السؤال
انفصلت عن زوجي بعد ٢٥ سنة زواج، بسبب عصبيته معي ومع الأبناء بالأخص، والعنف أحيانا، وكثرة الانتقاد.
بعد الطلاق أحسست أني أخطأت؛ لأني أخرجت من بناتي كما من الغضب تجاه الأب، لدرجة أنهم يعاملونه بفتور رهيب، وغضب شديد، لدرجة رفضهم محاولاته بالتقرب منهم مرة أخرى، وتصحيح أخطائه معهم، بعدما شعر هو الآخر بالندم، ووصل الأمر أنهم يرفضون محاولاته بالرجوع إلي، ويخيرونني بينه وبينهم.
هل هذا من حقهم؟ وهل من الخطأ محاولة الإصلاح ولم شمل الأسرة مرة أخرى بعد التأكد من مناقشة جميع أخطاء الماضي، وتحديد الضمانات على عدم تكرار الأخطاء؟
بناتي بعمر ٢٣ و ٢١ سنة.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صافي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونحيي رغبتك في العودة إلى الزوج والعودة إلى الحياة الزوجية، وهذا هو الأصل، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
أرجو أن تستمع بناتي لكلامي، وأن يكن لهن دور في إعادة الأمور إلى مجاريها، وعلى بناتي أن يعلمن أن لهذا الأب حقا، ينبغي أن يؤدى، وأن الشرع الذي يأمرهن ببر الأم هو الشرع الذي يأمرهن ببر الأب والإحسان إليه وإلى الأم.
لذلك أرجو أن تدرك البنات أن لهن دورا إيجابيا في إعادة الأمور إلى مجاريها؛ ولذلك أرجو أن يستمعن لهذه النصيحة، وهن أصحاب المصلحة، فإن أي رجل يريد أن يتقدم إلى بيت فيه إشكالات سيتردد، وأهم ما تحتاجه الفتاة بعد زواجها وفي زواجها أن يكون لها أب وأن يكون لها أم؛ ولذلك عودة الحياة إلى مجاريها والعفو عما مضى، وطي تلك الصفحات، فيه مصلحة لك وللوالد وللبنات، ويحقق رضا الله -تبارك وتعالى- فإنه لا يفرح بالطلاق سوى عدونا الشيطان.
أرجو كذلك أيضا أن تحاولي تصحيح ما حصل، فإن من الأمهات من تشحن قلوب أبنائها وبناتها على الأب، أو العكس، وهذا كله مما لا يرضي الله -تبارك وتعالى- لأن الأب يظل أبا حتى ولو حصل الطلاق، يظل أبا حتى ولو كان قاسيا، حتى ولو كان مقصرا، والأم تظل أما حتى ولو كانت قاسية أو مقصرة.
لذلك الشرع يأمر الأبناء بالإحسان لآبائهم ولأمهاتهم، ومن الإحسان ومن البر السعي في إصلاح هذه العلاقة، وفي لم الشمل، وبناتي -ولله الحمد- في أعمار تتيح لهن القيام بأدوار كبيرة جدا، وينبغي أن يعلمن أن بر الوالد والإحسان إليه، وقبول إحسانه، وتطييب خاطره، هذا كله من الأمور الشرعية، مهما كان من الوالد من تقصير، ومهما حصل منه؛ فإنه يظل والدا، والشريعة لا تبيح للإنسان العقوق لوالده حتى ولو كان على غير الإسلام، قالت أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتتني أمي وهي مشركة، وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك) فكيف إذا كان الأب من المسلمين، ومن عباد الله الذين سجدوا لله ويسجدون لله؟! لا يصلح هذا الذي يحدث من بناتي!
لذلك أرجو أن تستمري في المحاولات، وإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح، وأتمنى أن تكون بناتي خير عون لك على هذا الإصلاح، ولا مانع من الاتفاق مع الوالد على تلاشي الأخطاء القديمة، وتأكيد عدم العودة إليها، وعلى الجميع أن يشعر أن العلاقة الزوجية طاعة لرب البرية، وأن الذي يحسن يجازيه الله، وأن الذي يقصر من الزوجين يحاسبه، وأن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكم على الخير، ونكرر الترحيب بك، ونشكر لك هذه الاستشارة.