السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي ابن في كلية مرموقة، ولم ينته من دراسته بعد، خطب فتاة زميلة له، ولم يقدم الشبكة حتى ينتهيا من دراستهما، ما أود أن أسأل عنه هو أن والد البنت ووالدتها منفصلان منذ أن كانت هي وأخت لها أطفالا صغارا، تزوجت الأم، وتزوج الأب، وأخذ أطفاله معه، ورباهم إلى أن كبروا، ودخلوا الجامعة، وفي أحد الأيام اتفقت المخطوبة مع أختها الأخرى للذهاب لبيت والدتها، والعيش معها؛ لأنها سئمت من سوء معاملة زوجة أبيهم لهما، وذهبوا بدون علم والدهما.
اكتشف الأب ذلك، وقال من وقتها إن أولاده ماتوا ولم يرهم إلى الآن، ولم ينفق عليهم منذ ثلاث سنوات، ولا يسأل عنهم، ولا هم يسألون عنه، وتولى جدهما لأبيهما الإنفاق عليهما بجزء يسير، عاشت البنتان مع الأم، وقد تزوجت إحداهما من رجل متزوج صغير في السن، وله ابنة، وخطب ابني الأخرى، وبعد الخطوبة فوجئنا بانتقال الأم لبلدة زوجها تاركة البنت بمفردها في شقة في عمارة يملكها جدها، ولا يقيم فيها وتمر الأم من وقت للآخر لرؤية ابنتها، وقد حولت المخطوبة الشقة لسكن الطالبات لتنفق على نفسها، واشتغلت في عمل ديكور لأفراح زميلاتها، وتدخل بيوت عدة بسبب شغلها هذا لتنفق على نفسها، وكنت أعاتبها على شيء بسيط، فوجدت سوء خلق في الرد إلى جانب كل هذه الظروف.
طلبت من ابني فسخ خطبته منها وهو متمسك بها خصوصا أننا وافقنا على الخطبة تحت ضغط شديد، وإلحاح شديد منه، فبماذا تنصحونني؟ فابني متابع جيد لكم، وطلبنا منها أن تستسمح أباها قبل الخطبة وبعدها فلم تقبل، نحن رافضون وضعها الماضي والراهن.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم كريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا أختنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك الحرص والاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعين ابننا على اتخاذ القرار الذي فيه رضى للكبير المتعال، والذي يجلب رضى والديه، ويكون فيه مصلحة للجميع، نسأل الله أن يهدي شبابنا وفتياتنا إلى ما يحبه ربنا ويرضاه.
لا شك أن العبرة في الفتاة بصلاحها، وإذا كان الابن قد اختار على أسس صحيحة فلن يضر الفتاة ما حصل، إذا كانت هي ملتزمة بالآداب الشرعية، سليمة في نفسها وفي عرضها، حريصة على الخير؛ فلا يضرها ما يحصل، رغم استغرابنا لهذا الوضع الذي حصل لها، ترك الوالدة لها، ولكن شخصية الفتاة ومدى التزامها بالحجاب وبالدين وبآداب الشرع؛ هي التي تحدد هذه الأمور.
ونحن أيضا نتمنى في مثل هذه الأحوال لو أن الأبناء شاوروا قبل أن تتعمق العلاقة، قبل أن يستمروا في التواصل العاطفي الذي يؤكد ويعمق المشاعر بينهم؛ لأنه بعد ذلك قد يحصل إشكال في حال الافتراق للطرفين.
وعليه: أرجو أن تقوموا بالمزيد من البحث، وتستمروا في تشجيع الفتاة على مصالحة والدها، لأنه يظل والدا في كل الأحوال، ومن حقكم أن تسألوا عن الفتاة، كما أن الفتاة من حقها أن تسأل عنه.
وإذا كان الولد (الشاب) مصر على أن يكمل معها المشوار، وليس عندكم أي اعتبار شرعي أو ملاحظة شرعية فأرجو ألا تقفوا في طريقه، أما إذا كانت هنالك ملاحظات شرعية واضحة فعندها ينبغي أن يطيعكم، لأن أمر الوالد وأمر الوالدة إذا كان في طاعة الله فإنهم يطاعوا، أما إذا كان مبنيا على أسس وقواعد واضحة كوضوح الشمس في ضحاها، فعند ذلك يمكن للشاب أن يمضي في هذا المشوار، وعليه أيضا أن يتحمل مسؤولية هذا الاختيار.
وكون الفتاة عندها بيت مؤجر للطالبات وتعمل: هذا قد لا يضرها كثيرا إذا كانت هي ملتزمة بالآداب الشرعية، في خروجها وفي دخولها وفي تعاملها مع الآخرين.
نسأل الله أن يقدر لها ولابننا الخير، وأن يلهمهم جميعا السداد والرشاد، ونكرر لكم الشكر على هذا السؤال، ونتمنى أن تصل تفاصيل أكثر حتى نستطيع أن نتعاون في اتخاذ القرار.
أما الآن فنحن ندعوكم إلى المزيد من البحث والتحري، وأيضا سؤال الابن عن القواعد التي اختار عليها، ثالثا: تشجيع الفتاة على الصلح مع والدها، وتذكير الشاب والفتاة بضرورة أن تكون مراسيم الزواج والعلاقة كلها محكومة بقواعد وضوابط هذا الشرع، فإن الإنسان ينبغي أن يحتكم لهذه الشريعة في كل تصرفاته، ونسأل الله أن يقدر لكم ولأبنائكم الخير ثم يرضيهم به.