السؤال
السلام عليكم
أنا متزوجة وأم لبنت، وأنتظر مولودا إن شاء الله، واستشارتي هي أني أعمل مع زوجي في مكان بعيد، وهذا العمل يتطلب غيابنا مدة شهر ونأخذ شهرا عطلة، أي نعمل شهرا بشهر، شهر عمل وشهرا نعود للبلاد التي نسكن فيها.
في الشهر الذي أعمل أترك ابنتي عند أهلي، أريد أن أسأل عن تربيتي لها كيف أتعامل معها؟ وكيف يمكنني تعويض الشهر الذي أغيب فيه؟ وكيف أنجح في تربيتها تربية سليمة؟
هل هذا الغياب يؤثر عليها مستقبلا؟ وكيف لي معالجة هذا الخلل خلال تواجدي معها خلال شهر العطلة؟ وهذا ينطبق على إخوتها مستقبلا.
علما بأنه لا يمكنني أخذها معي لمكان عملي لظروف العمل، ووجوده في مكان بعيد، ووجودها -الحمد لله- عند والدتي ووالدي وخالاتها وأخوالها هي في أمان، وأنا مطمئنة عليها، فقط دوري أنا كأم كيف يكون؟ خاصة في غيابي أنا ووالدها معا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي يدل على حرص على الخير، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
لا شك أن الأطفال بحاجة إلى الأم ثم بحاجة إلى الأم ثم بحاجة إلى الأم، وهم بحاجة إلى الأب كذلك، وتزداد أهمية وجود الأم في المراحل العمرية الأولى، ونحب أن نؤكد أنه إذا تعذر هذا فلا أفضل للأطفال من والدة الأم ووالدها والأخوال والخالات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن ينبت الأبناء والبنات نباتا حسنا، وأن يعينكم على الخير.
انطلاقا من طبيعة العمل المذكورة – وهي غياب شهر والوجود مع الأطفال شهر – فإننا ننصحك في هذا الشهر بكثرة القرب من هؤلاء الصغار والاهتمام بهم والاحتفاء بهم، وإشباعهم عاطفيا، واعلمي أن هذا الإشباع العاطفي يعود بالخير على الوالدين أيضا، فالعاطفة أخذ وعطاء.
لذلك أرجو في الشهر الذي تكونون فيه مع الأطفال أن تهتموا بهم غاية الاهتمام، وأن ترسخوا عندهم القيم النبيلة، وأن تفرغي لهم وقتا نوعيا، والوقت النوعي هو الوقت المخصص للطفل، الذي نبعد فيه جوالنا والشاشات التي تشغلنا، ونجلس مع الطفل نشاركه في لعبه، نشاركه فيما يهوى، نضحك معه، هذا وقت غال جدا وله تأثير كبير.
عليكم بكثرة الدعاء، وعليكم الاهتمام بترسيخ القيم الإيمانية والآداب الشرعية، ومن المهم جدا أيضا الاتفاق مع الأسرة على خطة تربوية موحدة، بحيث يعززون نفس المعاني التي قمت أنت والزوج بتعزيزها في فترة وجودكم مع الأطفال، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينكم حتى تصلوا إلى وضع عمل أحسن من هذا، كأن تنتقلوا إلى مكان أقرب أو يتغير هذا الوضع قليلا، مع مضي هؤلاء الأطفال في سنوات العمر، أما وهم في السنوات الأولى فهناك خير كثير في وجودهم مع الجدة والأخوال والخالات، إلا أن هذا لا يغني الأولاد عن آبائهم وأمهاتهم.
نسأل الله تعالى أن يعين الجميع على الخير، وأن يتولانا وإياكم برحمته، ونسعد بالتواصل المستمر لمتابعة أحوال هؤلاء الصغار، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.