السؤال
السلام عليكم..
قصتي بدأت في عام 2016 بسبب موجة من الرعاف والتعب التي أصابتني، فانتابتني فكرة وسواسية في رأسي بأنني مريض بمرض خطير سينهي حياتي، لكن تشجعت وذهبت للطبيب، وقام بفحوصات عامة، وأعطاني تحاليل، وكانت سليمة، ونسيت الأمر لغاية 2019 عندما أصبت برعشة وخوف وخفقان القلب ودوخة..إلخ، فقلت بأن المرض عاد، وهذه المرة نهايتي محتومة، ولكن تبين في التحاليل والفحوصات أنني سليم معافى، وشخصني بأنها نوبات هلع، فقررت الذهاب إلى طبيب نفسي، وقصصت له قصتي، فأعطاني ديبريتين 10غ حبة في اليوم + سولبيريد 50غ حبتين في اليوم، والحمدلله تحسنت.
لكن بعد أزمة كورونا أغلقت الطرقات، وعانيت من مدة الحجر الصحي، وقبل أسبوعين من الآن بينما أتصفح اليوتيوب وجدت أحد الاستشاريين يقول أن نوبات الهلع والاكتئاب تؤدي للانتحار، وبينما أنا أشاهد هاجمتني نوبة هلع، وجائت فكرة الانتحار في رأسي، وأصبت بهلع شديد، ومن ثم انتابني وسواس بأنني سأنتحر لا محالة، وأتخيل نفسي وأنسج سيناريوهات وأنا أقوم بالانتحار، ويصيبني الخوف الشديد لحد تلبك المعدة، ومن ثم لم تفارقني هذه الفكرة فصرت أتهرب من الأماكن العالية والسكاكين وأسلاك الكهرباء، لأنني عندما أكون في مكان عال تحثني فكرة على رمي نفسي، وأحيانا أنسى هذه الفكرة، وأحيانا تهاجمني، وأحكم على نفسي بأن نهايتي ستكون الانتحار، ويتملكني خوف وضيقة صدر شديدة واكتئاب، وعدت لطبيبي النفسي قبل أسبوع من الآن، وأعطاني مجددا ديربرتين 10غ وسولبيريد، فما العمل؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أخي: أنت لديك قابلية لقلق المخاوف، والذي بدوره يؤدي إلى الوساوس، لذا حدثت لك النوبة بعد الرعاف، ومن ثم ظهرت لديك نوبة الهرع والهلع، وقد تمثلت بأعراضها النفسية وكذلك أعراضها الجسدية التي ظهرت في شكل خفقان في القلب ودوخة.
الطبيب أعطاك العلاج الدوائي الصحيح، وقد تحسنت أحوالك، ثم جاءت أزمة الكورونا، وطبعا هذه الجائحة سببت ضغوطات نفسية للكثير من الناس، خاصة الذين لديهم هشاشة نفسية وقابلية للقلق وللمخاوف.
أنت تتأثر بما حولك بسرعة شديدة، والدليل القاطع على ذلك أنك حين تصفحت على اليوتيوب وجدت أن أحد الاستشاريين يقول أن نوبات الهلع والاكتئاب تؤدي إلى الانتحار. هنا حدث لك ما نسميه بالتأثير الإيحائي، وهذا ولد لديك هذه الوساوس السخيفة، المتعلقة حول التخوف من الانتحار.
أنا أؤكد لك أن صاحب الوساوس لا ينفذ محتواها القبيح أبدا، هناك الأم التي لا تدخل المطبخ لأنها تخاف أن تأخذ السكين وتطعن أبنائها، هذا لن يحدث أبدا، هي مجرد وساوس، وهناك الأب الذي يأتيه الشعور الوسواسي السخيف أنه سوف يعتدي على ابنته جنسيا، هذا بفضل الله تعالى لا يحدث أبدا.
فأصحاب الوساوس هم من أصحاب القيم والأخلاق العالية جدا، ويراعون الفضيلة كثيرا، لذا لا يقدمون على هذه الأفعال القبيحة، وقطعا الانتحار من أقبح هذه الأفعال.
السلوك التجنبي – وهكذا نسميه – الذي حدث لك هو نتيجة للوسوسة حول الانتحار.
حقر فكرة الخوف من الانتحار، وأكثر من الاستغفار، وعش مع الآية القرآنية العظيمة: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وأنا متأكد أنك لن تقدم على هذا الفعل الشنيع أبدا.
أيها الفاضل الكريم: لا تترك مجالا للفراغ، الفراغ مؤذي جدا، يولد الوسوسة، يولد القلق، يولد المخاوف، فأشغل نفسك بما هو مفيد: تواصل اجتماعيا، مارس رياضة، اقرأ واطلع واكتسب معلومات جديدة، أنشطة أسرية، أنشطة اجتماعية، تلاوة القرآن، الصلاة في وقتها، التدبر والتأمل الإيجابي، الحرص على أن تكون من المتميزين دراسيا، ... هذا سوف ينقلك تماما لوضع ممتاز، طاقات القلق هذه التي تحرك الوسواس سوف تتحول إلى طاقات إيجابية نافعة بالنسبة لك.
النقطة الأخيرة: أقول لك أن عقار (ديربرتين) يمكن أن ترفع جرعته إلى عشرين مليجراما، ويمكنك أن تستشير طبيبك في هذا الأمر، لأن عشرين مليجراما هي الجرعة العلاجية بالنسبة لهذا الدواء، وهو الـ (استالوبرام). أما الـ (سولبرايد) يمكنك الاستمرار عليه كما هو.
احرص على الرياضة، أيضا مفيدة، وتمارين الاسترخاء أيضا مفيدة، كل هذه أدوات علاجية مهمة جدا، وبجانب الدواء قطعا تؤدي إلى نتائج رائعة إن شاء الله تعالى.
وللفائدة راجع هذه الروابط: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.