السؤال
السلام عليكم.
منذ شهرين توفي أبي، وبعد مدة قصيرة أصبت (بالخلعة) وهو ما يعرف (بصفاير)، والخوف الشديد من الموت، وفقدان شخص عزيز.
ذهبت إلى طبيبة نفسية، أخبرتني أنها نوبات هلع، و تحسنت بعد أسبوعين، لكن البارحة أصبت بخلعة أخرى، والآن لا أستطيع النوم، وأشعر بخفقان القلب والخوف الشديد والقلق، وأشرب الحلبة منذ أسبوع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بينهم وبين خطاياهم كما باعدت بين المشرق والمغرب.
الموت حق ولا شك في ذلك، الموت أجل وكتاب مسمى، ولكل أجل كتاب، وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ومنها (الابن الصالح الذي يدعو له)، وأنا أريدك أن تكثري من الدعاء لوالدك، نسأل الله تعالى له الرحمة، والدعاء حقيقة أمر عظيم، وعبادة عظيمة، فيها خير كثير، وفي حالتك حقيقة أنت محتاجة له، و-إن شاء الله- أيضا فيه خير كثير لوالدك، رحمة من الله تعالى. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: الموت لا بد أن يصحبه حزن يصيب الآخرين، وسماه الله (مصيبة الموت) وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- (هادم اللذات)، يصيب أبناء المتوفي بالحزن الشديد على فقدهم لأبيهم أو لأمهم، وهو تفاعل إنساني طبيعي وجداني، لكن الإنسان لا بد أن يستدرك، ولا بد أن يكون واعيا أن الموت حق، وأن الآجال إذا جاءت لا تتأخر {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، {إنك ميت وإنهم ميتون}، {كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}، {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات بشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}، إذا أمر الموت أمر قاطع لا جدال ولا مشاورة حوله، وأنا أريدك حقيقة أن تبني فكرك على ذلك، أنا متأكد أنك مدركة لما أقوله، لكن ذكرته لك من أجل التذكر والتثبيت.
الذي حدث لك الآن هو قلق مخاوف، والخوف الشديد من الموت دائما سببه أن الإنسان إما أن يكون مقصرا ومليئا بالذنوب، ويخاف أن يأتيه الموت فجأة، أو يكون في ضلال وفي غواية، وحين يذكر الموت تجده خائفا، دون أن يتعظ، وهذا نوع سيء من الخوف من الموت. الخوف المحمود هو أن يخاف الإنسان من الموت، وأن يدرك أن الموت حق ولا شك في ذلك، وأن الآجال بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يؤخر في عمر الإنسان ولا ينقصه أبدا، ويعمل الإنسان الصالحات حتى لا يأتيه الموت وهو غافل.
والإنسان يعيش حياة قوية، حياة منتجة، حياة نافعة، وتسألي الله تعالى أن يبارك في عمرك وفي أجلك، وأن يطيل عمرك في عمل الصالحات، وأن تسألي الله حسن الخاتمة.
هذا – أيتها الفاضلة الكريمة – يجعلك تشعرين بشعور قوي جدا بالأمان، ويجعلك تشعرين بحقيقة الموت، فأرجو أن تنتهجي هذه المنهجية.
أما موضوع الخفقان واضطراب النوم: فهو جزء من عملية القلق (قلق المخاوف) الذي أتاك، وربما يكون لديك شيء من القابلية والاستعداد أصلا لنوبات الهلع أو الهرع.
أريدك الآن أن تحرصي أكثر على الورد القرآني اليومي، وأريدك أن تطبقي تمارين استرخاء، تمارين التنفس المتدرجة مفيدة جدا، ارجعي إلى استشارة إسلام ويب التي رقمها (2136015) وطبقي ما ورد فيها من إرشادات حول كيفية تمارين الاسترخاء، وأيضا يمكن أن تستفيدي من البرامج الموجودة على اليوتيوب حول الاسترخاء.
مارسي رياضة المشي، حاولي أن تستفيدي من وقتك، تجنبي الفراغ، اجلسي مع أهلك، تواصلي مع صديقاتك، اجتهدي في دراستك، كوني شخصا فاعلا وراقيا، احملي اسم والدك، هذه كلها تعطيك حقيقة دفعا نفسيا إيجابيا، لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي.
وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (2405159 - 2323709 - 2322784).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.