عصبية زوجي تقودني لعلاقة أخرى.

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت صديقي الذي كان يحبني وأحببته لما أظهر لي من حب وحنية واحترام من أول سنة لي بالعلاقة، ومن ثم تم العقد لمدة سنة، ولم يظهر منه سوى كل شيء طيب وحب، وحنان ورحمة، ومجرد الزواج تغير هذا الرجل وأصبح قاس جدا، وعصبيا بشكل لا يعقل (علما أنه كان دائما يخبرني بأنه عصبي ولم أر منه أي فعل يدل على ذلك قبل الزواج)، عصبي بطريقة أنه من الممكن أن يصرخ ويكسر على شيء تافه مثلا: لعبة خسر فيها يقوم ويكسر البيت ويصرخ وينجن.

أنجبت منه طفلين الطفل الأول تأثر جدا من عصبيته، وأصبح كوالده مجنونا بالعصبية، ويصرخ بشكل دائم، ولا يحتمل أحد تماما كوالده، أنا كنت أحبه وما زلت على حبي له، وباقية على مشاعري وعلى ذكريات السنتين ما قبل الزواج، وكل يوم أو يومين تصير مشاكل بيننا، وبعد خمس سنوات من الزواج لم أعد أحترمه أبدا، أصبح يشتمني وأشتمه فأنا سليطة اللسان، وأصبحت لا أطيق عذابه أكثر فأرد له الصاع صاعين.

علما بأنني باقية على حبه لذلك لم أختر الانفصال، وكاتمة كل مشاكلنا بقلبي، حتى أهلي لم يكن لهم أي علم بمشاكلنا، عدت الأيام وصار لنا 8 سنوات متزوجون، وهنا كانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير، حدثت مشكلة ومن بعدها لم أعد أحبه، بل أصبحت أنبذه وأكرهه، وللأسف بعد عدة شهور وقعت في حب شاب غريب -أستغفر الله العظيم-، والآن الذنب يأكلني أكلا، ولا أستطيع أن آخذ قرارا بالانفصال بسبب إحساس بذنب هدم البيت، ولا أستطيع أن أترك حبي لهذا الشاب وأنهي علاقتي به؛ لأنه المكان الوحيد الذي أشعر به بأمان، أخاف من الله وأتوب وأرجع فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أختي الكريمة.
إن مراسلتك لنا وطلبك للنصيحة واعترافك مع نفسك أن ما تقومين به لا يرضي الله أكبر دليل على أن معدنك طيب، وتحملين في قلبك من تقوى الله ما يجعلك تشعرين بالذنب، وتقومين بالتوبة بعد كل مرة ترجعين فيها إلى المعصية، أدعو الله تعالى أن يثبتك في توبتك وأن يختر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

سؤالك لنا هو: أنك متزوجة من رجل عصبي جدا وقاسي الطباع، وقد حاولت معه كثيرا ولكن لم ينفع ذلك، وحدثت بينكما العديد من المشاكل التي جعلتك تفقدين محبتك واحترامك له بل وأصبحت تكرهينه وتنفرين منه، وهذا بلا شك جعل في داخلك فراغا عاطفيا من السهل ملؤه من أي رجل، وبالفعل هذا ما حدث فقد وقعت في حب شاب غريب جعلك تشعرين بالراحة والأمان معه، وأنت الآن في حيرة كبيرة من أمرك تشعرين بصعوبة في القرار، إضافة إلى شعورك بالذنب والمعصية والتوبة عنها ثم الرجوع إليها مكررا.

هذه بعض الأفكار التي سأشاركها معك وأتمنى أن تفيدك حقا:
- أنت بلا شك بمراسلتك لنا تبحثين عن الخيار الذي يؤدي إلى سعادتك وهذا حقك، فمن حقك الشرعي أن تعيشي سعيدة في زواجك، وأن تشعري بعلاقتك الزوجية أنها تعود عليك بالسكن والرحمة والمودة والطمأنينة، فالأصل في الزواج هو الاستقرار النفسي والاكتفاء به عن الحرام، وبالمقابل أيضا من حقك الشرعي أن تطلبي الطلاق إن أصبحت تكرهين زوجك وتنفرين منه، ولكن أتمنى منك أن تعطي فرصة حقيقية للإصلاح بينك وبين زوجك قبل قرار الانفصال إن عزمت عليه، وأن تبذلي كل جهدك في ذلك؛ لكي لا تندمي يوما ما وتتمنين لو أنك بذلت ما لم تبذليه، فقرار الانفصال غالبا يكون قرارا لا رجعة فيه.

- وقوعك بين نارين بلا شك هو أمر محير، ولكن الأصعب برأيي من هذا هو أن القرارين أحدهما حلالا"وهو الطلاق" والآخر حرام " وهو الزواج من شاب قد وقعت في حبه وأنت على ذمة رجل آخر شرعا"، لذا دعينا نناقش جميع الخيارات والسيناريوهات التي لديك بكل حيادية وموضوعية، فالتفكير العقلاني والتخيل الموضوعي سيساعدك كثيرا في اتخاذ القرار.

- أن تستمري في وضعك الحالي -أي تقضي حياتك وأنت بين هذين الخيارين- وغير قادرة على اتخاذ القرار بينهما والنتيجة هي تعاسة مع زوجك، وسعادة مؤقتة وزائفة وغير حلال مع الشاب مترافقة مع شعور كبير بالذنب كما يحدث معك الآن بالضبط.

- أن تطلبي الطلاق من زوجك وتتزوجي من الشاب الذي تحبينه الآن، وفي هذه الحالة سيترافق معك شعور تأنيب الضمير بشكل كبير ليس لأنك هدمت منزلك فحسب بل لأنك هدمته على علاقة حرام، وفتحت صفحة جديدة في حياتك على علاقة حرام أيضا (هذا الشعور بتأنيب الضمير يعذب صاحبه أشد عذاب ولا يتركه عادة بحاله مع مرور السنوات)، وهنا بهذا السيناريو يوجد أيضا احتمالان: إما أن تكون حياتك سعيدة مع ذلك الشاب، وإما أن تتغير بعض المعطيات لديه لتصبحي تعيسة معه أيضا.

- أن تطلبي الطلاق من زوجك بسبب الشاب الذي تحبينه ومن ثم يتخلى عنك وعن الزواج بك، وحينها ستكونين قد خسرت الخيارين معا دون أية فائدة.

- أن تقطعي علاقتك بذلك الشاب نهائيا، ومن ثم تعطين لنفسك فترة تفكير حقيقية للقرار بحياتك الزوجية سواء الاستمرار والإصلاح، أو الانفصال والطلاق، وخلال هذه الفترة لا يوجد بينك وبين الشاب أية تواصل، فتواصلك معه سيقلل من عزمك ومحاولتك الحقيقية للإصلاح، إضافة إلى ارتكابك للمعصية مجددا.

- أن تقطعي علاقتك مع الشاب نهائيا، وتقرري إكمال حياتك مع زوجك وأنت تعيسة.

- أن تقطعي علاقتك مع الشاب نهائيا وتقرري إكمال حياتك مع زوجك بعد عزمك الكامل على التغيير والإصلاح وحل المشكلات الموجودة بينكما، وقد تنجحين بذلك وتكملين حياتك سعيدة معه.

وبهذه الحالة أتمنى منك أن تفكري ب (ايجابيات زوجك/ سلبياتك أنت/ ما تستطيعين فعله أنت للإصلاح من المشاكل الموجودة في علاقتك الزوجية)، وأيضا ضعي في ذهنك أن مرحلة الإصلاح تحتاج فترة زمنية بلا شك، وحينها عليك أن تقطعي نهائيا أية تواصل مع ذلك الشاب.

- أن تقطعي علاقتك بذلك الشاب نهائيا ومن ثم تقررين الانفصال عن زوجك، وقد تجدين أن سعادتك بعدها ببقائك غير متزوجة إلى أن تجدي الخيار المناسب لك.

- أن تقطعي علاقتك بذلك الشاب نهائيا خوفا من الله ورغبة منك بترك معصية، ومن ثم تعطين لنفسك فرصة حقيقية للإصلاح من حياتك، ومن ثم قد تقررين الانفصال، ومن بعد الانفصال أنت حرة حيث يحق لك الارتباط شرعا بمن يتقدم لك على سنة الله، ولكن شعورك حينها سيكون مختلف تماما عن حالة أنك لم تقطعي علاقتك بالشاب وتتوبي عن معصيتك، فزواجك الجديد حينها لا يقوم على معصية تغضب الله، وهذا الشعور ب"رضا الله" لا يوجد أجمل من أن يرافقك دائما وخاصة أثناء اتخاذك للقرارات المصيرية في حياتك.

- جميع هذه السيناريوهات مطروحة أمامك، أتمنى منك أن تتخيليها مع نفسك مطولا، وأن تدرسي ايجابيات وسلبيات كل خيار على نفسك وأطفالك، ولكن النقطة الهامة هنا أنك لن تتمكني من اتخاذ القرار الصائب لك إلا إذا فكرت بشكل موضوعي وعقلاني، وهذا لن يتحقق باستمرارك بالعلاقة مع الشاب فهي أكبر مشتت لتفكيرك، وتؤثر عليك بشكل كبير وزائف بنفس الوقت، فمن غير العدل أن تقارني رجلين: أحدهما قد اكتشفت فيه كامل سلبياته، والآخر لم تكتشفي فيه سوى الجانب الإيجابي والأكثر تجميلا!

- أثناء تفكيرك بجميع الخيارات أتمنى منك أن تفكري دائما بمصلحة أبنائك، فليس لهم من هو حريص على مصلحتهم أكثر منك، ومصلحتهم هي أن يعيشوا في جو يسوده الأمان النفسي والاستقرار والإشباع العاطفي.

- لذا أعيد وأنصحك بقطع علاقتك مع الشاب نهائيا والعزم على التوبة الصادقة في ذلك وانوي ذلك لوجه الله تعالى، وتذكري قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه، ومن ثم لك الحرية في التفكير الجدي بقرار الانفصال أو الاستمرار، بعيدا عن أية مؤثرات خارجية على قرارك، فالهدف من ذلك أن يكون قرارك عن قناعة كاملة منك، لا هروبا من معاناة، أو تأثرا بنقص عاطفي لديك قد تم إشباعه بشكل خاطئ، فالإنسان عندما يشعر بنقص ما من الطبيعي أنه يميل بقوة وسرعة إلى أية خيار يسد له ذلك النقص والجوع العاطفي سواء كان ذلك الخيار جيد له أم لا.

- أخيرا اعلمي عزيزتي أنك عندما تتخذين قرارك فهو قرار لا رجعة منه، وأنت فقط من ستتحمل كامل عواقبه وتبعاته، وهذه التبعات لن يحملها عنك أية شخص كان سواء ذلك الشاب أو غيره، لذا كوني صادقة مع نفسك في التفكير الموضوعي، وفكري مطولا وثم قرري كل قرار على حدى -أي لا تربطي نهائيا بين قرار استمرارك أو انفصالك وبين قرار تركك للشاب أو لا.

بعد أخذك للأسباب أتمنى منك ألا تنسي القيام بصلاة الاستخارة فالله تعالى أعلم وأبصر بما هو خير لنا وشر لنا على المدى القريب والبعيد.

ختاما: أدعو الله الكريم أن يكون لك خير معين في قرارك، وأن يريح قلبك وبالك، وأن يرزقك الخير حيث كان ويرضيك به.

وأتمنى أن تكون إجابتي قد أفادتك، ولا تترددي في مراسلتنا مجددا إن كانت لديك أية استفسارات أخرى، وللاطمئنان عنك.

دمت بحفظ الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات