السؤال
السلام عليكم.
منذ فترة أعاني من خوف دائم، والسبب كان التهابا في القولون -والحمد لله- عالجت الالتهاب ولكن الخوف في ازدياد، بدأت أخاف من الموت، واستمر معي فترة، وبعدها بدأت أخاف من أن أفقد ابنتي أو أحدا من أهلي، بدأت أتعالج بالقرآن والأذكار، ولكن الخوف يزداد أكثر لما أقرأ القرآن والأذكار، والآن بدأ معي الخوف من المستقبل.
أعرف أن الحل يكمن من نفسي، ولكني لا أستطيع التوقف عن التفكير بهذه الأمور.
أنا متعبة جدا، ولا أستطيع أن أستمتع بيومي، ولا أن أهتم بزوجي وعائلتي، أشعر بأني موجودة ولست كذلك، أرجو أن تفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Um Mohammed حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.
حالتك بسيطة -إن شاء الله-، الذي لديك هو قلق مخاوف، وقلق المخاوف أصبح منتشرا جدا في زماننا هذا.
بالنسبة لأعراض القولون العصبي: هذه الأعراض غالبا تكون ثانوية للقلق، يعني: يكون أصلا القلق لديك قد يكون قلقا مقنعا وغير واضح، أو قد تكون شخصيتك تحمل سمات القلق، وهذا جعلك عرضة لتقلصات القولون، وحين تظهر هذه التقلصات في القولون العصبي – وهي مزعجة – تسبب لك المزيد من القلق، وبعد ذلك يتحول الأمر إلى خوف، يتحول إلى وسوسة كما هو لديك الآن من أفكار.
الذي أنصحك به هو: الحرص على تجاهل هذه الأعراض، اصرفي انتباهك عنها عن طريق الأمل والتفاؤل، دائما الأمل والتفاؤل يدفع الإنسان دفعا إيجابيا، الحمد لله تعالى أنت متمسكة بالقرآن والأذكار، أسأل الله أن يجعل في ذلك عونا لك.
وأنت ذكرت أن الخوف يزداد عندما تقرئين القرآن: هذه الظاهرة معروفة، كثير من الناس يتصورون أنهم إذا قرءوا القرآن سوف يختفي الخوف منه في لحظته، لا، القرآن يبني طمأنينة في النفوس تدرجا حقيقة، وكثير من الناس حين تكون توقعاتهم أنهم إذا قرءوا شيئا من القرآن هذا يعني أن الأعراض سوف تختفي، وحين لا يحدث اختفاء للأعراض يزداد لديهم الشعور بالذنب والخوف، وتدور تساؤلات كثيرة في عقلهم الباطني حول إيمانهم ومعتقدهم، وهذا يسبب الكثير من الخوف.
أنت الحمد لله بخير، والقرآن لا شك أن فيه شفاء ورحمة لما في الصدور، { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، {قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}.
أنا أريدك أن تمارسي رياضة، رياضة المشي على وجه الخصوص، حاولي أن تكوني أن تكوني مجيدة في عملك، عليك بالتواصل الاجتماعي، فيه خير كثير لك.
وأنا أنصحك بتناول دواء، دواء بسيط جدا، دواء سليم، دواء فاعل، وإن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي هذا جيد، وإن لم يكن بالإمكان، فالدواء الذي أصفه لك يعرف علميا باسم (سيرترالين) وهو دواء سليم، غير إدماني، غير تعودي، لا أثر جانبي، ولا ضرر على الهرمونات النسائية، وحتى يمكن تناوله في أثناء الحمل، أو مع الرضاعة.
الجرعة المطلوبة في حالتك جرعة صغيرة إلى متوسطة، تبدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تتناولينها يوميا لمدة أسبوع، ثم اجعليها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم حبتين يوميا لمدة شهر آخر، ثم اجعليها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين.
مدة العلاج ليست طويلة أبدا، كما أن الجرعة تعتبر من الجرعات الصغيرة نسبيا، والدواء سليم وفاعل، وسوف تظهر نتائج العلاج بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية تناول الدواء، ولابد – وكما ذكرت لك سلفا – أن تجعلي نمط حياتك نمطا إيجابيا، هذا مهم.
عليك أن تحسني إدارة وقتك، عليك أن تمارسي رياضة مثل رياضة المشي، مهمة ومفيدة، وهي تقوي النفوس كما تقوي الأجساد.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.