أعاني من عدم التركيز وانفعالاتي غير مضبوطة، فما السبب؟

0 14

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أنني منذ صغري أشعر بالاختلاف، ومنذ صغري وأنا أبحث عن مسمى لما أنا فيه، غير اجتماعية، ومزاجي متقلب بسرعة، ولا أركز في الحصص مع المدرسين، ولا أدرك الأمور جيدا، أشعر بالحزن سريعا، وأشعر بالفرح سريعا، أتنقل من هدف لهدف ومن مهمة لمهمة، لا أستطيع مواصلة الاتجاه نحو هدف بعيد المدى، علاقاتي بالآخرين متوترة، لا أشعر بالثقة بالنفس ولا بقوة الشخصية، وجودي بين الآخرين مثل عدمه، من حولي أحيانا يتهمونني بالكسل والمماطلة والتسويف وعدم الإرادة وعدم المسؤولية، وأن مشاعري طفولية غير ناضجة، رغم أني متفوقة في دراستي، لكن كان هذا بعد عناء شديد.

بعد البحث عن مسمى لمشكلتي طوال السنوات السابقة، وجدت أن اضطراب قصور الانتباه المصحوب بالنشاط الزائد ADHD ينطبق علي تماما، في كل شيء منذ الصغر وحتى الآن، إضافة إلى أن أمي -رحمها الله- كانت لديها نفس الأعراض، وبعض إخوتي كذلك، شعرت أن ثمة شيء وراثي عندنا في عائلتنا.

الآن أنا تعبت مما أعانيه، ولا أستطيع في الوقت الحالي الذهاب لطبيب نفسي، ولا أدري ماذا أفعل؟ حياتي متوقفة، والآخرون لا يفهمون ما أمر به، تعبت من لومهم وعتابهم، أشعر أن ما أنا فيه خارج عن إرادتي.

لا أستطيع التفريق بين فشلي الناتج عن تقصيري وفشلي الناتج عن مشكلة خارجة عن إرادتي، لا أحب الاختلاط بالناس، الآخرون تقدموا وأنا ما زلت في مكاني منشغلة بأحلام اليقظة والأوهام، علما أني أحب التفوق والجد، وطول حياتي أحاول وأعاني، لكن هناك ما يمنعني.

ما العمل؟ هل أنا السبب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

الأعراض النفسية والظواهر النفسية التي تعانين منها والتي تتمحور حول التقلب المزاجي والشعور بالخواء الداخلي – في بعض الأحيان – والشعور بالفرح في أحيان أخرى، وعدم وضوح الرؤية حول الأهداف: كل هذا الذي تعانين منه بالفعل قد يناسب جدا تشخيص قصور الانتباه المصحوب بالنشاط الزائد، لكن في ذات الوقت قد يناسب أيضا درجة بسيطة جدا من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وقد يناسب أيضا تشخيص ما يسمى بالشخصية الحدية أو الشخصية البينية.

فإذا التشخيص في الطب النفسي حقيقة فيه سعة وفيه تداخل كبير جدا، لذا أنا أقول أن المسميات التشخيصية ليست ضرورية في بعض الأحيان، المهم هو أن يصحح الإنسان مساره، والإنسان أصلا هو مشاعر وأفكار وأفعال، الشعور قد يكون سلبيا، الفكر قد يكون سلبيا.

لكن الإنسان يمكن أن يغير من فكره ومشاعره من خلال الفعالية، أن يكون لديه الإصرار على الإنجاز، يحسن إدارة الوقت، يحدد الأهداف: ينجز، يتواصل اجتماعيا، مشاركات أسرية إيجابية، بر الوالدين، ممارسة الرياضة، وضع أهداف بصورة واضحة (أهداف آنية في وقتها يومية، أهداف متوسطة المدى تحقق شهريا مثلا، وأهداف بعيدة المدى تنجز في ثلاثة أو ستة أشهر مثلا)، ويضع الآليات التي توصله إلى أهدافه.

إذا من خلال هذه الفعاليات حتى وإن وجد الإنسان صعوبة في تنفيذها وتطبيقها لكن لا بد أن يكون لديه الإصرار، والإصرار والتكرار، ولا ييأس الإنسان أبدا، أديسون الذي اكتشف المصباح الكهربائي حاول وحاول مئات المرات حتى اخترع واكتشف الكهرباء، حتى أنار لنا الدنيا، فإذا الروح التي فيها الإصرار والاستفادة من الطاقات يجب أن تكون هي الديدن الرئيسي الذي ينطلق من خلالها الإنسان نحو أهدافه، وهذا هو الذي أنصحك به.

وأنا حقيقة أبشرك بأن الإنسان يتغير، الإنسان يتطور، حتى الذين يعانون من الشخصية الحدية؛ تطوروا وتغيروا، وإن كانت هي من التشخيصات السخيفة جدا، الذين يعانون من الاضطرابات المزاجية، الذين يعانون من ضعف الانتباه وتشتت التركيز والفرط في الحركة: تحسنوا جدا، لأن الإنسان أصلا الشيء المعروف عنه أنه يتغير ويتطور، الأمر يحتاج لشيء من الدافعية، يحتاج لشيء من الإصرار، يحتاج لشيء من النية الصادقة والقوية، يحتاج لشيء من القصد والعزم، ثم يتوكل على الله، ويستعين به ولا يعجز.

ولا بد أن يكون هنالك أهداف، لأن الوصول للهدف هو مكافأة كبيرة جدا، ولا بد أن يحرص الإنسان على أمور دينه: الصلاة يجب أن تكون في وقتها، التفقه في الدين والثقافة الدينية، الحرص على الأذكار وتلاوة القرآن، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الناس وعمل الخير، هذه أسلحة عظيمة جدا، تقوي الشخصية وتنميها، وتطورها.

هذه نصائحي لك، وقطعا تناول شيئا من محسنات المزاج في مثل حالتك أيضا سوف يكون مفيدا جدا.

إذا طبقي ما ذكرته لك، وحين تحين لك فرصة الذهاب إلى الطبيب النفسي سوف يعطيك المزيد من الإرشاد، وسوف يصف لك أحد محسنات ومثبتات المزاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات