كيف أتخلص من الوساوس وأخشع في الصلاة؟

0 36

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الأفكار الفاسدة، والوسواس القهرية المتعلقة بالعقيدة، فما علاجها؟ وكيفية الخشوع في الصلاة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
ليس هنالك أحد مستثنى من الوساوس ولكن الفارق هو في كيفية التعامل معها، فمن تقبلها وتحاور معها وبدأ يسترسل معها فقد أبان ضعفه للشيطان الرجيم فمن هنا يفترسه، ويبدأ معه بأنواع الوساوس في الوضوء والصلاة والعقيدة، والغرض من ذلك أن يفسد على المسلم حياته.

أما من احتقرها وصدها ولم يسترسل معها واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم فإنها لن تؤثر عليه وسيخنس الشيطان ويخسأ.

لقد كانت الوساوس تأتي لأصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام وكانت تقع ثقيلة على نفوسهم، فأتوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشتكون منها، فقد جاء ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان).

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم لما ذكر هذه الأحاديث ما نصه: (أما معاني الأحاديث وفقهها: فقوله ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك.

من جملة التوجيهات النبوية لهذه الأمة في اتقاء الوساوس قوله عليه الصلاة والسلام: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته)) وفي رواية: (فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله)، ومعنى ذلك الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه.

قال الإمام المازري رحمه الله ظاهر الحديث أنه أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها، قال: والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها، والله أعلم.

وأما قوله: فليستعذ بالله ولينته فمعناه: إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها، والله أعلم.

وقال الحافظ في الفتح في الكلام على حديث أبي هريرة المذكور في أول هذا الجواب ما نصه: قوله: من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته أي عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها.

قال الخطابي: وجه هذا الحديث أن الشيطان إذا وسوس بذلك فاستعاذ الشخص بالله منه وكف عن مطاولته في ذلك اندفع، قال: وهذا بخلاف ما لو تعرض أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان، قال: والفرق بينهما أن الآدمي يقع منه الكلام بالسؤال والجواب والحال معه محصور، فإذا راعى الطريقة وأصاب الحجة انقطع، وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء، بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضي بالمرء إلى الحيرة، نعوذ بالله من ذلك.

(أتى عثمان بن أبي العاص النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه ، واتفل على يسارك ثلاثا . قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني).

ومن تحذيرات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته).

الشيطان حريص على إغواء بني آدم، وصدهم عن عبادة ربهم، وذلك عن طريق الوساوس التي يلقيها في صدورهم غير أن الله تعالى قد بين من خلال الآيات القرآنية وأمر نبيه صلى الله عليه الصلاة والسلام أن يبين للأمة من خلال الأحاديث النبوية طريق النجاة من هذه الوساوس الشيطانية.

وقد يصل الحال ببعض الناس أنه يشك في كل عبادة يقوم بها، هل فعلها أم لا؟ بل قد يصل الحال إلى أن يترك الإنسان العبادة هربا من ملاحقة الوساوس وما يلقاها الموسوس من التعب النفسي وهذا ما يريد الشيطان أن يوصل إليه المسلم لترك عبادة ربه.

أما الخشوع في الصلاة فيكون بأدائها على الكيفية التي أداها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنظر إلى موضع السجود أثناء أدائها مع تدبر الآيات المقروءة، ولا تتكلف أكثر من ذلك، فإن التكلف والبحث عن الخشوع باب من أبواب الشيطان ووساوسه.

تشرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسل ربك أن يصرف عنك وساوس الشيطان، وأن يرزقك الثبات على دينه، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح نوافل الصلاة والصوم، وتلاوة القرآن الكريم واستماعه، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات