السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أود شكر كل القائمين على هذا الموقع الرائع، وأخص بالشكر الدكتور المتميز والموهوب د/ محمد عبدالعليم على مجهوده في الرد على الاستشارات، وشرحه الوافي، وأتمنى منه الرد على استشارتي.
أنا شاب بعمر21 عاما، أعاني من العزلة بسبب انعدام الدافعية، وذلك منذ ست سنوات، حيث بدأ نشاطي الاجتماعي يقل بالتدريج إلى أن أصبح الآن شبه معدوم.
أعتقد أنني مصاب بالوسواس القهري، حيث إنني لدي أفكار تسيطر على عقلي (في المذاكرة) تجعلني أركز على وحدات معينة، وأذاكرها بإتقان شديد، في حين أهمل بقية الوحدات ولا أعطيها حقها، وهذا أثر سلبا على درجاتي.
بداية هذه الأفكار والرغبة الملحة في الإتقان منذ أن كنت في السابعة من عمري، ولكن بداية تأثيرها على حياتي كان منذ ثلاث أو أربع سنوات، وتزايد بالتدريج مع مرور الوقت.
ذهبت الى طبيب نفسي وأعطاني كيوتابين 50 ملجم مساء ورفض الإفصاح عن التشخيص، وخطة العلاج، وبعد البحث في الإنترنت علمت أنه مضاد للذهان، ويعالج الذهان والاضطرابات العقلية، وآلية عمله تقريبا عكس مضادات الاكتئاب، فماذا أفعل ؟
علما أنني أتناوله منذ ثمانية أيام فقط، فما هو تشخيصي؟ هل أنا مصاب بالاكتئاب وصاحبه وسواس قهري أم ماذا؟ أريد تفصيلا لحالتي، مع ذكر الأدوية وخطة العلاج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وقطعا رسالتك هذه نستطيع أن نقول أنها ذات ارتباط وثيق باستشاراتك السابقة، والتي رقمها (2443862) والتي أجبت عليها تقريبا منذ أسبوعين.
من الواضح أن شخصيتك بالفعل فيها بعض الجوانب الوسواسية البسيطة، والشخصية المنضبطة في بعض الأمور، ولا تفي الأمور الأخرى حقها: هذا ناتج عن مكون وسواسي بسيط يكون جزءا من البناء النفسي للإنسان.
لا تنزعج أبدا لعقار (كويتيابين Quetiapine)، بالفعل هذا الدواء يستعمل لعلاج الأمراض الذهانية العقلية، كأمراض الفصام أو أمراض الهوس، لكن هذا الدواء في ذات الوقت بالجرعات الصغيرة من خمسة وعشرين مليجراما إلى مائة مليجرام مفيد جدا لتحسين المزاج، ولتحسين النوم، وكذلك لتخفيض مستوى القلق والتوتر. فأنا أعتقد أن الطبيب قد أعطاه لك لهذا السبب، وهو أنك قلق وربما يكون نومك ليس نوما صحيا، لذا أعطاك هذا الدواء.
أنا لا أرى أنه لديك أي علامات ذهانية، ليس لديك أي علامات لمرض عقلي، والحمد لله على ذلك. أنا أعتقد أن الشيء الأساسي هو أن تسعى لأن تستفيد من طاقاتك النفسية بصورة متوازنة، وتشخيصك بالفعل هو أنه لديك بعض سمات الشخصية الوسواسية مع شيء من القلق والوسواس البسيط، وهذا ربما يكون قد أدى إلى شيء من عسر المزاج البسيط.
هذه هي المكونات التشخيصية لحالتك، وهي ليست أمراضا – ابننا العزيز أحمد – هي ظواهر، لم تصل إن شاء الله تعالى للدرجة التي نقول أنك تعاني من مرض نفسي، هي ظواهر نفسية بسيطة، وبشيء من المثابرة من جانبك، وتعديل السلوك تستطيع إن شاء الله تعالى أن تستفيد من هذه الطاقات، لأن القلق أصلا هو طاقة وطاقة مفيدة جدا، لكن إذا احتقن ربما يتحول إلى طاقة سلبية، وكذلك الوسواس، الذي لا يوسوس لا ينضبط، لكن هذه الوسوسة يجب أن تكون وسوسة صحية، لا تصل للمرحلة أو الظاهرة المرضية.
احرص على توزيع وقتك وتنظيم وقتك، هذا أمر مهم جدا، وأفضل وقت للمذاكرة هي فترة الصباح بعد صلاة الفجر، لكن هذا يتطلب أن ينام الإنسان مبكرا، وقطعا سوف تجتهد في موضوع التواصل الاجتماعي، والحمد لله الأهل في السودان يتميزون باحترام العلاقات الاجتماعية والقيام بالواجبات الاجتماعية، والأسر مترابطة جدا، فأرجو أن تستفيد من هذا الوضع البيئي الطبيعي.
أرجع مرة أخرى للكويتيابين: أنا من وجهة نظري أنك يمكن أن تستعمله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، ولا داعي لأن تستعمل الـ (ريسبيريدون Risperidone) الذي وصفته لك في الاستشارة السابقة، لكن قطعا استعمالك للـ (سيرترالين Sertraline) سيفيدك جدا للقضاء على كل الهوامش الوسواسية والقلقية والوجدانية البسيطة التي تعاني منها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.