السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أرغب كأي فتاة في الزواج والحب، وتكوين عائلة، أعلم أن الزواج مسؤولية، وأنا في عمر على قدر من المسؤولية بإذن الله.
مشكلتي وهي أنني لم أستقبل أي شاب في بيتنا لأجلي، نحن في المنزل فتاتان كلتانا لم تتزوج، وأمي وأبي في عمر أن يكونوا جدا وجدة، ولكن إرادة الله تعالى لم تحن.
أعترف أن لي زلات وأخطاء، ولكني تبت إلى الله تعالى منها، وأتمنى الغفران من الله، كلما ازددت في العمر زادت عندي الرغبة في الزواج لأجل أن أنجب وأكون أما.
أختي أكبر مني عمرا ويتم رفضها مرارا بسبب العمر، وأنا أيضا كذلك تم رفضي بأسوأ الطرق التي أودت بحالتي النفسية إلى السوء والبكاء، آخرها أنه تم رفضي البارحة بسبب العمر، حتى أنهم لم يأتوا ليرونني.
أعلم أن الله هو الرزاق، والحمد لله أنني لا أنتظر منهم قول \"عقبالك\" \"الله يكرمك بالزوج الصالح\" هذا لا أسمعه، أعتقد أنهم قطعوا الأمل من زواجي، أنا أو أختي لأننا كبار في العمر.
فقد قالوا لأختي أنها كبيرة، كيف ستنجب، وتم رفضها.
صديقاتي ما شاء الله معظمهن تزوج، وأصبح لديهن أطفال.
أنا أرغب كثيرا كثيرا كثيرا بالأطفال، أحبهم جدا، أمي تقول لي ليت لي أحفاد.
ماذا أفعل كي يعجل الله لي بالزواج؟ كنت متفائلة كثيرا، لكن مع رفض البارحة بكيت، قلت لم لم تأت على الأقل لتراني، أنا لست في الثلاثين، ما زلت في العشرين، كيف يرون أنني كبيرة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أجمل ترحيب.
إن الزواج سنة من سنن الله الكونية، ومما لا شك فيه أن تأخر سن الزواج من الأمور التي تقلق الفتاة وتجعلها تعيش بقلق، وتفقدها الشعور بالسعادة وهي ترى عمرها يمر دون أن تجد شريك حياتها المناسب لها ولطموحاتها.
الله -عز وجل- أنعم عليك بالأخلاق والدين، وعفة النفس، والله قسم الأرزاق، وجعل لكل إنسان نصيبا؛ وكل هذا لحكمة لا يعلمها إلا هو، حيث قال في كتابه الحكيم: "إنا كل شيء خلقناه بقدر".
كما إن لتأخر الزواج حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، والدنيا ابتلاءات، وما يحدث لك ولأختك من تأخر الزواج أو انسحاب الخطاب عنكن ابتلاء من الله، وقد يكون لتقصير بعمل ما، أو قد يكون بذنب والله أعلم، أو لمصلحة ما، فلا تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
وليس من الخطأ أن نراجع أنفسنا أو نفترض أن التقصير فيما حصل قد يعود لأخطاء نحن ارتكبناها، أو ربما كان بإمكاننا تفاديها، ولكن الخطأ أن ننغمس في الشعور.
غاليتي: خوف الأهل من تأخر نصيب البنات لهو أمر فطري، وأحيانا تدخل الأهل بطريقة سلبية يؤثر على مشاعر الفتاة، ويكون تدخلهم من منطلق خوفهم والحفاظ عليها، والذي يكون أحيانا في غير مكانه أو بطريقة غير مقبولة، إلا أننا يجب علينا أن نقدر ونعذر ما تقدم منهم من خطأ في حقنا، رغم الألم والمرارة في داخلنا، فلا ترهقي نفسك؛ فكثرة الإرهاق تؤدي إلى تدمير القدرة والقوة والإرادة والعزيمة لديك؛ مما يفقدك الثقة بالنفس، وربما تدخلين في نفق الأمراض النفسية.
واعلمي أن عمر أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها أنها كانت في مثل سنك تقريبا ومنهم من قال أنها كانت في الأربعين من عمرها رضي الله عنها وأرضاها. والله أعلم.
إن تيسير أمور الزواج بقدر من الله جلا وعلا اسمه، وعلينا أن نأخذ بالأسباب، ومنها: أن تتعرفي على صديقات صالحات جدد، وشاركي بالأنشطة الخيرية الاجتماعية؛ زيارة الأقرباء والمشاركة بالمناسبات العائلية وما شابه، لا مانع أن تجدي من محارمك من يتفهم وضعك ووضع أختك ويقوم بعرضك على الصالحين، وهكذا فعل سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه عندما عرض حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هذه الأمور من الأخذ بالأسباب، واعلمي أن الله يختار ما فيه لنا خير.
اهتمي بصحتك النفسية، ولا تعطي الأمور أكثر من حجمها، وركزي في مستقبلك، وليكن هدفك في الحياة التميز والارتقاء بالعمل والحصول على مركز اجتماعي مرموق، فأنت فتاة شغوفة ومتفائلة وتستحقين الأفضل في الحياة، لذلك عليك أن تفتحي صفحة جديدة في حياتك خالية من اليأس والندم والبكاء على خاطب تراجع أو تأخر، وأن تكون نظرتك إيجابية إلى الحياة، مع أمل كبير بأن النصيب قادم بإذن الله تعالى، لأن الله يحب أن يظن به العبد خيرا.
لذلك: على كل فتاة أن تحدد الأولويات التي تحتاجها من شريك حياتها من أجل بناء أسرة سليمة، فليس عيبا أو انتقاصا لها إذا تنازلت عن بعض الشروط لحساب أمور أكثر أهمية من أجل تسهيل أمر الزواج، وليس مطلوبا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.
أختي الكريمة: الحياة تعكس منظارك، فانظري لها نظرة تفاؤل وأمل ورضى بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، واعلمي أنك لست كبيرة لدرجة أن تخافي أو تجعلي همك الأكبر هو تأخر الزواج، أو أن تلومي نفسك وتمارسين جلد الذات، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب.
أن تحاولي أنت رقية نفسك وقراءة سورة البقرة يوميا، وأكثري من الدعاء والاستغفار، وكرري قول الباري: "وارزقنا وأنت خير الرازقين"، وادعو بدعاء سيدنا زكريا: "رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين"، وادعي وأنت واثقة من أن الله عز وجل سوف يرزقك بالزوج الصالح، ويفرح قلبك وقلب أختك عما قريب.
فلا تيأسي وتوكلي على الله في اتخاذ الأسباب، وتأكدي أن الرحمن وزع بين الناس نعمه، فانظري إلى ما أنعم الله عليك واشكريه ليفرج كربك ويرزقك الزوج الصالح.
ولا تنسي أن التوفيق من بر الوالدين ورضاهما، فاحسني من معاملتك معهما.
وثقي صلتك بالله عز وجل، واسأليه بعد كل إقامة صلاة أن يمنحك الثبات والعزيمة؛ وأن يعوضك خيرا؛ فإنه قريب سميع، يجيب دعوة الداع، وتذكري قول الرحمن: "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
أسأل الله لك ولشقيقتك الفرج القريب، وأن يسعد قلوبكما ويكرمكما بالزوج الصالح المصلح.