أعمل وأعيل أسرتي ولكني أعاني الاستهزاء من زملائي.. هل أترك العمل؟

0 41

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد من الله علي منذ بداية العام تقريبا أن انضممت لبرنامج البناء المنهجي، وفيه نتعلم العلوم الشرعية ونحفظ القرآن الكريم بعون الله وفضله، شيئا فشيئا تغيرت نظرتي للدنيا، ولبست الحجاب الشرعي الذي يحبه الله تعالى ويرضاه رسوله الكريم اقتداء بزوجات النبي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن.

علما بأني أعمل في وسط إعلامي وتسويقي دنيوي بحت، ووسط فيه اختلاط كثير بالرجال، شيئا فشيئا تقلص حجم أعمالي في الشركة، أقصد إنتاجية العمل، وأغلقت أبواب مشاريع عديدة في العمل، وعلى إثره حفظت القرآن حتى وصلت الآن ولله الحمد للجزء الثامن، أجد صعوبة في حفظه، الآن أكرر مرارا وتكرارا، ولا أحفظ، لم أتهاون ولم أتنازل ولم أقنط، ومستعدة أن أقدم كل غال فداء لهذا الدين العظيم.

الآن عقدي مع الشركة على وشك الانتهاء، وأنا أعول أسرتي بأكملها؛ نظرا لأن والدي يعيش في بلد غير التي نعيش فيها أنا وعائلتي، أريد أن أترك العمل والشركة، حدثت بيني وبينهم مشاكل؛ لأنهم طلبوا مني القيام بمهام ليست بمهامي فقط من باب الطاعة، وأنا أرفض، حتى الموظفين أصبحوا ينمون علي من أمامي وأنا جالسة معهم استهزاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأنا في هذا العناء كل يوم ٨ ساعات، واقترحت على أمي فكرة العمل من المنزل، لكنها ترفض بشدة وتخاف من الفقر، وأنا أوقن أن من توكل على الله رزقه من حيث لا يحتسب، وأتوسل إلى الله عز وجل أن أستمر في حفظ القرآن الكريم، وتعلم العلوم الشرعية، وأن أسخر لهما جل وقتي وحياتي ومالي وروحي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونهنئك على هذه العودة إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والثبات، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك أن طاعة الوالدة مما تدعو إليه الشريعة، والحرص على العمل وسد هذا الباب – باب احتياج الأسرة – من الأمور العظيمة التي تجلب الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى، ونحن ندعوك إلى المحافظة الكاملة على هذا البرنامج، ندعوك للاستمرار وبشدة وبإصرار في حفظ كتاب الله والصعود في تعلم العلوم الشرعية، وندعوك مع هذا إلى التمسك بعملك ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

إذا كنت محافظة ومحجبة ومتسترة فلن يضرك كلام الناس أو لمزهم، واثبتي على الخير، فإن ثباتك يعتبر تشجيعا لأخريات على ارتداء الحجاب.

نحن نريد من المحجبة حجابا كاملا أن تثبت للناس أن المرأة المسلمة تستطيع أن تعمل وتمارس حياتها وتنجز وتجلب رزقها الحلال وهي متمسكة بحجابها ومتمسكة بحيائها دون أن تقدم أي تنازلات، فاستمري على العمل ما وجدت لذلك سبيلا، واعلمي أن سداد حاجة الأسرة والحرص على هذا العمل الذي فيه هذه الأرزاق من الأمور المهمة المطلوبة شرعا، للإضافة إلى تلبية رغبة الوالدة التي هي مقدمة على كل النوافل؛ لأن رضا الوالدة من الواجبات، والوالدة تريد لك ما فيه المصلحة وما فيه الخير.

وخوف الوالدة من الفقر طبعا نحن لا نؤيدها عليه، لأن الأمر بيد الله، لكن أيضا نذكرك بأن أمر الله ورزق الله تبارك وتعالى يحتاج منا إلى سعي وبذل، {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، قال سبحانه لمريم أم عيسى عليهما السلام: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا}.

ونحن نتفق أن العمل الميداني يختلف عن العمل من البعد أو من المنزل، ولذلك نتمنى أن تستمري وتواصلي العمل في هذا المكان، أو تبحثي عن عمل أنسب منه، في مكان يكون فيه النساء، أو تتاح لك فيه فرص أكبر للبعد عن الرجال وإنجاز الأعمال بالطريقة الصحيحة، وعليه: نحن نؤيد فكرة الاستمرار في العمل بالطريقة المذكورة، مع الاستمرار وبشدة وبإصرار في تعلم العلوم الشرعية وزيادة مستوى التدين والتمسك بهذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

فأنت ولله الحمد أنجزت هذا الإنجاز الكبير مع العمل، ولذلك هذا يثبت أن العمل لا يعوق التدين، ولا يمنع من تعلم العلوم الشرعية، وأن المؤمنة ينبغي أن تتذكر أنها مطالبة بفعل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

زادك الله حرصا، وخيرا، وبرا لوالدتك، وفضلا، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونرحب بك في موقعك في كل لحظة وفي كل وقت، حتى نتابع معك التطورات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع عليك في الرزق، وأن يزيدك من الفضل، وأن يثبتك على هذا الدين، وأن يجعلك سببا لمن تهتدي من الفضليات من بناتنا، ونسأل الله مرة أخرى وبلا حساب وبلا عدد لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات