السؤال
السلام عليكم.
لا أعرف كيف أبدأ سؤالي، وكعادتي سأبدأ بجميل القول، فأنا شاب تزوجت منذ تسع سنوات من فتاة كانت على مدار هذه الفترة في قمة الأخلاق والأدب وكانت ونعم الزوجة، رزقنا بولد وتوفاه الله، وكانت في منتهى الصبر، ثم أصبت في حادث كاد أن يودي بحياتي، ووقفت بجواري حتى تخطيت هذه المحنة، وبعدها رزقنا الله ببنتين جميلتين.
نعيش حياة هادئة، حتى حدثت مشكلة بسيطة، سمعتني أناديها باللفظ الدارج في العامية المصرية يا (بت)، فغضبت وذهبت عند أهلها، وذهبت لإرجاعها، فتعمد أبوها إذلالي وإهانتي بكل الألفاظ، لدرجة أنه قال لها: ردي عليه اللفظ بعشرة، فإذا قال لك يا (بت) قولي له ياض و100 ياض.
عادت زوجتي إلى المنزل بعد أن ذهب أخي لأبيها، ولكنها عادت بشكل آخر، كثيرة المشاكل وعلو الصوت حتى أمام أبي وأمي، كثيرة التهديد أن تذهب لأهلها إن لم أنفذ ما تطلبه، حتى فاض بي الكيل عندما رفعت صوتها بشكل غريب أمام أبي، فتعصبت كثيرا ولكن لم أهنها، فذهبت لأهلها، وذهب أبي لإعادتها فأهانه والدها وحلف بالطلاق لن تعود حتى أفعل كذا وكذا.
أنا رفضت وحاولت أن أوسط أكثر من شخص ولكنه رفض وكان كثير الحلف بالطلاق، كيف أعيد زوجتي وأولادي وأحافظ على كرامتي وكرامة أهلي دون أن أنفذ طلباته غير المشروع له أن يطلبها؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الأخ الكريم – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد لبيتك السعادة والطمأنينة والاستقرار.
لا شك أن التدخلات السالبة من والد الفتاة لها أثر كبير جدا، كما أن استعجال هذه الزوجة في الخروج من بيتك ونقل ذلك الغضب – من مجرد تلك الكلمة – إلى أهلها؛ كان فيه خطأ كبير، ولكن أرجو ألا تعامل أخطاءهم بالأخطاء، ولا عنادهم بالعناد، وأسعدنا أنك حرصت على أن تبدأ بالجميل، ونحن نريد أن تنهي أيضا بالجميل، وتستمر على الكلام الجميل الإيجابي في كل محطات حياتك، فإن هذا له أثر كبير وله سحر على النفوس.
تذكر ما في زوجتك من إيجابيات، واعلم أن التأثيرات الخارجية على خطورتها إلا أنها أخف من أن يكون الإشكال الحاصل منها، إلا أن الواضح أنه هناك تحريض، وأن تعنت والدها هو الذي شجعها وغيرها، ونسأل الله أن يهدي هذا الوالد وكل والد ليعرف مصلحة أبنائه وبناته، وأن يهدينا جميعا إلى ما يحب ربنا ويرضاه.
لا شك أن اتخاذ الوجهاء والحيل الشرعية والتسلح بالصبر أمور أساسية حتى تصل إلى الحل المناسب الذي يعيد لك الزوجة ويعيدها إلى بيتها، وتجنب الاستعجال في أمر الطلاق، وكذلك لا تنفذ طلبات في غير موضعها، ولكن عليك أن تسدد وتقارب، وعليك أن ترضى بما يقرره الحكماء، وهم كثر، فاستخدم أصحاب الوجاهة، والعقلاء من أهلك، والدعاة والعلماء، الذين يؤثرون، حتى يكون لهم دور في الإصلاح وفي إعادة الأمور إلى مجراها.
إذا رجعت الزوجة إلى البيت فعليك أيضا أن تكون في منتهى اليقظة في تعاملك معها، وذكرها دائما بما فيها من الخير، وبالأيام الجميلة، ثم ذكرها بمصلحة هؤلاء الأطفال الذين يحبون أن يكون لهم أب وأن تكون لهم أم، بل لن ينشئوا نشأة طبيعية وفي صحة نفسية إلا في بيت فيه التفاهم وفيه الاستقرار.
نسأل الله أن يهدينا جميعا لما يحب ربنا ويرضاه، وأن يقدر لنا ولكم الخير حيث كان ثم يرضينا به.