السؤال
السلام عليكم.
أنا أعمل محاسبا في شركة، ومتزوج -والحمد لله-، أعاني من تغييرات مزاجية وذهنية لا أفهم ماهيتها، وتتمثل في شرود ذهني غريب بحيث لا أعرف أين يشرد ذهني مما ينتج عنه ضعف في الصوت عند الحديث مع الناس، إضافة إلى أنني أعاني من عدم القدرة على الحديث خصوصا مع المدير المسؤول عني رغم أنه جيد في التعامل وبشكل عام أكون مرتاب عند الحديث مع أي مدير أو أي إنسان ذي منصب عالي، إضافة إلى ذلك أعاني من ضعف في مستوى الطاقة لدي، وأشعر بعدم الرغبة في الحديث والكلام، كما أنني لا أشعر بشيء حيال الهدايا والمفاجآت، ولا يوجد موقف يمكنه أن يؤثر في إحساسي، وعندما أتحدث لا تتغير ملامحي وبالتالي أحيانا لا يصدقني الناس، وصوتي منخفض على ما يبدو بالرغم من أنني أسمعه عالي ولكن الناس لا يسمعونه بالشكل المطلوب.
وأخيرا يرتابني إحساس بالسلبية دائما وهذا أمر مزعج جدا، بالرغم من أنني أقرأ وأطالع وأحاول أن أتعلم كيفية التغلب على كل ما سبق ولكني أجهدت ولم أعد أستطيع أن أحتمل أكثر من ذلك حيث أن هذه الأمور تستنزفني وتؤثر على حياتي كثيرا.
الرجاء أن تنصحوني ماذا أفعل؟
احترامي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ فادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي الكريم: هذه الأعراض التي تعاني منها دليل على وجود قلق نفسي من الدرجة البسيطة، وربما يكون لديك أيضا نوع من الرهاب الاجتماعي البسيط، لذا تجد صعوبة في المواجهات، وربما يكون أصلا لديك شيء من الخجل، وأتمنى أن يكون لك الكثير من الحياء أيضا. فحالتك – أخي الكريم – حالة بسيطة، هذه ظاهرة وأنت لست مريضا مرضا نفسيا أساسيا.
أخي الكريم: تنظيم الوقت من الأشياء المهمة جدا في العلاج، النوم الليلي المبكر، النوم الليلي المبكر له فعالية عظيمة في ترتيب وترميم المسارات الدماغية والخلايا الدماغية، الإنسان الذي ينام مبكرا وينتظم في نومه، ويستيقظ مبكرا ويصلي الفجر، ويبدأ يومه بداية سليمة، بداية نشطة، بداية فعالة قطعا تركيزه سوف يتحسن.
أيضا ممارسة الرياضة، الرياضة تمتص كل الطاقات السلبية عند الإنسان، الطاقات الجسدية النفسية الوجدانية المعنوية، وتستبدلها بطاقات إيجابية، الرياضة تحسن التركيز ولا شك في ذلك، تحسن النوم، تحسن المزاج، وهذا الأمر الآن قد أثبت علميا وبما لا يدع مجالا للشك.
النقطة الثالثة: أنصحك أن تطور من تواصلك الاجتماعي، وذلك من خلال: مراعاة نبرات صوتك، ما دمت أنت مدرك أن نبرتك منخفضة، فيا أخي الكريم: حاول أن ترفع من نبرة صوتك، هذا ليس بالأمر الصعب، حتى لو أجريت تمارين ذاتية مع نفسك، مثلا: أن تجلس داخل الغرفة وتتخيل أو تتصور نفسك في موقف اجتماعي معين، وتبدأ المخاطبات: ماذا سوف تقول أنت؟ كيف سوف تجاوب الطرف الآخر؟ ... وهكذا، هذا النوع من التمارين ممتاز جدا.
وحتى إذا قمت بتسجيل هذه الحوارات ثم استمعت لها مرة أخرى، هذا أيضا جيد، هذا تمرين ممتاز جدا.
ويجب – أخي الكريم – أن تراعي تعابير وجهك وحركات يديك، أو ما يسمى بـ (اللغة الجسدية)، هذه أمور أساسية جدا.
موضوع الرهبة من المسؤولين وخلافه: لا داعي للرهبة أبدا، هم بشر وأنت بشر، ويحدث لهم كل ما يحدث للبشر، الأصل في العلاقات أن تقوم على الاحترام، لكن لا تقوم على الرهبة أخي الكريم، ودائما حين تكون داخلا على مسؤول سم الله، قل (بسم الله، رب يسر لي أمري)، وتصور أنك يمكن أن تكون في نفس مكان هذا الشخص المسؤول، وهذا ليس على الله بعزيز أبدا، فانتقل لهذا النوع من التفكير، وهذا سوف يفيدك كثيرا.
أيضا لتؤهل نفسك تأهيلا نفسيا ممتازا عليك بالحرص على الواجبات الاجتماعية: تلبية الدعوات (الأفراح، الأعراس)، ضرورة تقديم واجبات العزاء في المآتم، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، صلة الرحم، بر الوالدين. هذا النوع من الواجبات الاجتماعية مهم جدا.
وعليك أيضا أن ترفه عن نفسك، تخرج مع أصدقائك، وتتفاعل معهم تفاعلا اجتماعيا إيجابيا، أريدك أيضا أن تمارس رياضة جماعية –رياضة المشي، رياضة كرة القدم – حين تمارس الرياضة جماعيا سوف تجد منها فائدة عظيمة جدا، الصلاة مع الجماعة في المسجد وفي الصف الأول هي من أفضل وسائل تطوير الذات وعلاج الرهاب الاجتماعي وزيادة الثقة في النفس، فأرجو أن تجعل لنفسك نصيبا من هذا.
حتى نطمئن عليك تماما أريد أن أصف لك دواء بسيطا جدا، مضادا لقلق المخاوف، وهو سليم وفاعل، الدواء يسمى (سبرالكس) هذا اسمه التجاري، ويسمى علميا (استالوبرام)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – استمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء. الدواء سليم وفاعل جدا، أسأل الله أن ينفعك به.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.