السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أشكركم على كل ما تقدمونه لنا، وجزاكم الله خير الجزاء.
أحب أن أتكلم في موضوع يتعبني جدا، ومدمر لنفسيتي، ويجعلني أكره كل شيء من حولي، فنفسيتي متعبة دائما، أنا شاب في سن المراهقة، ربي من علي بالالتزام والوعي منذ عمر 14سنة، التزمت بالصلاة والأذكار، وأقبلت على القرآن -والحمد لله- وعشت أحلى لحظات حياتي.
كنت أسمع الأغاني بكثرة إلى أن عرفت حكمها وأنها محرمه، ولا يجوز سماع الأغاني، وفي ذلك الوقت تركت الأغاني بلا أي تردد، وأقبلت أكثر على القرآن، وأنا أمتلك قناة على موقع اليوتيوب، وكنت أحفز الكثير من الناس على ترك الأغاني والإقبال على الصلوات، ولكن بعد مرور سنتين انقلبت حياتي رأسا على عقب، وبدأت بالسماع إلى الموسيقى، وللأسف بدأت أضع بعض الألحان الموسيقية والأغاني في مقاطع الفيديو التي أنشرها ولا أتردد، وأقول بداخلي ربي غفور رحيم وسيغفر لي، وأنا ثقتي بربي قوية جدا، ومتأكد أن ربي سيغفر لي؛ لأنه هو الغفور الرحيم.
وللأسف بين كل حين وحين يؤنبني ضميري وأشعر بالقهر؛ لأنني نشرت الأغاني، وأود أن أتخلص من هذا الشعور الذي يجعلني أشعر بأنني بعيد عن الله جدا؛ بسبب استماعي للأغاني والموسيقى رغم أنني محافظ على الطاعات.
أتمنى أن تكتبوا لي الرد الكافي، وجزاكم الله خير الجزاء، وآسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الابن الكريم – في موقعك، ونشكر لك الثناء على الموقع، ونؤكد أن هذا واجبنا، ونشرف باستقبال رسائل واستشارات أبنائنا من أمثالك الفضلاء، الذين اختاروا طريق القرآن، ونسأل الله لك الثبات والسداد.
لا يخفى عليك أن الإنسان الذي عرف حلاوة القرآن وعرف حلاوة الذكر لله تبارك وتعالى لا يحتاج بعد ذلك إلى من يكلمه عن حرمة الأغاني وآثارها الخطيرة على نفس الإنسان، فإنها لا تجتمع مع حب الله وحب القرآن في قلب الشاب المؤمن، وأنت الحمد لله عرفت الخير فالزم، نسأل الله أن يثبتك وأن يسدد خطاك.
ونؤكد لك أن توبتك الآن تجب ما قبلها، فتب إلى الله تبارك وتعالى، وأقبل على الله بصدق، ولا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأي خير وأي جمال وأي حلاوة تعادل كلام الله تبارك وتعالى؟! الحمد لله أنت لك صوت جميل، وقلت أن لك قناة، وأيضا تستطيع أن تستعرض الأصوات الجميلة من القراء وتحض الناس على حسن الاستماع والإقبال على كتاب الله تبارك وتعالى.
وأرجو أن تعلم أن الشيطان يريد أن يوصل الإنسان لليأس. ربنا سبحانه وتعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، لكن الشيطان يأتي للإنسان فيقبح له صورته، ويقبح له ما قام به من العمل من أجل أن يوصله إلى اليأس، فإما أن يوصله إلى المعصية ويجعله يستمر عليها، أو يوصله إلى اليأس من رحمة الرحيم سبحانه وتعالى.
فاعلم مكايد الشيطان، واعلم أن الفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد. هذا العدو يزين للإنسان المعصية؛ فإذا وقع الإنسان في المعصية، جعل الشيطان بعد ذلك ضمير الإنسان يؤنبه، فإذا تاب منها جعله أيضا يسيء الظن بنفسه، يغلق عليه باب التوبة والرجوع، وإذا رجع وتاب لا يرضى، وكذلك أيضا يريد أن يضعه هكذا مهموما محزونا. فاعلم مكايد الشيطان.
واعلم أن طاعتنا وراحتنا وطمأنينتنا في ذكر الله وفي تلاوة كتابه، فلا تشعر بالقهر بعد التوبة، وإذا تبت إلى الله تبارك وتعالى فالتوبة تجب ما قبلها، وتمحو ما قبلها، وإذا ذكرك الشيطان ما حصل منك من نشر الأغاني أو الوقوع في البعد عن الله تبارك وتعالى فاعمل بما يغيظ هذا العدو، من التوبة والإنابة والاستغفار والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فعدونا الشيطان يحزن إذا تبنا، ويندم إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، والله أمرنا أن نتخذه عدوا {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}، وعداوة الشيطان إنما تكون بطاعتنا للرحمن، ولا يجتمع مزمار الشيطان – الذي هو الغناء – مع كلام الله تبارك وتعالى الواحد الديان، فاختر الطريق الذي أنت عليه، طريق القرآن والدعوة إليه، وتعوذ بالله من شيطان لا يريد لك الخير، وثق بأن الله رحيم، وأن الله غفور، ولكن الإنسان ينبغي أيضا أن يتذكر أن الله شديد العقاب إذا قصر الإنسان وتمادى في العصيان.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونشرف بتواصلك المستمر مع الموقع حتى نتعاون جميعا على الخير، ووفقك الله وسدد خطاك.