي، أو لمرض القلب والسكري والضغط؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاشق الهدوء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
المرض النفسي: هو مرض له شروط تشخيصية، له معايير تشخيصية، ويوجد التشخيص الإحصائي الأمريكي الخامس كتشخيص عالمي معتمد، وكذلك التشخيص العالمي العاشر، أيضا هو تشخيص معياري جدا، حددت فيه الأعراض ومدتها، وشروط التشخيص كلها.
إذا هذا هو المرض، والمرض يكون محسوسا جدا، إما أن يحس به صاحبه بصورة واضحة، أو يستشعره الآخرون، ويكون قطعا بالشدة التي تتطلب التدخل العلاجي، كما أنه يؤدي حقيقة إلى ضعف في الأداء الوظيفي والاجتماعي، فهذا هو المرض.
أما الظاهرة النفسية فهي أقل من ذلك كثيرا، قد يحس الإنسان بشيء من عدم الارتياح، بشيء من القلق، أعراض جسدية هنا وهناك ناتجة من القلق. هذه كثيرا لا تستوفي الشروط المعيارية لتشخيص المرض، فهي اقل درجة، وكثيرا ما تكون مرتبطة أيضا بالظروف الاجتماعية المحيطة بالإنسان وكذلك البناء النفسي لشخصيته.
ومثلا في هذه الأيام جائحة الكورونا ظهرت ظواهر نفسية كثيرة، وظهرت أمراض نفسية أيضا. من الظواهر النفسية العامة: أن كثيرا من الناس أصبحوا يبالغون مثلا في موضوع غسل اليدين، والمخاوف الشديدة، الحرص على الأطفال أكثر مما يجب، وتوجيههم في بعض الأمراض بصورة خاطئة، وهكذا، وفي ذات الوقت ظهرت أمراض نفسية حقيقية، نعرف أن هناك من أصيبوا بالاكتئاب الحاد الذي يتطلب إدخالهم إلى المستشفيات، الذين كان لديهم أمراض عقلية مثل الفصام أو الهوس، أصبحت تأتيهم انتكاسات أخرى. ومن الظواهر التي ظهرت أيضا ظاهرة العنف الأسري، خاصة في الدول الأوربية، ظهر الآن في كثير من الدول الأوروبية التعانف بين الأزواج، يظهر لأنهم ظلوا في فترات طويلة مع بعضهم البعض في البيوت، فهذه هي الفروقات -أخي الكريم-.
سؤالك الثاني: هل ممكن أن يتحول المرض النفسي كالقلق والهلع والهلاوس إلى مرض عقلي؟
هو حقيقة لا يتحول القلق والوسواس والهلع إلى مرض عقلي، لكن في حوالي عشرين إلى ثلاثين بالمائة من الأمراض العقلية تكون مسبوقة بقلق وهلع ووسوسة، والشعور بتغيرات واستغراب يحدث للإنسان، أو ما نسميه بـ (اضطراب الأنية)، لكن هي في ذاتها لا تتحول، إنما قد تكون مرحلة سابقة في حوالي خمس الذين يصابون بالأمراض العقلية.
الضغوطات النفسية الشديدة – كالقلق والتوترات – يقال أنها ربما تزيد من السكري والضغط، وحتى أنها قد تؤدي إلى أمراض القلب، لكن أنا أعتقد أن هذا يحدث في الناس الذين أصلا لديهم قابلية للسكر، نسبة للتاريخ الأسري مثلا، أو للضغط أيضا نسبة للوراثة، وأمراض القلب أيضا نسبة لعوامل أخرى كالتدخين أو السمنة، وحين تأتي الضغوط النفسية قد تعجل بالإصابة بالأمراض التي ذكرتها، إذا هي عامل مهيأ أكثر مما هي عامل مرسب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.