كيف أتخلص من الأفكار السلبية الدائمة؟

0 32

السؤال

أرجو مساعدتي.

عشت في ظروف عائلية صعبة، فشهدت كثيرا من مشاكل أمي وأبي، والآن أصبحت بعمر ٢٠ عاما، لا أستطيع أن أكون سعيدة، أشعر دائما أن كل شيء سيكون سيئا، علاقتي بالله جيدة، وأحاول التقرب منه دائما، وأحاول التفاؤل لكن والدتي تستمر في التحكم بي، وتقول إنني سيئة الطباع، لا أطيق سماع شيء منها؛ لأنها دائما تفكر بنفسها فقط، وإذا عارضتها بشيء أصبح سيئة.

أريد التخلص من هذه الأفكار السلبية الدائمة، أريد تجاهل ما تقوله أمي لي، وأن أصبح سعيدة بعيدا عن العائلة؛ لأنني لن أصبح سعيدة معهم، ولكن لا يمكن أن اتخلص منهم قبل إكمال دراستي، حتى فكرة الزواج تخيفني فأصبحت لا أتخيل أنني ساتزوج من رجل جيد، وأكون حياة جيدة، أنا فقط أريد طرقا لكي لا أتأثر بكلام أو تصرفات أحد حولي، أدعو الله دائما أن يدلني الطرق الصحيحة في كل شيء، ولكنني لا أدري ماذا أفعل الآن، روحي متعبة، ولا يوجد أحد أثق به في هذه الدنيا.

هناك جار لي عمره ٢٩ عاما، كنت أعتقد أني معجبة به منذ ٣ سنوات، ولكنني بدأت أدرك أنني أحبه؛ لأني أخاف عندما يتأخر بالعودة من العمل، وأخاف عندما أسمع أي خبر سيء، وأفكر به باستمرار حتى وأنا داخل أصعب المشاكل، لا نتكلم مع بعضنا أبدا، فقط إذا التقينا نلقي التحية، ولكني أشعر أنني أكن له مشاعر، وأريد أن أتقرب وأعرفه أكثر، ولكنني أخاف أنه لا يراني حتى، وأخاف أن يكون سيئا كباقي البشر، بعض الأحيان أرى أنه يرتبك عندما يراني، ويكون لطيفا جدا، وبعض الأحيان يكون حاد الطباع وجامدا، صليت استخارة بشأن هذا الموضوع وها أنا هنا.

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيلول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أجمل ترحيب.

غاليتي، نحن نأتي إلى الحياة ولم نختر أمهاتنا وآبائنا، ولكنا نملك حسن التكيف وحسن العشرة بالمعروف معهم، ولكن علينا أن نقترب منهم بالكلمة الطيبة، وخفض جناح الطاعة، والاحترام، وأن نكسبهم في الدارين: دعاء في الدنيا لتسهيل أمورنا، ورضى لدخولنا الجنة، والله سميع مجيب، وعلينا أن نقدر ونعذر ما تقدم منهم من خطأ في حقنا، رغم الألم والمرارة في داخلنا.

صحيح أننا لا نجد العلاقة بين الأم وابنتها دائما على ما يرام، وكثيرا ما نجد المنغصات والخلافات التي لا تخلو منها البيوت، لذلك علينا ان نتذكر أن الحياة قصيرة، وأصحابها راحلون.

ولا أظن أن هناك صعوبة في معرفة الأشياء التي تجلب غضب الوالدة، فأرجو أن تبتعد عن كل ما يثيرها ويغضبها، ونحن بلا شك لا نؤيد الوالدة في أسلوبها، ولكننا نلتمس لها الأعذار. ومهما كبرت الفجوة ومهما حصلت اختلافات في الرأي يضل الإحسان بالوالدة حق وواجب.

فتقبلي والدتك كما هي، واصبري على الخلاف مهما كان؛ قال تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}، ويكفي أنها أمك كي تكني لها كل الاحترام والحب والتقدير، فتجنبي مواجهتها بقول أو فعل يغضبها، وحاولي أن تجدي المبررات لها.

أما فيما يخص إعجابك بالشاب الذي يسكن بالجوار أقول لك غاليتي: إن الله أودع فينا المشاعر والأحاسيس والعواطف؛ فقد يشعر الواحد منا بميل تجاه شخص معين دون قصد وسعي منه، وهذه المشاعر المألوفة تجاه الجنس الآخر أخبرنا عنها رسولنا الأكرم في حديثه الشريف حيث قال: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، وهذه المشاعر لا إرادية، وتفرض نفسها ضمن مواقف معينة، وهذا لا يحاسب عليه الإنسان؛ لأنه لم يسع إليه، ولم يتعد مجرد الشعور، وأنا أتفهمك أنك معجبة به؛ لأنه رجل خلوق، ويحترمك، وأنت تتصرفين كما يجب أن تتصرف الفتاة المسلمة التي تعرف حدود الله عز وجل.

ولا مانع من صلاة الاستخارة، ودعاء الله أن يكون هذا الرجل من نصيبك، وإن كان خيرا لك اعلمي أن الله سوف يقدره لك، وإن كان شرا لك يبعده عنك، واعلمي أن الله لطيف بالعباد وأحن علينا من أمهاتنا.

ولكل هذا أقول لك بنيتي: أن تأخذي بهذه النصائح، واعملي بها؛ وسوف ترين كيف سوف تتيسر أمورك بإذن الله تعالى:
أنا أعلم أن البداية تكون صعبة، ولكن صدقيني كل شيء نتعود عليه، وحتى السعادة عادة، والنكد عادة، ونحن نختار لنسعد أو لنهلك، والله ما أراد بنا إلا الرحمة والرأفة، فلنرحم أنفسنا ومن نعيش معهم.

تقربي من والدتك واجتهدي في خدمتها، وقدمي لها القهوة أي شيء هب ترغب به ويسعد قلبها، حتى لو رفضت منك هذا الاهتمام، فلا تندمي أو تبدي لها أي استياء، بل قولي لها: كما تشائي يا أمي، وقبلي يدها ورأسها، واعلمي أنه مهما بلغ بك الجفاء؛ فيبقى لها حق البر عليك.

كوني وسيطا وحنونة في أسرتك، فأنت يا بنيتي في عمر النضج، ومتعلمة ومثقفة، وسوف يأتي نصيبك وتتزوجين، وستتحملين المسؤولية، وكل ما تعيشينه اليوم يكون ذكرى.

عليك أن تتعلمي طرق الدفاع عن حقك دون قطع العلاقات مع الإخوة والمعارف أو التسبب بغضب الوالدين، يجب أن تتعلمي الطرق الصحيحة في كيفية إقناع الآخرين بما ترينه مناسبا لك، دون الدخول بشجار معهم والتنازل عن حقك أو خسارتهم.

لا ترهقي نفسك -ابنتي الفاضلة- برمي اللوم على والدتك أو نفسك؛ فكثرة توجيه اللوم تؤدي إلى تدمير الإرادة وحب الحياة لديك؛ مما يفقدك الثقة بالنفس، وربما تدخلين في نفق الأمراض النفسية، فنحن بالنهاية بشر نخطئ ونصيب، والحكمة أن نتعلم من أي تجربة.

وثقي صلتك بالله عز وجل، واسأليه بعد كل إقامة صلاة أن يمنحك الثبات والعزيمة؛ لكي تتجاوزي ما يحصل لك؛ فإنه قريب سميع، يجيب دعوة الداع، وتذكري قول الرحمن: "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".

كل ما أوصيك به هو أن تركزي في دراستك الجامعية، وأن تعيدي بناء علاقاتك الاجتماعية مع صديقاتك، واعلمي أن الصداقة بين الأخوات في الإسلام مطلوبة وحاجة إنسانية ضرورية، وما نقوم به من أعمال خير وبر نجزى عليه خير الجزاء يوم الحساب.

طوري نفسك لكي ترتقي وتتميزي في تخصصك، من خلال المشاركة بالدورات التي تعنى بتطوير الذات والتخطيط للقيام بمشاريع مميزة تخدم أرضنا المباركة الحبيبة فلسطين، وهنا أذكرك بقول الأديب السباعي: "سر النجاح في الحياة أن تواجه مصاعبها بثبات الطير في ثورة العاصفة"، أسأل الله لك الصبر والثبات، ولك في هذا الطير حكمة، فهو لا يعرف معنى اليأس، ويعيد بناء العش الذي هدمته العاصفة.

وإذا أخذت وعملت بهذه النصائح ولم يحدث أي تقدم بالعلاقة مع الوالدة أقول لك: عليك بالاستمرار بالدعاء لوالدتك وأنصحك أن لا ترهقي نفسك بالتفكير لما يحدث بعد ذلك، فلا تحملي نفسك أكثر مما تحتمل، بل قولي: هذا قضاء الله وقدره.

أسأل الله لك راحة البال والسكينة، وأن يرزقك الزوج الصالح، ونسعد بك إن احتجت إلى مزيد من الاستفسار، وبإمكانك معاودة الكتابة إلينا مرة جديدة.

مواد ذات صلة

الاستشارات