السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 40 سنة، اشتركت في الموقع اليوم؛ لأني أود طرح مشكلتي عليكم بصفتكم أهل علم.
باختصار: مشكلتي تنحصر في صعوبة تحقيق بعض الأمور التي تعتبر طبيعية وسهلة إلى حد ما، فمثلا مسألة تأخر الزواج أصبحت بالنسبة لي كابوسا يجعلني أستيقظ من النوم كلما تذكرته، فرغم أنني منذ 10 سنوات وأنا لدي نية صادقة في البحث عن إنسانة مناسبة للزواج؛ إلا أنه لم يحالفني الحظ إلى هذه اللحظة، رغم أنني طلبت مساعدة أسرتي أو بعض أقارب العائلة.
والغريب أن هناك أفرادا من العائلة أو الأصدقاء يتزوجون بكل سهولة، الشيء الذي أثر بشكل كبير على صحتي الجسدية والنفسية.
هذا الأمر لا ينحصر في موضوع الزواج فحسب، فمنذ مدة وأنا أبحث عن أرض لبناء منزل صغير، وكلما أخذت موعدا مع صاحب الأرض للاتفاق على مبلغ البيع بعد المعاينة حتى يفاجئني صاحب الأرض أو الوسيط العقاري أنه قد تم بيعها لشخص آخر، أمام ذهول كبير مني ومن عائلتي، والغريب أنها تكررت عدة مرات.
الله سبحانه وتعالى يعلم أني أريد الفرار إليه، واتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، إلا أني في المقابل أجد الحظ يعاكسني في كل أمر أنوي القيام به.
فأسألكم بالله أن تفيدوني في مسألتي هذه، وتكونوا سببا في خروجي من هذه الدوامة.
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير ويسهله لك، ونحن نبدأ من حيث انتهيت أنت – أيها الحبيب – فقد وفقت لاختيار الطريق الصحيح لمعالجة أحوالك وتغييرها، وهو: الفرار إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة إليه والإكثار من استغفاره، وهذه طريقة المسلم العاقل المنصف الذي يعرف حقيقة نفسه ويعرف حق ربه سبحانه وتعالى، فالمؤمن إذا وقع به مكروه أو فات عليه محبوب أو وقع في ضيق من أمره؛ يعود فيفتش في أحواله وينظر في أموره وفي علاقته بربه، فلعله يجد ما يحتاج إلى إصلاح أو ذنب يحتاج إلى استغفار، فيصلح أحواله ويستغفر ربه فتتيسر الأمور.
هذه طريقة المسلم العاقل، ونظن أنك ممن وفق لسلوك هذه الطريقة، فنحن نوصيك بأن تتشبث بهذا المنهج وتسير فيه، فتتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ذنوبك الظاهرة والباطنة، القديمة والحديثة، وتكثر من الاستغفار، فالله سبحانه وتعالى يقول: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدارا}، وقد ذكر العلامة الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (الداء والدواء)، ذكر كلاما جميلا في أثر الذنوب على الإنسان، وأنها تسد عليه أبواب المصالح، فلا يتوجه إلى باب من أبواب المصالح إلا وجده مسدودا، وهذا يكون بسبب الذنوب.
فنصيحتنا لك أن تحسن الظن بالله، وتعلم أنه جواد كريم، وأنه عليم رحيم، يعلم ما يصلحك، وهو أرحم بك من نفسك، فيرجعك إليه سبحانه وتعالى ويجرك إلى طريق السعادة والفلاح من حيث لا تشعر، فإذا منعك من أشياء أو حرمك من أشياء وكان ذلك دافعا لك إلى أن تتفقد أحوالك وتصلحها؛ فهذه نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى ينبغي أن تستغلها، فهي مفتاح للسعادة العاجلة والآجلة.
هذا من حيث الإجمال، أما موضوع الزواج فأمره سهل يسير، فخذ بأسبابه، أول هذه الأسباب: أن لا تكون مثاليا مبالغا في الصفات التي تتطلبها في الزوجة التي تريدها، بل احرص على أن تكون مقبولة لديك كافية لإشباع حاجتك من الجمال، متدينة، تحفظ نفسها وعرضها وتحفظك، ثم استعن بالله سبحانه وتعالى بكثرة دعائه، بأن ييسر لك الخير، وييسر لك الزوجة الصالحة، والله تعالى يقول: {ادعوني أستجب لكم}. ثم استعن بالأقارب، بالبحث عن المرأة الصالحة، وكذلك الأصدقاء، وسيتيسر لك الأمر بإذن الله تعالى، فالنساء كثيرات، فلا تستسلم لهذا الشعور الذي تشعر به وأن الأمر عسير، وكذلك باقي أمورك، إذا منعت شيئا فاعلم أن الخير فيما يقدره الله تعالى لك، خذ بالأسباب المشروعة المباحة، واحرص على ما ينفعك، هذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قدر الله تعالى أن يصرف عنك شيئا كن على ثقة ويقين بأن ما يقدره الله تعالى لك هو الأفضل لك والخير والأصلح.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.