السؤال
السلام عليكم.
ذهبت إلى طبيب نفسي منذ سنتين؛ لأني شعرت أني حقا أكتئب كثيرا ولفترات طويلة، والسبب منامات مزعجة من جان وكلاب وقطط، ولا أستطيع النوم بسببها، وكنت في مرحلة بكالوريا، فازداد قلقي وقل حفظي وتدهورت حالتي.
ذهبت لطبيب نفسي، وتبين أنها حالة اكتئاب، فوصف لي دواء، ولكني لم أتناوله، وعالجت نفسي بقيام الليل وسماع القرآن، وهدأت نفسي فترة قصيرة، ثم رجع الاكتئاب.
بعد سنتين أرى نفسي أغرق أكثر، ولا أثبت على حالة أبدا، لحظات أشعر بالتفاؤل ولحظات أحزن، والآن أشعر أني في دوامة، وأشعر كأن في عقلي من يفكر ولا يدعني أنام، أكاد أجن، ولم أعد أشعر بمتعة أي شيء، حتى الصلاة التي كانت تؤنسني اليوم أصلي بفتور، وضعف التركيز جدا، وصرت كثيرة الشرود، وعندما أفكر كثيرا أشعر كأن عقلي سينفجر، وأحس بوجع، علما أن لدي نقص فيتامين دال والتهاب بلعومي عصبي، وأتناول العلاج، لكن لا أشعر بتحسن، على العكس كل يوم أزداد سوء ويزداد قلقي، وكل محاولاتي للتفائل تفشل، فمثلا أحمس نفسي لحفظ القرآن، أجلس 10 دقائق وبعدها أتعب فأترك الحفظ، وكذلك في كل شيء حتى في دراستي، وصلت لدرجة أني لم أعد منتظمة مع طبيب الأسنان، وأذهب إليه بعد أن تؤلمني أسناني.
أعتذر عن الإطالة، ما الحل؟ هل أراجع الطبيب؟ علما أني أخاف أن لا أستفيد، فأنا في دولة الأطباء النفسيين قلة وغير أكفاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Islam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
لديك حالة من القلق الاكتئابي البسيط، أنا وصلت لهذه الخلاصة من خلال إطلاعي على التفاصيل التي ذكرتيها، وهي واضحة جدا، وكما تفضلت أن الحالة قد بدأت قبل سنتين تقريبا، ووجود الأحلام المزعجة والمزاج الاكتئابي قطعا دليلا على الإجهاد النفسي الذي حدث لك.
أنا أعتقد في ذات الوقت أن درجة المقاومة والمناعة النفسية لديك جيدة، فواصلي على طريق التفاؤل والتمسك بالأمل والرجاء، وتذكري أنك صغيرة في السن، والله تعالى حباك بطاقات عظيمة جدا، طاقات الفكر، طاقات الوجدان، طاقات الإنسانية، طاقات الخلق، وطاقات الذوق، هذا كله موجود لديك الحمد لله تعالى، ويجب أن يساعدك هذا من أجل الارتقاء بصحتك النفسية.
تنظيم الوقت يجب أن يكون هو المبدأ الرئيسي الذي ترتكزين عليه، والإنسان من الناحية السيكولوجية يتكون من أفكار ومشاعر وأفعال. الاكتئابات دائما تجعل الإنسان في الجانب السلبي من التفكير والشعور، وفي هذه الحالة نقول للناس: يجب أن تجتهدوا في أفعالكم، مهما كانت المشاعر سلبية، ومهما كانت الدافعية ضعيفة، يجب أن نؤدي واجباتنا، نصلي الصلاة في وقتها، ندرس، نتواصل اجتماعيا، نرفه عن أنفسنا، فمن خلال هذه الفعاليات والأنشطة والإصرار عليها يتحسن المزاج وكذلك المشاعر، وهذه النظرية ركز عليها كثيرا العالم (آرون بك) والذي يعتبر مؤسس علم النفس المعرفي، والرجل ولد عام 1921 ولا زال على قيد الحياة.
إذا من خلال تفعيل الأفعال نستطيع أن نحاصر الفكر السلبي، الفكر المحبط، فأرجو أن تجعلي هذا مبدأك العلاجي، وأنا أرى أن تناول دواء بسيط أيضا سوف يساعدك، الحمد لله تعالى الآن توجد أدوية سليمة وفاعلة، ونحن أشد حرصا في ألا نصف دواء تكون له أضرار أو يسبب الإدمان مثلا.
الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين – وهي من القامات العلمية الكبيرة – تحتم أن العلاج يجب أن يكون نفسيا ودوائيا واجتماعيا وروحيا، لم يقولوا إسلاميا، لكن نحن نقول: روحيا تفسر أنها أن نهتم بأمور ديننا: الصلاة في وقتها، صلة الرحم، الدعاء، الأذكار، بر الوالدين، تلاوة القرآن، هذه كلها إن شاء الله مفاتيح الخير نحو التعافي.
التفكير المستقبلي الإيجابي، أن ترسمي خارطة طريق، تكون لك آمال وطموحات وتحددي أهدافك، وتضعي الآليات التي توصلك إلى أهدافك، هذا يعتبر الوقود الذي يدفعك إلى الأمام.
أرجع مرة أخرى إلى الدواء، أعتقد أن عقار (سبرالكس) دواء ممتاز، وإن لم تستطيعي الوصول إلى طبيب فيمكنك أن تتحصلي عليه، السبرالكس يسمى علميا (استالوبرام)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، تبدئي بخمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تتناولينها يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة – أي عشرة مليجرامات – يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرامات يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.
السبرالكس دواء سليم، وفاعل، وغير إدماني، ولا يؤثر مطلقا على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا وبالله التوفيق والسداد.