السؤال
السلام عليكم
لو سمحتم لدي ابنتان، الأولى عمرها ١٠ سنوات، تأخرت بالإنجاب، والثانية أنجبتها بعد ٨ سنوات.
أعاني من عناد طفلتي الكبيرة، وعدم سماع الكلام، وعدم الدراسة، وعدم تحمل المسؤولية، وعدم مساعدتي، حتى أقوم أنا بإطعامها في بعض الأحيان.
بالإضافة لتعلقها الشديد بالتابليت، لم أترك وسيلة ترغيب لحفظ القرآن أو الصلاة، أو نيل العلامات المرتفعة دون فائدة، والآن أشعر بأنها تحاول إغاظتي في الإساءة لأختها، ودائما تتهمني بأنني أكرهها وأحب أختها أكثر منها، رغم أنني دائما أعانقها وأدللها، ولا أستعمل معها العنف أبدا، ولكن غيرتها من أختها شديدة، حتى في المدرسة كانت دائما تأتيني شكاوى بأنها دائمة البكاء لأتفه الأسباب، كيف أتعامل معها؟ ولكم الشكر.
سؤال آخر لو سمحتم: ابنتي الصغيرة عمرها عامان، وعصبية بشكل كبير، دائما تصرخ وتستلقي على الأرض بنوبات غضب، لا أستطيع تهدئتها بشتى الأشكال، أكلمها وأحن عليها وأعانقها دون فائدة، حتى طبيب الأطفال يعاني أثناء فحصها بسبب بكائها القوي، وزاد الأمر علي أنني اضطررت لفطامها لسبب طبي فجأة فتضاعفت نوبات الغضب، فكيف أتصرف معها؟
وأعتذر عن الإطالة، ولكم الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
مرحبا -بأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح البنيات، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن ما يحدث من إشكالات في تربية البنت التي عمرها عشر سنوات، والصغيرة التي عمرها عامين واضح؛ لأن الفارق الكبير في العمر والاهتمام الذي وجدته الكبيرة، ثم جاءت من تسحب البساط من تحت أقدامها، جعل الأولى تعاند، والثانية كذلك هي تدخل مرحلة العناد، ولذلك نسأل الله أن يعينك على الصبر، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونعتقد أننا بحاجة إلى الآتي:
أولا: عليك بكثرة الدعاء للبنات، لا بد من تدخل الوالد ليكون مشاركا في التربية، فلو أن الوالد اشتغل مع البنت الكبرى وأهتم بها، وقام بها على الأقل في اللحظات التي تكونين أنت تهتمين بالصغيرة، فإن ذلك مما يخفف هذا الذي يحدث.
كذلك لا بد أن نعرف أن الكبيرة بحاجة إلى الاهتمام وبحاجة إلى أن نضع لها مكانة، وأن نكلفها بمهام، فعشر سنوات هي مرحلة البحث عن المكانة العائلية، والتركيز على إيجابياتها والاهتمام بها.
أيضا ندعوك إلى اتخاذ خطة موحدة، فإن الدلال الزائد له أضرار مثل القسوة الزائدة، ولذلك لا بد من الاعتدال، ولا بد من جعل هذه البنت تتحمل بعض المسؤوليات، على الأقل في الأخطاء التي ترتكبها إذا عاندت.
كذلك من المهم جدا التنسيق بينك وبين المدرسة والمعلمات، حتى يكون التوجيه في اتجاه واحد.
كذلك أيضا أنت بحاجة إلى التغافل عن بعض التصرفات، فإن اهتمامك وانزعاجك الزائد يرسخ السلوكيات السالبة عند الكبرى وعند الصغرى، فلا تنزعجي إذا بكت الصغرى مثلا؛ لأن البكاء لا يضرها، فقط تأكدي أنها ليست مريضة، ليست جائعة، ليس هناك ما يخيفها، فإذا كان البكاء من الدلال فإن البكاء لا يضرها، بل تستفيد منه وتتعلم الصبر وسعة الصدر وتتخلص من أشياء مخاطية ضارة، وكذلك هذه الدموع تفيدها ولا تضرها، إذا كان البكاء بلا سبب، يعني نوع من الدلع.
كذلك أيضا من المهم جدا أن تحرصي على أن تخصصي وقتا لكل واحدة من البنيات، فإذا نامت الصغرى فأقبلي على الكبرى واجلسي معها وامزحي معها وشاركيها اللعب، وعاونيها في الدراسة.
كذلك أيضا من المهم جدا توجيه عاطفة الكبرى لرعاية أختها الصغرى، بأنها تحبها، وتمدحيها أمام الناس، وأنها ما قصرت معي، وجاءت بالطعام لأختها، يعني مثل هذا الكلام، حتى نوجه عاطفتها، بدل الغيرة لتكون عونا وحبا لأختها الصغيرة.
طبعا لا بد أن نؤكد أيضا أن مثل هذا الإشكال يحدث عندما يكون الفارق كبيرا بين الطفل الأول والطفل الثاني، وعلى كل حال نسأل الله أن يعينك على الخير، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع الموقع، بعد تطبيق الإرشادات التي ذكرناها، ونحب أن نؤكد أيضا عدم إعلان العجز، لا تعلني عجزك، فأنت قادرة -إن شاء الله- على حسن التربية والتوجيه، بشرط أن يتدخل الوالد، وإذا كان الوالد بعيدا فلا مانع من أن يكون للعم دور، أو للأخوال أدوارا كبيرة جدا في صرف إحدى البنيات عنك عندما تنشغلين مع الأولى أو مع الثانية.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونسأله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.