السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدأت قصتي بداية عام ٢٠١٩ حين أصبت بنوبة هلع شديدة ظننت أن قلبي سيتوقف من شدة الرعب، لم تأتني من قبل ولم أعرف ما هي نوبات الهلع؟ شخصيتي متزنة والحمد لله، والله أنعم علي بنعم كثيرة ووافرة لا يمكن حصرها ولله الحمد.
لم أكن أعاني قبلها إلا من متلازمة القولون العصبي، لكن في الوقت الذي بدأت قصتي مع نوبات الهلع كنت قد بدأت بالتدخين بواسطة (الفيب) وكنت أمر بفترة مستمرة من ضغط العمل النفسي الكثيف.
ذهبت إلى طبيب القلب الذي أكد لي أن النتائج سليمة، وترددت على أطباء الأعصاب والجهاز الهضمي، وكانت النتائج أيضا سليمة.
استمرت الأعراض بالظهور بحدة أقل بكثير، ولكن بتكرار أكثر إلى أن استقرت منذ سنة إلى الآن على نوبات قلق، وشعور بالعصبية والخوف، والتململ والضعف، وكأني سأفقد السيطرة على عقلي، خاصة صباحا بعد الاستيقاظ إلى ما بعد الظهر، حيث تخف الأعراض، أصبحت مفرط الحساسية لأي مسبب، وصرت ألحظ أي تغيير في جسمي، وأصبحت أكثر عزلة، ونزل وزني من ٧٥ إلى ٦٧ كغم.
راجعت منذ ثلاثة أشهر اختصاصي بالأمراض النفسية الذي شخص حالتي باضطراب القلق، ووصف لي ٣٠ملغم ريميرون وتمارين الاسترخاء.
تحسنت قليلا، وكسبت بعض الوزن الذي خسرته خاصة في أول شهر من العلاج، إلا أن نوبات القلق عادت من جديد خاصة في الصباح.
أصاب بنوبات قلق بعد التمارين الرياضية حتى لو كانت خفيفة، ونصحني الطبيب بالاستمرار على ريميرون وتدعيمه بدواء ديناكسيت عند الحاجة، فهل أنا في الطريق الصحيح نحو العلاج الكامل؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ R.sal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وكما تفضل الأخ الطبيب الذي قام بفحصك أنه لديك اضطراب القلق، مع شيء من نوبات الهلع البسيطة، ولديك أيضا ما يمكن أن نعتبره أعراض نفسوجسدية، كل الأعراض التي تحس بها متمركزة حول القلق.
فحالتك بسيطة، ولا نعتبرها مرضا، إنما هي ظاهرة.
أنا أعتقد أن التمارين الرياضية علاج أساسي، أنت ذكرت أنك قد أصبت بنوبة قلق بعد التمارين الرياضية، لكن هي علاج أساسي، أرجو ألا تبتعد عنها أبدا، حتى لو أصابك القلق فسوف ينتهي إن شاء الله تعالى.
وركز في ذات الوقت على التمارين الاسترخائية (تمارين التنفس التدرجي، تمارين الاستغراق الذهني والتأمل، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها)، ويمكن للأخصائي النفسي الذي يعمل مع الطبيب النفسي أن يدربك على هذه التمارين، أو يمكنك الاستعانة بأحد البرامج الجيدة الموجودة على اليوتيوب حول كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.
من أهم الأشياء التي يجب أن تسترشد بها هي: عدم التردد على الأطباء بكثرة. يمكن أن تذهب إلى طبيب الأسرة مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر مثلا من أجل إجراء الفحوصات الطبية العادية الروتينية، هذه تطمئن الناس كثيرا وتمنعهم من كثرة التردد على الأطباء.
شيء علاجي مهم جدا، هو: نمط حياتك يجب أن يكون فعالا، أن تجتهد في عملك، أن تحب عملك، أن تطور نفسك مهنيا، والتواصل الاجتماعي الآن يعتبر من أفضل وسائل العلاج التأهيلي، في دراسات كثيرة وجد أن الذين يقومون بواجباتهم الاجتماعية – مثل مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم – هؤلاء قلما يتعرضون للقلق وللتوترات والاكتئاب، بل هم من أسعد الناس.
الصلاة يجب أن تكون في وقتها، الصلاة مع الجماعة، تلاوة القرآن، خاصة الورد اليومي، الأذكار، الدعاء، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، ... هذه علاجات وعلاجات مهمة ورئيسية جدا.
فاحرص على هذه المنهجية وعلى هذا النمط من الحياة، وأنا على ثقة تامة أنك إن شاء الله تعالى سوف ترتقي بصحتك النفسية لدرجات أفضل وأعلى، وتعيش في راحة بال وسعادة بحول الله وقوته.
بالنسبة للعلاج الدوائي: طبعا الـ (ريمارون) ليس دواء مثاليا لعلاج نوبات الهلع والقلق الشديد، نعم هو دواء يحسن المزاج، يحسن النوم، يحسن الشهية نحو الطعام، يعالج الاكتئاب في المقام الأول، لكن ما دام الطبيب قد وصفه لك أعتقد أنك يمكن أن تستمر عليه، وأرى أنه يكفي تماما بجرعة نصف حبة (15 مليجرام) ليلا، قد تكون كافية. وفعلا الـ (ديناكسيت) سيكون داعما للريمارون.
تناول حبة واحدة من الديناكسيت صباحا لمدة شهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عنه، ويمكنك أن تتناوله عند اللزوم إذا حدثت لك أي نوبات قلق زائدة، وإن كنت أرى أنك لن تصاب بقلق مفرط أو زائد إذا جعلت نمط حياتك نمطا إيجابيا، ومارست الرياضة على الأسس التي ذكرناها لك.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.