السؤال
السلام عليكم.
لي صاحبة بيني وبينها مواقف حلوة، وبيننا أصحاب مشتركون، ومنهم من هم أصحابي من قبلها بكثير،
وفقا لكلامها هي شخصيا عن نفسها هي لا تحب الاعتراف بخطئها، وإذا أخطأت بحق أحد قد تعوضه بهدية، ولكن تصر على موقفها أنها على صواب، بالإضافة إلى أنها تقول بعض الكلمات وتتصرف ببعض المواقف معي، وإذا حدث وصادف أن تصرفت معها بالمثل تغضب وتهاجمني، فهي تخاف على مشاعرها كثيرا دون أي مراعاة لمشاعري، بالإضافة إلى أنها قد تغضبني لصالح شخص آخر هي تفضله حتى لو على خطأ.
مؤخرا حدث منها الكثير، وقد عاتبتها، ولكنه أثر علي نفسيا وصحيا، وهي ترفض الاعتراف به، بل على العكس تهاجمني وتحذرني، وتنبه علي ألا أجرح مشاعرها، وربما لن تنسى لي آخر مشكلة حدثت بيننا.
لم أستطع مجادلتها، علما بأنني على حق بل وطلبت منها تجاوز الأمر فقالت: ستحاول، ويجب علي مراجعة نفسي، وعند مراجعتي لنفسي شعرت أنني استهنت في حق نفسي كثيرا، وطلبت المشورة من عدة أشخاص ممن أعرف أنهم سيصدقونني القول، فطلبوا مني تخفيف علاقتي بها حتى تنقطع تدريجيا إلا أنني انقطعت عنها؛ نظرا لما سبب لي كلامها من تعب نفسي وجسدي، وبمجرد ذكر اسمها أشعر بتعب، فطلبت عائلتي مني الانقطاع عنها حتى لا أتأثر أكثر، ولكن هي تبعث لي برسائل مفادها أنني أنا المخطئة وهي من يجب أن تغضب لا أنا، وتقول بما معناه أنها تمن علي بكرم أخلاقها أنها من تراسلني.
وأنا رغم حنيني لها أحيانا إلا أنني نفسيا وصحيا أشعر بتحسن، فهل أكون ظالمة بانقطاعي عنها؟
مع العلم أنني لست صغيرة في السن، ولكني غير متزوجة، وأهلي طلبوا مني مقاطعتها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك.
عزيزتي: تمر بحياة كل منا مواقف يجب عليه مواجهتها وعدم الهروب، وأن يتخطاها، وأحيانا تمر على أحدنا لحظات وأوقات نشعر فيها بأن الدنيا قد ضاقت علينا بقدر ما رحبت؛ لذلك علينا أن نتحلى بالروح الرياضية وألا نضخم الأمور، أو نوقف حياتنا عند حدث، أو فراق صديق، أو سوء فهم تصرفات الآخرين، والإنسان لا يستغني عن صديق صدوق، والفتاة بحاجة إلى صديقة صالحة، ولكن الصداقة الناجحة والصحبة الصالحة هي التي تعيننا على الخير وحب الحياة في حب لله.
ومن منظور علم النفس: تؤدي الصداقة إلى وظيفتين أساسيتين هما: خفض مشاعر الوحدة، ودعم المشاعر الإيجابية السارة.
ومما لا شك فيه ومع الضغوطات التي نواجهها كل يوم، جميعنا بحاجة إلى شخص مقرب نشاركه كل ما نشعر به وكل مخاوفنا وتعبنا، ويشابهنا في العديد من الأمور، سواء أكانت في الأفكار أو في الأذواق أو المزاج أو الاهتمامات.. وهنا أود منك ان تطرحي على نفسك هذه الأسئلة وربما الحل يكمن في الإجابة ومن خلالها يمكنك تحديد أي نوع من الصديقات أنت مع صديقتك..أو العكس.
ما مدى التشابه بينك وبين صديقتك؟ كيف تتعاملين معها في الأوقات الصعبة، وهل تجد فيك الصديقة التي تثق بها وتأتمنها على أسراراها؟
أما بالنسبة لما وقع بينك وبين صديقتك من خلاف فهو يسير واعلمي أن من يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن يعتزلهم، واعلمي أنك لن تجدي صديقة بلا عيوب، وكلنا بشر والنقص يطاردنا وعلينا أن نعامل كل إنسان بما يناسبه وبما يقتضيه حاله.
مما سبق يتضح أن صديقتك تعتذر وتعترف بخطئها، ويظهر ذلك في قولك: " هى لا تحب الاعتراف بخطئها وإذا أخطأت بحق أحد قد تعوضه بهديه "، فهي من النوع الذي يعتذر بطريقة غير مباشرة، وعليك أن تتقبلي شخصيتها كما هي، تجنبي الكلام عن صديقتك في غيابها، ولا تتحدثي كثيرا بأمر الخلاف بينكما أمام الأخرين.
وأرى ألا تقطعي صلتك بها، ولكن من الممكن أن تجعلي علاقتك بها في إطار حدود، والعفو عما سلف من صديقتك، وإفراغ قلبك من كل شعور سلبي تجاهها، وهذا التصرف سيشعرك بالاستقلالية عنها، وستشعرين بثقة كبيرة بنفسك، وتعلمي أنت أن تكوني حازمة، وأن تقولي لا عندما لا ترغبي، وأن تردي على الأقوال التي لا تعجبك.
اهتمي بصحتك النفسية، ولا تعطي الأمور أكثر من حجمها، وتعرفي على صديقات صالحات جدد، وشاركي بالأنشطة الخيرية الاجتماعية؛ واعلمي أن الصداقة الناجحة هي التي تقوم على طاعة ومحبة الله تبارك اسمه.
لا تقارني نفسك بالآخرين، وكوني "أنت"، وحددي وقتا خاصا لك تمارسين هواية تحبينها أو أي نوع من أنواع الرياضة؛ فهذا سوف يشعرك بالرضى والراحة النفسية.
أشغلي نفسك بالتقرب إلى الله عز وجل، وأكثري من الاستغفار والدعاء، وادعي لك ولصديقتك بالخير، وأن تلتقيا على حب الله وفعل الخير، فالمؤمن يجب أن يكون من أسعد البشر، ويبتعد عن الغم والهم، ولا ينشغل إلا بالطاعات وبهم الأمة الإسلامية، ويدعو لتوحيد الصفوف.
وتذكري قول عمر رضي الله عنه وأرضاه حين قال: "ما أعطي الإنسان بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق حسن".
أسأل الله أن يجعلك على هدى ونور ويملأ حياتك بهجة وسرورا يا هبه.