مشكلتي في شخصيتي وإهمال دراستي.. ساعدوني

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعتذر مسبقا عن ركاكة اللغة، وإزعاجي لكم، أنا فتاة بعمر ١٦ عاما، سأقوم بجرد كل مشاكلي التي أعاني منها:

أول شيء فقط للتوضيح لا يمكنني بتاتا الذهاب لطبيب نفسي لأسباب عائلية.
مشاكلي:
شخصيتي: عندما كنت صغيرة كنت خجولة جدا، وعائلتي كانوا يستهزؤون بي ويلقبونني بفتاة غير عادية (anormale)، الشيء الذي أضعف من ثقتي بنفسي وباختياراتي، وعندما وصلت إلى الإعدادي حاولت أن أزيف شخصيتي لأصنع أصدقاء، لكنني لم أحصل عليهم، بل وفقدت شخصيتي، لم أعد أعلم كيف كنت، علاقتي مع الله علاقة مترابطة، لكني لم أكن مواظبة على الصلاة بوقتها، ولا أشعر بطمأنينة النفس إذا قرأت القرآن، أو استغفرت، أمارس العادة السرية، لا أستطيع تجاهل ما يقوله الناس عني، وكأني أعبدهم، وأريد أن أرضيهم وأخاف منهم، علاقتي مع أهلي وأصدقائي سيئة لأنهم يقومون بالإساءة إلي وهم مزيفون جدا، فكرت في الانتحار خمس مرات، أريد فقط أن أرتاح نفسيا وأتمتع بالثقة بنفسي.

أظن أنني أعاني من skizophrenia، لا أرضى بما قسمه الله سبحانه لي؛ لأنني أقارن نفسي بأناس آخرين، صرت أعاني من التبلد، مشكلتي الكبرى هي الدراسة، كنت سابقا أحصل على نقاط متميزة ليست عالية، لكني كنت أفتخر بنفسي، لكن منذ سنتين تحديدا ٢٠١٨ تشتت كل شيء، صرت آخر من في صفي، عائلتي يكرهونني، وأنا الآن في سنوات مهمة من حياتي الدراسية، وأظن السبب هو هاتفي أتعلق جدا به، أريد فقط أن أحصل نقاطا جيدة، وأتفرغ للعبادة والدراسة، ولا شيء غيرهما، وأريد أن أتفوق فيهما وأجتهد جدا.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك كثيرا على رسالتك هذه.

المشكلة الجوهرية هي أن التأثيرات السلبية التي أتت من محيطك التربوي، وأنت في سنوات الطفولة أدت إلى تقديرك لنفسك ولذاتك بصورة سلبية جدا؛ لأن الرسائل التي نتلقاها من محيطنا التربوي ومحيطنا العاطفي - وأقصد بذلك الأسرة - هذا يؤثر علينا كثيرا؛ لأن عقلنا الباطني وعقلنا الظاهري هو الذي يحلل ويسجل ويشفر هذه المعلومات، وهذه المشاعر، وهذه العواطف، ومن ثم هي التي تجعلنا نشعر بما نشعر به.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت والحمد لله تعالى في مرحلة إدراكية جيدة، عندك الاستبصار، وعندك القدرة للتمييز بين ما هو خطأ وبين ما هو صحيح، وأعجبني تماما إدراكك أن المرحلة السابقة قد أضرت بك لأسباب واضحة جدا، إذا أنت مدركة لهذه الأسباب في الوقت الحاضر، ويجب أن تكون قناعاتك أنها أسباب واهية، وأنها أسباب خاطئة، وأنت الحمد لله تعالى الآن لديك القدرة، ولديك -إن شاء الله تعالى- الإصرار والعزيمة على التغيير.

طبعا هنالك سلوكيات خاطئة كثيرة، مثلا التفكير في الانتحار، الشعور بالنقص دائما، الشعور بعدم الطمأنينة: هذه حقيقة؛ لأنك وضعت نفسك أيضا في نمط تفكير سالب، أنا لا أقول أن المسؤولية كلها تقع عليك، قطعا البيئة التربوية تلعب دورا كبيرا - مع احترامي الشديد لذويك - لكن أيضا هنالك مبالغة من ناحيتك في الشعور بالسلبية، فمثلا الآن أنت تعتقدين أنك تعانين من الفصام (سكيزوفرينيا - شيزوفرينيا Schizophrenia)، وهذا خطأ جسيم، الـ (سكيزوفرينيا) ليست لعبة وليست بالأمر الهين حتى تتهمي نفسك بهذا التشخيص، لا، أنا أعتقد أنه لديك إشكالية في شخصيتك، لديك مشكلة في البناء النفسي لشخصيتك، وظهر هذا في عدم استقرار عاطفي، وعدم استقرار وجداني، تقديرات سلبية للذات، وهذا نتج عنه قطعا عدم التميز في الدراسة - أو دعينا نقول - الإخفاق الجزئي في الدراسة، وتصورك السلبي عن نفسك.

الآن أنا أريدك أن تغلقي هذا الباب السلبي تماما، تنظري للحياة بإيجابية، تنظري للحياة بجمال، أنت والحمد لله تعالى في مراحل التكوين، وهذه المراحل فيها الكثير من التغيرات النفسية والجسدية والهرمونية والعاطفية، الإنسان يمكن أن يفصل هذه المرحلة وجدانيا كما يشاء، أريدك أن تفصليها التفصيل الإيجابي، أريدك دائما أن تكوني متشبثة بالأمل والرجاء، أن تكوني فتاة متطلعة للخير وللتوفيق وللسداد، أريدك أن تكوني فتاة بارة بوالديك، أن تكون لك مساهمات إيجابية في الأسرة، أن تحرصي على صلواتك، أن تكوني في رفقة الصالحات من البنات، أن تسعي دائما في الخير ومساعدة الغير، وهذه الأشياء يمكن للإنسان أن يزرعها في نفسه، وهذا هو الذي أطلبه منك.

ما مضى قد مضى، والآن أنت لديك القدرة ولديك الفكر ولديك المعرفة والوجدان الذي من خلاله يمكنك أن تتغيري، فأرجو اتباع ما ذكرته لك من إرشاد، ومن الأشياء المهمة أيضا أن تنظمي وقتك، نامي النوم الليلي المبكر، لا تنامي في أثناء النهار، استيقظي مبكرا، صل صلاة الفجر في وقتها، وادرسي بعد صلاة الفجر، هذا أفضل وقت للدراسة، والبكور فيه بركة كثيرة كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والآن أثبت وبما لا يدع مجالا من الشك أن الكثير من المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية تفرز ما بين الساعة الرابعة والسابعة صباحا، ودرجة التركيز تكون عالية جدا، ودرجة الدافعية أيضا تكون ممتازة لمن يوفقه الله لذلك، بمعنى أن الذي ينام مبكرا ويصلي صلاة الفجر تكون لديه دافعية للدراسة، وأنا أؤكد لك أن دراسة ساعة واحدة في هذا الوقت المبكر تعادل ساعتين أو ثلاث ساعات من بقية الأوقات في اليوم، كما أن الإنجازات الصباحية تؤدي إلى المزيد من الإنجازات في بقية اليوم؛ لأن الإنسان يكون في معنويات عالية، وتكون طاقاته متجددة ومندفعة نحو الأحسن.

إذا هذا أمر جوهري جدا، يجب أن تعتمدي عليه، كما أن الدراسة الجماعية قد تكون مفيدة لبعض الناس، مثلا أن تلتقي بزميلاتك مرة أو مرتين في الأسبوع، وتكون هنالك مناقشات علمية جيدة دراسية، هذه تثبت المعلومات، وأيضا تزيد الشغف نحو التعليم.

موضوع التعلم بالهاتف قطعا هذا أمر إرادي جدا، والإنسان يجب أن يحدد الأسبقيات ويحدد الأهميات في الحياة، كل الذين يتعلقون بالهاتف ويقضون أوقاتا طويلة فيه لا يعرفون أهمية واجباتهم، والواجبات هي طبقات حسب أهميتها، هنالك ما هو أهم، وهنالك ما هو أقل أهمية، فأرجو أن تستشعري ما هو أهم وتقومي بأدائه،.

نريدك حقيقة أن تعيشي حياة صحيحة متوازنة، تستمتعي بحياتك، تعيشي حياة إيجابية، ولا أحد يطلب منك أن تتفرغي للعبادة أبدا، العمل والدراسة هذا كله عبادة.

حافظي على صلاتك في وقتها، حافظي على وردك القرآني، كوني بارة بوالديك، احرصي على الأذكار، يمكن أن تدخلي في برنامج أيضا لحفظ شيء من القرآن الكريم، هذا هو المطلوب منك، وليس أكثر من ذلك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وما ذكرناه لك -إن شاء الله- هو الذي يقودك نحو الاستقرار النفسي والوجداني، ويفتح لك أبواب التفوق والتميز بحول الله وقوته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات