السؤال
السلام عليكم..
نحن البنات لم نذهب للمدرسة (قرار أبي).
أختي عمرها ١٦ عاما، لديها وسواس قهري، مثل: تكرار الصلاة والوضوء، والاستحمام قد يستغرق 3 ساعات، لديها أوهام أشك أنها فصام، وأبي يرفض ذهابها للطبيب، كلما سمعت بمرض تتوهم أنها مصابة به.
مرة بقيت ليلة كاملة تبكي تقول أنها ستذهب لجهنم؛ لأنها قتلت فتاة، طبعا هي واهمة، (أخمن أنها كانت قد سمعت عن حكم القاتل)، أشك أن كل ما تسمعه تدخله في قائمة وساوسها.
مرة أحضرنا خزان مياه، فظلت تصر على أمها أن علينا تفقد الخزان لأن فيه طفلا نسوه أهله. نومها مضطرب، تعاملاتها مضطربة، لسانها مؤذ، تضع اللوم على الآخرين في فشلها.
تؤول كلامنا فترى فيه اضطهادا لها، وأن الكل يكرهها وظلمها، وأصبحت انطوائية، قد تتحمس فجأة لشيء أو طموح، وتشرح الخطة المنظمة التي وضعتها أو تمشي عليها، ثم نكتشف أنه مجرد كلام.
قد تخبر أنها منتظمة في ممارسة الرياضة منذ 3 أشهر، وهي لم تبدأ بممارستها إلا البارحة، ثم لا تستمر، ربما لأيام مشتتة.
إن شاهدت فيديو تظل تلمس الشاشة بتشتت واضطراب، وتتجاوز مقاطع، وتعيد، وتخفض الصوت، وترفع، تسأل السؤال ثم تداهمك بسؤال آخر قبل أن تسمع إجابة السؤال الأول، فجأة تضحك مع نفسها وتقفز، وتسمع أصواتا.
كسرت طرف سكين فظلت تكنس الأرض بشكل وسواسي كي لا تأثم إن دخلت بقدم أحد، وموسوسة أنها نزلت ببطن أحدنا وسيحاسبها الله، وإن طبخت أو غسلت تدمر المكان، فما تشخيص حالتها؟
ليت الدكتور/ محمد عبد العليم يخبرني بالأدوية.
جزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على ثقتك في إسلام ويب وعلى اهتمامك بأمر هذه الابنة، التي نسأل الله تعالى أن يعافيها.
حقيقة وصفك وصف طيب ودقيق لحالة هذه الابنة، لكن قطعا لا تكتمل الصورة الإكلينيكية بصورة قاطعة ويقينية إلا إذا تم الفحص الإكلينيكي المباشر عليها، وطبعا هذا بالنسبة لنا ليس بالإمكان، وبما أننا دأبنا في إسلام ويب على تقديم أكبر درجة من النصح والمساعدة - التي نسأل الله تعالى أن نكون فيها دائما على الصواب – هذه الابنة لها قطعا علامات وسواسية قهرية، لكن أعتقد أن الموضوع أكثر من ذلك، هناك أيضا مؤشرات أنه لديها حالة ذهانية تشبه إلى درجة كبيرة ما نشاهده لدى بعض مرضى الفصام، ومثل هذه الحالات تندرج تحت ما يسمى (الفصام الوسواسي) أو (الوسواس الفصامي).
هذا هو أقرب تشخيص لحالة هذه الابنة، وأنا أعتقد أنه تقع مسؤولية كبيرة على الأسرة الكريمة في أن تقدمها إلى مرافق العلاج.
أنا أعتقد أن الوالد بشيء من الحوار المتأني معه يمكن إقناعه بأن تؤخذ هذه الابنة لمقابلة الطبيب. يمكن للوالدة أن تلعب دورا في ذلك، أو أي من أفراد الأسرة الذي هو أقرب إليها، والعلاج مطلوب وواجب في حقها، ((ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله))، هذا مبدأ لا يمكن أن نحيد عنه أبدا، والمسؤولية تقع علينا جميعا، ويجب أن نحاول ونحاول ولا نيأس أبدا.
مثلا: إذا اقتنع الوالد بأن يأتي أحد المشايخ ويقرأ على هذه الابنة أنا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك اتفاق مع الراقي أن يذكر أيضا أن هذه الابنة تحتاج لمقابلة الطبيب النفسي بجانب الرقية الشرعية.
سلطة الرقاة الشرعيين – إذا كانوا من النوع الذي ينتهج المنهج الإسلامي الصحيح – سلطتهم العلاجية مؤثرة جدا، مؤثرة على المريض نفسه ومؤثرة على الآباء والأمهات، يعني: ما ينصحون به دائما يؤخذ به، ونحن لدينا تجارب ممتازة جدا مع إخواننا الرقاة.
عموما هذا أيضا مقترح. طبعا هذه البنية تحتاج لفحوصات طبية عامة عادية، هذا أيضا يمكن أن يكون مدخلا، أن يعرف نسبة دمها، ونسبة السكر، ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، مستوى فيتامين ب12، مستوى فيتامين د، وهذا أيضا يمكن أن يكون مدخلا، حتى وإن ذهبت إلى طبيب عمومي يمكن أن يشير وينصح بأن تقابل الطبيب النفسي.
قد يصعب حقيقة أن أحتم على أدوية معينة، لأن هذه الأدوية النفسية حساسة، وهذه البنية عمرها صغير لا زال، لكن قطعا عقار مثل الـ (أولانزبين) مثلا بجرعة صغيرة، خمسة مليجرام، ليلا، يضاف إليه مثلا عقار (فافرين) بجرعة خمسين مليجراما، أو (بروزاك) بجرعة عشرين مليجراما، قد يحسن من حالتها، لكن في نهاية الأمر هذه الأدوية لها بروتوكولات كثيرة جدا، هناك جرعة بداية، وهناك جرعة نهاية، وهناك متابعات، فلن يكون من الصواب أن نعطيها دواء ونتركها هكذا دون إشراف طبي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك جدا على ثقتك في إسلام ويب.