ملل وكسل وعدم الرغبة في أي عمل.. هل هذا اكتئاب؟

0 1025

السؤال

السلام عليكم.

أنا أرسلت لكم مشكلتي منذ سنتين تقريبا وعنونتموها بعنوان: ضحية الوسواس القهري.

أولا: أحب أن أبشركم أنني تخلصت وبشكل تام من جميع الوساوس التي ذكرتها في مشكلتي تلك وإن كنت لازلت أعاني من بعض القلق والذي دفع طبيبتي لإبقائي على 20 ملغ من سيروكسات ربما مدى الحياة؛ لاعتقادها أنه لا ضرر من ذلك إذ أن شخصيتي من النوع القلق ومعرضة للانتكاس بين لحظة وأخرى، وأنا مرتاحة على هذا الدواء والحمد لله.
قد تقولون: ما المشكلة إذن؟
المشكلة والتي أعتقد أنها امتداد لمشاكلي السابقة هي ما يلي:
أشعر بالكسل العارم وعدم الرغبة في فعل أي شيء سواء للتسلية، أو الأشياء التي يجب علي فعلها كالبحث عن وظيفة، أو مساعدة أمي في المنزل، أو عندما تطلب مني أمي مساعدتها أتذمر وأحس أنه ليس من حقها أن تأمرني بذلك، وأحيانا كثيرة أتظاهر بعدم سماعها لدرجة أنه عندما يزورنا بعض الضيوف تطلب مني أمي أمامهم جلب غرض ما وأتظاهر بعدم السماع مما يسبب لها الإحراج الشديد.

أنا على يقين أن ما أفعله غلط ولكن أنا نفسي لا أدري لم وصلت لهذه الدرجة من الاستهتار، عندما تطلب مني إحدى زميلاتي الخروج لنتسلى في مكان ما أشعر بالكسل وعدم الحماس، ولكني أخرج معها خجلا، خلال المشوار أنبسط كثيرا وأتسلى ولا أرغب في العودة للمنزل, عندما يعرض علي مشوار آخر أعود للكسل وعدم الحماس ثم السرور بعد أن أخرج وهكذا دواليك، ما هذا التعارض الذي يحدث؟ شيء غريب!

أضيف إلى ذلك أنني أقضي معظم وقتي خلال تواجدي في المنزل نائمة، ولا أبالغ إذا قلت: أنني أنام ما لا يقل عن 16 ساعة يوميا وأكرر يوميا، ليس لشعوري بالنعاس ولا لتعبي وإنما للهروب من شيء أنا نفسي لا أدري ما هو، لدرجة أن أهلي كلهم بدؤوا يتذمرون مني، وكثيرا ما تسبب ذلك بمشاكل بيني وبينهم لظنهم أني أتناول نوعا من المخدرات، رغم أني والله بريئة من كل ذلك وأنا نفسي لا أدري سبب تصرفاتي هذه.

أحب أن أنوه أنني لا أعاني من ميول انتحارية بتاتا، فقط أشعر بالملل والكسل وانفتاح هائل للشهية، وهذا جزء آخر من مشكلتي إذ أنني أعاني من زيادة متوقعة للوزن نتيجة الأكل وقلة الحركة، وأهلي يترجوني بأن أمارس المشي يوميا ولو لمدة قصيرة؛ لأنهم بدؤوا يتذمرون من شكلي، وكما يحدث عند أي مشوار أكسل قبل النزول للمشي، وخلال المشي أشعر بسعادة ثم أكسل قبل المشوار التالي وهكذا.

أخبروني بالله عليكم، هل هذا اكتئاب أم اكتئاب ثنائي القطب أم فصام أم هوس أم ماذا؟ ربما لا يوجد تسمية لهذه الحالة الغريبة.

ملاحظات:
1- لا أمر بفترات اكتئاب ثم هوس.
2- أنا مستبصرة بما أعاني منه، ولكن لا أعرف ما السبب وإن كنت أرغب لأن أعود إنسانة طبيعية تمارس حياتها بشكل طبيعي.
3- أثناء النوم أحلم أحلاما واقعية شديدة العمق وواضحة جدا لدرجة أنني أحتاج لبضع دقائق بعد الاستيقاظ من النوم للتفريق بين ما هو واقع وما هو حلم! ونومي متقلب نتيجة لذلك وغير مريح، قد يكون ذلك بسبب الدواء الذي أتناوله.

4- يطلب مني مساعدة أخي الصغير بالدراسة وأتذمر كالعادة، لكن أؤدي ذلك مجبرة، كرهت الأطفال وتدريسهم نتيجة لعناده وعدم رغبته بالدراسة لهذا أفكر بعدم الزواج والإنجاب مستقبلا لعدم المعاناة مع أطفالي، وأستغرب حينما أرى الأمهات يهتمون بأطفالهم وتدريسهم ولا أعلم كيف يتحملون ذلك.

5- أعاني من الصرف ببذخ والتبذير وهوس التسوق، وأهلي لا يبخلون علي بشيء، ولكن كثيرا ما حدثت مشاكل نتيجة لتصرفاتي وصرفي المال في غير محله ولأشياء لا داعي لها أو تافهة.

أعتقد أن هذا كل شيء، وأرجو الرد علي وإيجاد حل لهذه المشاكل؛ لأني أرغب بالتغيير الإيجابي بأسرع وقت، وشكرا لرحابة صدوركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مكتئبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
الحمد لله أن علة الوسواس القهرية قد انحسرت، وانتهت هذه المشكلة، وهذا في حد ذاته أمر مبشر جدا.

بالنسبة للاستمرار على العلاج كجرعة وقائية، فهذا أمر مطروح بين الكثير من الأطباء، فبعضهم يرى أن الإنسان إذا استمر على الجرعة الوقائية لفترة أطول، هذا سوف يمنع الانتكاسات، ولكن قطعا لا نقول أن الإنسان يجب أن يستمر على العلاج طوال حياته.

الأعراض التي ذكرتيها، وهي عدم الرغبة والدافعية في القيام بأي عمل أو نشاط، ثم بعد ذلك تجدين أنك مرتاحة ومسرورة إذا بدأت هذا العمل، فهذا في اعتقادي يمثل نوعا من الاضطراب البسيط في الشخصية، والذي تأتي منه فقدان الرغبة في عمل الأشياء وبدايتها، كما أن الأمر ربما يكون قد تعقد قليلا نسبة لوجود أعراض اكتئابية بسيطة.

المطلوب في هذه الحالة هو تقوية الإرادة، والإصرار دون أي مساومة أو تراخي مع النفس، أنصحك بأن تضعي برامج يومية، وأن تكتبي البرنامج الذي تودين تطبيقها في كل يوم، ويجب أن يكون البرنامج برنامجا معقولا، وبالإمكان تنفيذه، ولكن يجب أن أن لا يكون هناك أي تراخ من جانبك.

الالتزام بمثل هذه البرامج وجد أنه مفيد جدا ويساعد الإنسان للتخلص من عدم وجود صعوبة في بداية فعل الأشياء، كما أرجو أن تتذكري دائما أن الإنسان إذا أنجز أي عمل أو قام بأي مهمة وإن كانت بسيطة، هذا يمثل حافزا ودافعا نفسيا كبيرا له.

أنت والحمد لله في مقتبل العمر، وأمامك -إن شاء الله- أيام طيبة، فعليك أن تستغلي شبابك وقوتك وطاقاتك بصورة أكثر إيجابية وفعالية.

أرى أن الزيروكسات ربما يكون غير مناسب في وضعك الحالي، ومن الأفضل إيقافه واستبداله بالبروزاك وبنفس الجرعة – أي 20 مليجراما في اليوم - والسبب في ذلك أن البروزاك يزيد الدافعية والفعالية الجسدية والنفسية عند الإنسان، وأنت في حاجة شديدة لذلك، خاصة أنك ميالة للتكاسل والنوم والانزواء، فأرجو أن تبدئي بالبروزاك.

أنت والحمد لله لا تعانين من أي نوع من الهوس أو الاضطراب ثنائي القطبية، إنما هي حالة اكتئابية بسيطة مصحوبة بالوساوس، وربما تكون شخصيتك أيضا قد لعبت دورا في ذلك، فعليك المزيد من الدافعية.

الأحلام التي تنتابك كثيرا ما توجد حقيقة في الاكتئاب النفسي والقلق، وتكون مصاحبة في معظم الناس، وأرى أنها لا علاقة لها مطلقا بتناول الدواء، ولكن أنصحك مرة أخرى بممارسة الرياضة، وكذلك أن تتناولي وجبة العشاء مبكرا، وأن تكون الوجبة خفيفة، وعلى الإنسان أن يكون دائما ملتزما بأذكار النوم.

أرجو أن تكوني أكثر إيجابية فيما يختص بأختك الصغيرة والإشراف على دراستها ومساعدتها في المذاكرة، وهذا بالطبع عمل شيق وممتع جدا، وسوف تشعرين -إن شاء الله- بقيمته في يوم من الأيام.

الصرف البذخي لابد لك من التوقف عنه، ولابد للإنسان أن يعرف قيمة الأشياء، وعليك أن لا تكوني اندفاعية نحو الشراء، فهنالك دراسات تفيد أن الاندفاعية نحو الشراء قد تكون هي نوع من الوساوس في حد ذاته، وأرى أن البروزاك إن شاء الله سوف يساعدك في التقليل والتخفيف من ذلك، ولكن لابد لك أيضا أن تكون لك الضوابط القوية والرقابة الشديدة على ذاتك في هذا السياق.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات