السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله وجزاكم الله خيرا على حسن النصيحة ..
أبلغ من العمر 42 عاما، متزوج منذ 13 عاما، ولي من الأولاد ثلاثة، والحمد لله على النعمة.
مشكلتي هي أن زوجتي لا تحب عمل المنزل من نظافة وطعام، وكذلك العلاقة الزوجية، فضلا عن سوء تدبيرها في متطلبات المنزل والطعام والشراب، وكثرة فساد هذا الأشياء، ورميها دون الاستفادة منها، وهذا يسبب لي ضيقا شديدا، فأنا بطبعي أحب الهدوء والنظافة، ورؤية المنزل في حالة سيئة يصيبني بالأذى والضجر، فضلا عن قطع شهوتي فيما أحل الله تعالى.
طرقت كل السبل، حاورتها، خاصمتها، استعنت عليها بأهلها وللأسف لم ألق نتيجة، قد يتحسن الحال لأيام، ثم نعود دوالينا إلى الأمر الأول.
علما بأنني أعينها في عمل البيت قدر استطاعتي، وأتمثل وصف النبي –صلى الله عليه وسلم- "كان في مهنة أهله" ولا أكلفها ما ليس في طاقتها.
الأمرعلي شديد، حتى أنني فكرت في الطلاق، واستخرت عليه مرات، ولكن أعود إلى رشدي وأذكر الأولاد وأتصبر.
طبعا، حين ينقلب حال البيت لا أطيق حتى النظر إليها وتفتر العلاقة بيننا إلى درجة عدم الكلام، ويتأثر الأطفال بهذا الصدود.
لا أدري كيف أصنع معها، ولا أدري لعلي أكون مخطئا، فهي دائما تحتج علي بقولها: الزواج ليس منحصرا في هذه الأمور، وأنا لا أظنني أحصره فيها، ولكنها أمور تساعد على الطمأنينة والهدوء وتبعث الود والحب من مرقديهما، الله المستعان.
أفيدونا مشكورين، طبتم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أستاذنا الكريم وأخانا الفاضل – في الموقع، ونشكر لك الثناء على الموقع، ونؤكد أن النصح واجب علينا، ونحن نشرف بك وبأمثالك ممن يتواصلون مع الموقع، ونشرف بأن نكون في خدمة إخواننا وأبنائنا وأخواتنا وبناتنا، ونسأل الله أن يعيننا جميعا على الخير.
أسعدني وأعجبني جدا عرضك لهذه الاستشارة بهذه الطريقة الرائعة، ونحب أن نؤكد أن الأمر إن شاء الله سيصل إلى حل، فلا تفكر في الطلاق لوجود هؤلاء الصغار، وإذا ذكرك الشيطان بما في زوجتك من المثالب والعيوب فتذكر ما فيها من الإيجابيات، وتذكر القاعدة النبوية: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر))، فلا شك أن في زوجتك إيجابيات، أرجو أن تتخذها مدخلا في الدخول إلى قلبها، وللوصول إلى إسعادها، من أجل أن تتخلص من السلبيات المذكورة.
نحن قطعا لا نوافق على ما يحصل من إسراف وتقصير وإهمال في شأن البيت، لكن أرجو ألا يكون ذلك سببا لتقصير منك أيضا، فالخطأ لا يقابل بالخطأ، وما يحصل من هذا ففيه تقصير.
وأسعدنا أيضا حرصك على المساعدة، وأعجبنا جدا حرصك على التأسي بمن كان في مهنة أهله عليه صلاة الله وسلامه، وأكمل هدي هو هدي النبي، فكن في البيت ضحاكا، بساما، واحرص على إدخال السرور على بيتك.
وأزعجنا جدا أن يصل هذا التوتر إلى الأبناء، وأن يشعروا بذلك الصدود الحاصل بينكم، وأنا أريد أن أقول: الأطفال يقرؤون وجوهنا و أعيننا، وبعد أربعة أشهر فقط من ولادة الطفل يستطيع أن يعرف إذا كان والده غاضبا أو غير غاضب، أما بالنسبة للأم فهو يعرف ذلك وهو في بطنها قبل أن يأتي إلى هذه الدنيا.
فتجنبوا هذه الآثار الخطيرة للتوتر المستمر الذي سيميت بذرة الحب في النفوس وفي القلوب، ونحن نشكر لك هذا السعي إلى الإصلاح، والذي دفعك للكتابة إلينا، ونؤكد أن الوصول إلى حلول مرضية ممكن جدا، وحبذا لو شجعت زوجتك أيضا على أن تعرض كل ما في نفسها، وحبذا أيضا لو كتبت وتواصلت مع الموقع حتى تعرض ما عندها، وفي مثل هذه الأحوال يعجبنا جدا أن تصلنا استشارة مشتركة يقرأها كل من الزوج والزوجة، يكتب فيها كل ما تريدوا، لتأت الإجابة الواضحة التي تبين لكل إنسان – لا أقول حقوقه، ونحن يؤسفنا أن نطالب بالحقوق – ولكن تبين لكل طرف ما هي الواجبات عليه؛ لأن واجبات الزوج هي حقوق للزوجة، وواجبات الزوجة هي حقوق للزوج، ونحن تربينا على ثقافة سلبية، كل واحد يقول: "ما هو حقي؟"، لكن لو قال كل واحد: "ما هو واجبي؟" لانصلحت الأمور.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا وإياكم على الخير، وحتى يحصل ذلك نتمنى أن تكتب إيجابيات الزوجة في ورقة، ثم تعرض عليها هذه الإيجابيات، وتحمد الله أمامها على هذه الإيجابيات، وتقول: "حبذا لو أكملنا هذه الإيجابيات بما يلي"، ثم تطلب منها أن تذكرك بما عندك من نقائص وأمور تضايقها، فتجتهد في تفاديها، وهذا مفتاح كبير جدا للوصول إلى الحلول المناسبة.
وأرجو أيضا أن تتجنبوا إظهار أي توتر في حضور الأطفال أو في وجودهم؛ لأن لذلك آثارا نفسية قاتلة تنمو مع هؤلاء الصغار، وقد تعرقل استقرارهم النفسي ونجاحهم في الحياة، فتجنبوا إظهار المشاعر السلبية، واعلموا أن البيوت لا تخلو من الإشكالات، وليست هاهنا المشكلة، لكن كيف ندير المشكلة؟ وكيف نضعها ونعطيها حجمها المناسب، وكيف نتذكر الإيجابيات لتكون مفاتيح لنا في الحلول والوصول إلى حلول ترضي الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تتذكروا جميعا أن الحياة الزوجية طاعة لرب البرية، فالمحسن ينال الأجر والثواب من الله، والمقصر يساءل بين يدي الله، وخير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه.
نكرر سعادتنا بتواصلكم، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع مزيد من التوضيح، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والثبات والاستقرار والطمأنينة.