السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب بعمر ٢٥ سنة، لا أملك الإمكانية المادية للزواج مطلقا بسبب غلاء المهور، وأطلب يوميا أن يغنيني الله بحلاله كي لا أقع في الحرام.
أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بالصيام إن لم نستطع، لكن إلى متى؟ وماذا لو جربت الصيام ولم ينفع؟ شهوتي قوية جدا، وأصبحت أعاني نفسيا من هذا الموضوع فكيف أعف نفسي؟ وماذا أفعل؟
جزاكم الله الخير كله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
لقد وفقت توفيقا عظيما –أيها الحبيب– حين التجأت إلى الله تعالى بالدعاء، ونسأل الله تعالى أن يفتح أمامك أبواب الخيرات، فهو سبحانه القادر على أن يغنيك ويكفيك بالحلال عن الحرام، وقد وعد الله تعالى من عجز عن النكاح فسلك سبيل العفة أن يغنيه الله من فضله، فقال سبحانه وتعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}، فسيغنيك الله تعالى، عاجلا أو آجلا.
وصيتنا لك أن تصبر، فإن الصبر سبب جالب للخيرات كلها في الدنيا والآخرة، خذ بالأسباب التي شرعها الله تعالى لك للاستعفاف ولتحصيل الزواج، وأحسن ظنك بالله سبحانه وتعالى، وسترى الخير في حياتك إن شاء الله.
أما الاستعفاف فأعظم أسبابه الصيام، كما ذكرت في سؤالك، ولكن الصيام لا يؤثر في تقليل الشهوة إلا إذا أدمن عليه الإنسان، وداوم عليه، أما في بداياته فربما كان هو بنفسه مثيرا للشهوة، ولكن إذا أدمنت عليه انكسرت النفس، وقلت شهواتها، وهذا إرشاد من خير البرية – صلوات الله وسلامه عليه – إذ قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء).
من الأسباب – أيها الحبيب – الابتعاد عن المثيرات بكل أنواعها المرئية والمسموعة وغير ذلك، فابتعد عن الأجواء التي تثير الفتنة، وتثير الشهوات.
من الأسباب الصحبة الصالحة، فاصحب الصالحين وأكثر من مجالستهم، وإمضاء الأوقات معهم، ففي ذلك عون لك في اغتنام أوقاتك فيما ينفع.
من الأسباب تجنب الفراغ، وألا تدع جزءا من وقتك فارغا، فإن الفراغ مفسدة للشباب، فأشغل نفسك واملأ أوقاتك بالبرامج النافعة من أمر الدين أو أمر الدنيا، وهكذا إذا فعلت هذا فإنك إن شاء الله تعالى ستعين نفسك على العفة.
أما أسباب الزواج فخذ بالأسباب الممكنة، اطلب الرزق وتوكل على الله تعالى فيه، وداوم على الاستغفار والتوبة، فإن الاستغفار من الأسباب الجالبة للأرزاق، وابحث عن العمل بما تيسر، وسيفتح الله تعالى عليك.
من الأسباب: أن تكون متواضعا في عيشتك، تعيش بقدر إمكاناتك، وابحث عن الفتاة التي تناسبك في هذه العيشة، وستجد بإذن الله، فإن لم تجد في مجتمعك ففي مجتمعات كثيرة أخرى ستجد فتيات يقبلن باليسير من المهور، ويقبلن بالحياة اليسيرة، فاسع وراء رزقك، وستجد إن شاء الله تعالى ما يكفيك ويغنيك.
ثم اعلم – أيها الحبيب – أن هذه الدار التي نحن فيها – الحياة الدنيا – دار ابتلاء وامتحان، يبتلي الله تعالى الإنسان فيها ليرى صبره وطاعته لله تعالى ووقوفه عند حدوده، ثم تأت دار الجزاء التي فيها النعيم المقيم والسعادة الأبدية.
على الإنسان أن يوطن نفسه على أنه قد يبتلى في هذه الدار وتفوته بعض اللذائذ، ولكن الله تعالى سيعوضه عن كل ما يفوته بأضعاف أضعاف ما فاته، كما دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة التي نطق بها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وييسره لك، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه.