الرهاب الناتج عن سلوك إدماني خاطئ في الصغر هل له حلول دائمة؟

0 27

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا أود شكركم على هذا الموقع الرائع والذي أثق فيه، وأسأل الله -عز وجل- أن يدخلنا الفردوس أجمعين.

أنا شاب شارف على إتمام 18 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي، أحيانا يكون قويا فأستحي حتى من الكلام مع أفراد عائلتي في قراراتي ومشاريعي، وأحيانا يخف فأستطيع التعامل مع الناس بشكل جيد لكن مرتبك داخليا، علما بأني كنت سابقا أعاني من الوسواس لكن بفضل الله تعالى تجاوزت ذلك الأمر.

أظن أن المشكلة جاءت من ممارسة العادة السرية، فأنا بدأت ممارستها في عمر مبكر تقريبا 11 سنة لعدم وجود أي علم عندي مسبقا حول ذلك، فلما شاهدت ذلك انغمست فيه وانعزلت عن الناس فكنت لا أخرج من البيت؛ لأني دوما أشاهد ذلك، عندها بدأ يتكون عندي الخوف من ملاقات الناس بل وحتى اللعب مع أصدقائي، المهم أني انغمست فيها بشكل رهيب، أما الآن والحمد لله فقد وفقني ربي وتركتها تقريبا 20 يوما -وبإذن الله- سأتركها للأبد بحول الله وقوته.

أقول لنفسي بأن الناس كلهم ناقصون لكن هذا الأمر -الرهاب الاجتماعي- يجعلني دوما في قلق نفسي وأحاول التخلص منه، فأحيانا تكون عندي أفكار جيدة لكن أستحي أن أقولها أمام الناس.

الآن أفكر في الزواج، كيف سأفعل؟ فهو مسؤولية كبيرة كيف أتصرف في بيت وإدارته، كيف سأتخذ القرارات لوحدي؟ هل أترك الزواج بالكلية؟ بالرغم من أن لدي ميل للارتبط بامرأة صالحة لأخرج كل مشاعري وأحبها وأكون أسرة صالحة.

أريد علاجا للرهاب الاجتماعي، لدي أمل في الشفاء، فهل هناك علاج جذري لا يكون مؤقتا؟

عذرا على الإطالة، أسأل الله تعالى أن يغفر لكم ولوالديكم، وشكرا على خدماتكم المتميزة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

كما تفضلت كان لديك وساوس قهرية، وحقيقة الوساوس والقلق والمخاوف كلها تكون في بوتقة واحدة، وكثيرا ما تتبادل هذه الأعراض عند الإنسان، مرة يظهر الخوف، ومرة أخرى يظهر الوسواس، ومرة ثالثة يظهر القلق ... وهكذا، هذا التبادل النمطي يجعلنا نرجع لحقيقة علمية، أن هذه المكونات النفسية –أي القلق والخوف أيا كان والوساوس– هي من مكون نفسي واحد، ولذا يميل بعض العلماء لتسميتها بـ (الاضطرابات الوجدانية العصابية).

بالنسبة لك –أيها الفاضل الكريم– طبعا أنا سعيد جدا أنك قد تركت العادة السرية، وهذا حقيقة شعور بالمسؤولية، وأهنؤك عليه، لأن هذه العادة عادة قبيحة، منقصة للدين، منقصة للصحة، وفي حالتك أعتقد أنها جعلت كفاءتك النفسية تكون مهتزة جدا، هنالك هشاشة في كفاءتك النفسية، لذا حدثت لك هذه المخاوف الاجتماعية.

الخوف الاجتماعي ليس جبنا وليس ضعفا في شخصيتك، وليس قلة في إيمانك أبدا، لكن أعتقد أن العادة السرية والانكباب على الذات والخيالات الجنسية المصاحبة لها جعلتك تحس بشيء من افتقاد الأمان عند المواجهات، وحين تكون الثقة بالنفس مضطربة يحدث هذا أيها الفاضل الكريم.

الآن أنت الحمد لله حددت مسارك تماما، وتوقفت عن العادة السرية، أسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، ولديك تفكير جدي حول الزواج، أسأل الله تعالى أن يوفقك لهذا، وما دامت لديك النية إن شاء الله تعالى سوف تجد الزوجة الصالحة، وأبشرك بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم}، فضل الله في كل شيء: في المال، في الصحة، في الزوجة الصالحة، في الذرية، في الاستقرار.

فحقيقة أعجبني هذا التوجه، وأرجو أن تكون جادا فيه، وناقش الموضوع مع أسرتك، وأعتقد أنه حتى الدراسة والطلابية لن تعطلك من الزواج أبدا، أعرف بعض الأبناء الذين تزوجوا وهم في الجامعات، والحمد لله الآن تخرجوا وتوظفوا وذريتهم معهم. إذا قرارك هذا قرار إيجابي جدا.

بالنسبة للمخاوف الاجتماعية: أنا أريدك أن تطبق أشياء عملية، سوف تقضي على هذه المخاوف. أولا: أريدك أن تمارس رياضة مثل كرة القدم مع مجموعة من الشباب، هنا يحصل تفاعلا إيجابيا اجتماعيا ممتازا جدا.

ثانيا: احرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، المسجد هو مكان الاطمئنان والأمان، والذين يرتادونه نحسبهم إن شاء الله من الصالحين والخيرين، حين تجد نفسك وسطهم تحس بالأمان، وهذا تفاعل إنساني، بعد أن تسلم من الصلاة وتلتقي ببعض المصلين، تتبادل التحية معهم، هذا كله نوع من التمازج والانصهار والتفاعل الاجتماعي الإيجابي جدا.

ثالثا: أن يكون لك وجود إيجابي داخل أسرتك، تشارك بأفكارك، تسعى دائما لاستقرار الأسرة، تكون لك تطلعات، تكون بارا بوالديك، تشارك في أعمال البيت إن أمكن ويناسبك كرجل.

رابعا: أن تهتم بالواجبات الاجتماعية، أي واجب اجتماعي لا تتخلف عنه: الزيارات للمرضى، تقديم واجبات العزاء، الذهاب إلى الأفراح، إلى الأعراس، صلة الرحم ... هذه كلها مفيدة بالنسبة لك.

وحتى أطمئن عليك تماما وأنت في هذا العمر أريد أن أصف لك دواء بسيطا جدا وممتازا جدا، الدواء يسمى علميا (سيرترالين)، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات