السؤال
السلام عليكم.
بعد زيارتي للأطباء لأكثر من 4 سنوات لا أسمع منهم إلا كلمة واحدة، (حالة نفسية)، ذهبت إلى الطبيب النفسي ولم يعطني إلا مضادات الاكتئاب، ولم أتحسن عليها.
مشكلتي منذ أكثر من عشر سنوات، لدي أعراض الاكتئاب مثل التعب والأرق، والتفكير بالانتحار، وضيق التنفس، ولكن لا ولم أشعر أن لدي مشكلة نفسية.
أتفهم موقف الأطباء من حالتي، فنتيجة الفوحوصات دائما سليمة -والحمد لله- قابلت طبيبة أعصاب نفسية وعملت لدي فحوص تركيز وذاكرة، وقالت إننا مقنعون بالأعراض، وكتبت لي في التقرير )لا يوجد دليل على الوهم أو الجنون أو اضرابات الأنية)، ولكن لم يقدم لي أحد الحل.
أنا ليس لدي مشكلة بأن يكون لدي مشكلة نفسية، ولكن لا يقول لي أحد ما هي المشكلة، والأهم ما هو الحل؟ الخص حياتي بكلمة واحدة وهي مصيبة لا أستطيع فعل أبسط الأشياء، وشعور بالتوتر بشكل دائم، بدون سبب نفسي، وأظن الألم في الجانب الأيسر هو السبب.
آسف على عشوائيتي بالكتابة، ولا أستطيع أن أكون أفضل بسبب حالتي، لدي ألم دائم منذ عشر سنوات بالجانب الأيسر الأسفل من الصدر.
أقوم دائما بإخراج الغازات من المعدة عن طريق الفم، من دون صوت، ومهما أخرجت لا تنتهي! هل من الممكن أن يسبب لي مرضا في الجهاز الهضمي، ويسبب لي الاكتئاب والخلل في الهرمونات دون أن تشير فحوص الدم (مثل فقر الدم) وليس لدي فقر دم.
قابلت منذ فترة معالجة نفسية، وكل الذي فعلته أنها أرسلتني لطبيبة نفسية أخرى، ونصحت بتناول الاميترابلتين الذي أخذته منذ سنوات بالفعل ولم أستفد، وقلت لها: ما سبب الاكتئاب؟ قالت لي ربما إنه ليس اكتئابا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: طبعا من حقك أن تفهم ما بك، ومن واجب الأطباء أن شرحوا لك إذا كانت هنالك أسباب واضحة.
الاكتئاب النفسي مرض معروف – أيها الفاضل الكريم – وفي بعض الأحيان لا يكون لديه أي سبب، هذا مؤكد.
في بعض الحالات نجد أن هنالك عوامل وراثية، يعني: ربما يكون أحد أفراد الأسرة من الأقرباء يعاني من نفس الحالة أو حالة شبيهة، أو حتى من الأجداد الذين ماتوا والذين سبقوا، لأن هذه الأمراض يمكن حقيقة أن تختفي في جيل أو جيلين ثم تظهر. إذا العامل الوراثي هو أحد العوامل المعروفة.
الأمر الآخر هو: الهشاشة النفسية في الشخصية، هنالك أناس ليس لديهم تحمل، إذا عوامل الشخصية أيضا أحد العوامل.
ثالثا: بعض الناس يتأثرون كثيرا للضغوطات وللصعوبات الحياتية، خاصة الصعوبات التربوية في الطفولة المبكرة.
رابعا: بعض الناس يكون التشاؤم دائما هو مبدأهم، وليس لديهم دافعية، وليس لديهم حقيقة المقدرة على التنافسية، هؤلاء أيضا يكونون عرضة للاكتئاب.
طبعا بعض الناس – وأنا طبعا لا أقصدك بأي حال من الأحوال – لديهم ممارسات خاطئة، تعاطي المخدرات مثلا من الأشياء التي قد تؤدي إلى الاكتئاب النفسي، عدم تنظيم الحياة والسهر، والبعد عن الدين أيضا – أخي الكريم – هذا عامل، بعض الناس لا يطورون أنفسهم مهنيا ولا أكاديميا، وليس لهم أبدا علاقة بالواجبات الاجتماعية ولا يقومون بها.
هذه هي الأسباب – أيها الفاضل الكريم – هذه هي الأسباب وليست نتائج للاكتئاب، إنما هي أسباب حقيقة تؤدي إلى الاكتئاب، وكما ذكرت لك: في بعض الأحيان قد لا تكون هنالك أسباب.
العلاج – أخي الكريم – يتكون من العلاج النفسي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي، والعلاج الدوائي.
العلاج النفسي معروف: الفكرة السلبية نغيرها إلى فكرة إيجابية، الشعور السلبي أغيره إلى شعور إيجابي، الأعمال والأفعال مهمة جدا في حياتنا، يجب أن ألتزم بها مهما كان شعوري، ويجب أن يكون لدي الحد الأدنى من التواصل الاجتماعي، الحد الأدنى من القيام بالواجبات المهنية، الحد الأدنى من ممارسة الرياضة، لأن الرياضة تقوي النفوس والأجسام، ولا نقول الحد الأدنى من العبادة، إنما نتمنى ونتعشم في أن يحرص الإنسان في صلاته مع الجماعة، ويحرص على الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء – وتلاوة القرآن، وصلة الرحم ...هذه – أخي الكريم – أمور يجب أن تتأصل في الإنسان.
إذا هذه هي الطرق العلاجية، طرق ووسائل علاجية تأهيلية، فيا أخي الكريم: اجعل لنفسك نصيبا مما ذكرت لك من هذه العلاجات الأربعة (النفسي، والاجتماعي، والإسلامي)، وهذا هو علاج الاكتئاب لديك.
بعد ذلك يأتي العلاج الدوائي: الـ (إميتربتالين) من الأدوية المضادة للاكتئاب، لكنه دواء قديم نسبيا.
توجد أدوية أخرى فاعلة ممتازة، ويمكن للطبيب النفسي أن يصفها لك، وإن لم يكن ذلك ممكنا أنا أنصحك بتناول عقار يسمى (فلافاكسين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (إفيكسور)، تبدأ بـ 37,5 مليجراما يوميا، وبعد عشرة أيام تجعلها خمسة وسبعين مليجراما يوميا، وبعد شهر تجعلها مائة وخمسين مليجراما يوميا، وهذه هي الجرعة العلاجية، جرعة واحدة في اليوم – أخي الكريم – لا تحتاج لأكثر من ذلك.
تستمر على هذه الجرعة (مائة وخمسين مليجراما) مثلا لمدة ستة أشهر، وتقيم حالتك بعد ذلك، إذا تحسنت أمورك – وأتمنى ذلك – فيمكنك أن تخفض الجرعة تدريجيا إلى خمسة سبعين مليجراما مثلا لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم إلى سبعة وثلاثين ونصف مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.