السؤال
السلام عليكم.
عندي ابن عمره ثلاث سنوات ونصف، لا يتكلم، فقط ينطق بعض كلمات مثل بابا وماما، أو أريد ماء، أو يريد جده، تصرفاته وسلوكه طبيعي، يمسك يدي عندما يطلب شيئا عن طريق الإشارة، هو وحيد في المنزل، ولا يوجد أطفال يلعب معهم، هو يفهم بعض الأوامر: البس نعلك، أو اذهب لبيت جدك، ولكن بعض الأوامر لا يفهمها، أحيانا عندما أناديه يلبي ويأتي، وأحيانا يتجاهل النداء كأنه لم يسمع.
عندما كان عمره سنتين ونصف أخذته لمركز النطق، لم يستطيع تحمل بكاء الأطفال هناك، لأنه بسبب الكورونا فقد أمضى خمسة أشهر في البيت دون أن يختلط مع أحد، فقد كنت أعلمه الحروف العربية وكيفية نطقها، يحب مشاهدة التلفاز، ويغضب إذا نهيناه عن فعل ما، ويصبح عصبيا، أخذته إلى طبيب أخصائي مخ وأعصاب، وبدون فحص أو كلام شخصه بأن لديه فرط حركة، وضعف تركيز، في حين أن تركيزه قوي جدا، وحركته كثيرة، وهناك من قال بأنه لديه طيف توحد، وهناك من يقول بأن لديه تأخرا في النطق، وفي البيت نتكلم معه بلغتين، ويفهمهم، ولكن دون أن يتكلم، فهل فعلا طفلي يعاني من التوحد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lenda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختي الكريمة، إذا كانت القدرات العقلية عند طفلك توازي الأطفال الذين يجارونه بنفس العمر، لكنه يعاني تأخرا في مهارات الكلام واللغة فقط، فهذا يعني أنه بحاجة إلى جلسات لتحسين نطقه وتواصله.
أما إذا كانت قدراته العقلية أقل من "عمره الزمني" فهذا يدل على أن لديه تأخرا في النمو، بمعنى، إذا لاحظت أن قدراته العقلية أقل من قدرات طفل طبيعي بشكل ملاحظ، فهذا يدل على وجود تأخر لديه، والتأخر العقلي دائما يصاحبه تأخر في مهارات الكلام واللغة، وكلما ازدادت شدة التأخر العقلي ازدادت شدة صعوبات الكلام واللغة.
أما بالنسبة لاضطراب التوحد، فيما يلي وصف مختصر لهذا الاضطراب:
1- يظهر المصابين فيه أعراضا خفيفة، بينما يظهر آخرون أعراضا أكثر حدة.
2- والتوحد اضطراب نمائي، يسبب مشاكل في "التواصل" و"المهارات الاجتماعية" و"اللفظية" و"الحركية".
3-التوحد اضطراب طيفي Spectrum، مما يعني أن تأثيراته تختلف من شخص إلى شخص آخر، فلا يوجد شخصان مصابان بالتوحد لديهما نفس الأعراض.
4-تظهر الأعراض في مرحلة مبكرة من الطفولة، بشكل عام قبل سن الثالثة في كثير من الأحيان، والطفل يولد وهو يعاني من التوحد، ولكن تبدأ تظهر الأعراض بشكل واضح عندما يفترض أن يناغي الطفل ولا يناغي، أو يتكلم أول كلمة، أو أنه يتكلم ثم وبالتدريج يبدأ يفقد القدرة على الكلام وتقل حصيلته اللغوية، ويقل تواصله مع الآخرين بشكل واضح، لدرجة أن الأم تشك أن طفلها يعاني من الصمم أو ضعف السمع، وتأخذ الطفل ويتم فحص قدراته السمعية، لكن نتيجة الفحص تكون طبيعية على الأغلب.
5- يمكن أن يكون التوحد مصحوبا بإعاقات أخرى، مثل: الإعاقات الذهنية، ومشكلات في الحركة والتناسق، ومشاكل في الصحة الجسمية، مثل: اضطرابات النوم أو مشاكل الجهاز الهضمي، واضطراب ضعف الانتباه المصحوب بالنشاط المفرط.
6- لغاية الآن لم يتم التعرف على أسباب التوحد، كما لا يوجد علاج للتوحد، ومع ذلك، هناك عدد كبير من الأساليب العلاجية المختلفة التي قد يتخذها الشخص للمساعدة في تحسين حياة الأفراد المصابين بالتوحد.
أختي الكريمة، فيما يلي مجموعة من البنود التي تعطينا "مؤشرات أولية" إذا كان الطفل مصابا بالتوحد أم لا.
أولا: أعراض الصعوبات الاجتماعية:
1. يبدو غير مهتم أو مدرك لوجود أشخاص آخرين حوله، أو أحداث تتم بجانبه.
2. لا يعرف كيف يتواصل أو يلعب مع الآخرين، أو تكوين صداقات.
3. يفضل ألا يقوم الآخرين بلمسه أو الإمساك به أو احتضانه.
4. لا يلعب ألعاب "التخيل"، مثل: اللعب بالمكنسة الطويلة على أنها حصان، ولا يشارك الآخرين ألعابهم ولا يقلدهم، ولا يوظف الإبداع أثناء اللعب.
5. لديه صعوبة في فهم المشاعر أو التحدث عنها.
6. لا يبدو أنه يسمع عندما يتحدث إليه الآخرون.
7. لا يشارك اهتماماته أو إنجازاته مع الآخرين (رسوماته، ألعابه).
ثانيا: أعراض صعوبات النطق واللغة:
8. يكرر نفس الكلمات أو العبارات مرارا وتكرارا، غالبا بدون هدف التواصل.
9. يتحدث بنبرة صوت نمطية، أو بنغمة غريبة.
10. يستخدم اللغة بشكل غير صحيح (أخطاء نحوية ، كلمات خاطئة) أو يشير إلى نفسه في صيغة الغائب.
11. يجيب على السؤال بتكراره بدلا من الإجابة عليه.
12. لديه صعوبة في إيصال الاحتياجات أو الرغبات.
13. لا يفهم التوجيهات أو العبارات أو الأسئلة البسيطة.
14. يأخذ ما يقال حرفيا جدا (يفتقد إلى نبرة الفكاهة والسخرية).
15. يبدأ الكلام بعمر متأخر مقارنة بالطفل الطبيعي.
ثالثا: أعراض صعوبات التواصل غير اللفظي:
15. يتجنب التواصل بعينيه.
16. يستخدم تعابير وجهيه لا تتطابق مع ما يقوله.
17. لا يفهم تعابير وجه الآخرين ونبرة الصوت والإيماءات.
18. يؤدي عدد قليل من الإيماءات والتي تبدو باردة أو "تشبه الروبوت".
19. يتفاعل بشكل غير عادي مع المشاهد والروائح والأنسجة والأصوات. قد يكون حساس بشكل خاص للضوضاء العالية.
20. يقوم بحركات غريبة، مثل: المشي على رؤوس أصابع قدميه، يلوي أصابع يديه بطريقة غريبة.
إجراءات التدخل، فيما يلي مجموعة من الخطوات التي يجب اتباعها، ليتم تقديم التدخل المبكر بالشكل المناسب للطفل.
1- في حال ساورتك الشكوك بعد قراءتك للأعراض السابقة، أن طفلك لديه أكثر من النصف في كل مجال من المجالات السابقة الذكر (الاجتماعي، اللغة، التواصل غير اللفظي)، فلا تصدري حكما على طفلك أنه مصاب بالتوحد، بل يجب استكمال التقييم في عدة مجالات على أيدي اختصاصيين هم: (الاختصاصي النفسي، والعلاج الوظيفي، والكلام واللغة، والتربية الخاصة)، ويجب أن يجتمعوا جميعا على رأي واحد بالنسبة للطفل، أما التشخيص الطبي في مثل هذه الحالات فهو استنزاف للجهد والمال.
2- بغض النظر عن التقييم الذي سينتج من الخطوة (1) يجب البدء وبشكل عاجل في تلقي طفلك تدريب متخصص في الجانب الإدراكي واللغوي بشكل متواز.
3- يمكنك الاستفادة من برنامج "بورتيج" النمائي، وهو برنامج يبين لك "العمر النمائي" لطفلك مقارنة بالعمر الزمني، وهو موجود على شبكة الإنترنت بإمكانك الاطلاع على القوائم الخاصة بكل مجال من المجالات النمائية، ولتطبيقه اذهبي لقائمة المجال الاتصالي مثلا، وقفي عند عمر ابنك "الزمني" وهو ثلاث سنوات ونصف، وابدئي بقراءة الفقرات التي أقل من عمر ثلاث سنوات ونصف، حتى تصلي إلى الفقرات التي تشعرين أن طفلك يتقنها، انظري مقابل تلك الفقرات سترين العمر "النمائي الحقيقي" لطفلك، قد يكون ثلاث سنوات أو سنتين ونصف، ويمكنك استخدام تلك الفقرات للبدء بتدريب طفلك عليها في البيت لحين إيجاد مركز تربية خاصة مناسب لتدريبه.
ملاحظة: بانتظار تواصلكم معنا بعد قراءة هذه الاستشارة.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.