السؤال
أنا متزوج منذ عام 2013م، لدي الآن طفلان (ولد عمره 6 سنوات وبنت عمرها سنة ونصف)، وزوجتي تعاني من اضطراب الشخصية الشكاكة، ويبدو أن هذا المرض وراثي؛ حيث إن أمها تعاني من نفس المرض كذلك، ومما زاد الوضع سوءا هو أن أمها لم ترحمها أبدا، وحرمتها وجميع أخواتها من الأموال.
خلال الفترة الماضية لم تتوقف المشاكل بيني وبينها، وطلقتها مرتين، ووصلت لمرحلة أنها حاولت الانتحار بسبب مشاكلنا.
أنا -والله- تعبت كثيرا منها، ووصلت لحالة اليأس، وأصبح في قلبي جمود ونفور تجاهها، وأصبحت أسأل الله أن يبدلني زوجة خيرا منها، ولكني قرأت حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو: "ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال، فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيها ماله، وقد قال عز وجل: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)"
أسئلتي:
1- هل يجب علي تطليقها الطلقة الثالثة؟ بحيث أنها وأنا وكذلك الأولاد نرتاح من حالة التوتر والعنف التي نعيشها بشكل دائم، علما أنه لا يوجد لها أقرباء حيث نقيم؟
2- هل من حل بديل عن الطلاق؟ علما أني قد حاولت كثيرا ولكن دون جدوى!
3- في حال طلقتها وقامت بالانتحار هل أعتبر مذنبا وسببا في ذلك؟
4- هل الأطفال من حقي أم من حقها؟ (الولد بعمر 6 سنوات، والطفلة بعمر سنة ونصف تقريبا).
علما أن الأولاد يحبونني أكثر من أمهم، ومتعلقون بي لدرجة كبيرة، وأنا أخشى عليهم من سوء تصرفاتها.
في حال كان الأطفال من حقها، هل يحق لي أن أمنعها من أخذهم إلى بلدي الأصلي في حال قررت ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
الغاية والمقصد من الزواج حصول السكن النفسي، وما لم يحصل ذلك بعد بذل كل الأسباب المتاحة وصارت الحياة جحيما لا يطاق فإن الفراق يكون مشروعا في هذه الحال.
سوء أخلاق المرأة ونشوزها بأن يكون لسانها حادا، وتتكلم بالكلام القبيح، ولا تسمع كلام زوجها في الحق من مسوغات مفارقتها، ولكن ينبغي على الزوج أن ينظر في المآلات، وأن يعلم أن أكثر المتضررين من المفارقة هم الأبناء، فإن وجدت سبيلا للتعامل معها فذلك هو المطلوب.
الصبر دائما عاقبته خير، والمرأة لا تستقر على حال كما أخبر نبينا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إن كره منها خلقا رضي منها آخر).
لا ترم بكل الأسباب على زوجتك فإن كانت شكاكة فلربما هنالك أعمال أو أقوال تصدر منك تكون سببا في شكوكها التي أتعبتك، وبالتالي فاللوم ليس عليها إن كان الأمر كذلك، بل اللوم يتوجه إليك أنت، فاجتنب الأسباب تسلم من مشاكلها.
أذكرك بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم)، ومعنى عوان أي أسيرات.
اجتهد في تقوية إيمانها من خلال برنامج عملي مع مشاركتها في ذلك، واملأ أوقاتها عملا وشغلا نافعا، فالفراغ مفسدة.
خذها إلى طبيب نفساني، فلعلك تجد لديه علاجا لهذه الشكوك، فإن أكثرها وساوس ولها علاجات إن استعملتها بالطريقة التي سيصفها الطبيب دون انقطاع أو تغيير.
لا بد أن تمنحها فرصة مع عمل ما سبق، فلعل الله أن يشفيها فتقر عينك بها، كما قال سبحانه: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
إن جربت جميع الوسائل وما نفعت وعزمت على الطلاق، فعليك أولا أن توصلها إلى بيت أهلها، ومن ثم ترسل لها ورقة الطلاق بعد أن تحذرهم من أنها يمكن أن تؤذي نفسها، وإن حصل أنها فعلت فلست مؤاخذا على ذلك.
ما يخص الأبناء وهم في هذه السن الأصل أنهم يتبعون أمهم إن كانت صالحة للحضانة وللتربية، فإن كانت غير صالحة لذلك فينتقلون إلى أم الأم، فإن كانت غير صالحة فينتقلون إلى الخالة أخت الأم، فإن كانت غير صالحة أو ترفض ذلك فينتقلون إلى أم الأب، ويمكن في حال التنازل يتم تخيير من كان صالحا للتخيير فإن اختار الأم، فهو لها وعلى الأب النفقة، وإن اختار الأب أخذه.
في حال اتفقتم على أنها تأخذ الأبناء فلك الحق أن تمنعها من السفر بالأولاد، وعليك أن توفر لهم السكن اللائق بهم والنفقة الكافية.
من يقدر أن يفصل في أمر حضانة الأولاد هي المحكمة الشرعية أو التوافق فيما بين الزوجين بواسطة حكم مرضي من الطرفين.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لكم التوفيق.