السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع، وعلى طاقم الاستشاريين.
بدأت مشكلتي بعد أن تعرضت لضغط شديد لمدة عام كامل، وبسبب هذا الضغط بدأت تظهر علي أعراض تدريجيا بسبب هذا الضغط، ومن ضمنها قلة النوم والبكاء الشديد.
في أحد الأيام استيقضت على شعور غريب عبارة عن ضيق شديد، وكدت أن أفقد عقلي بسببه، فأصبحت أدور بالمنزل لا أعلم ما بي، فذهبت لطبيب نفسي وصرف لي سيبراليكس.
نمت وبعد أن استيقضت من النوم أصابني هلع شدي، وأحسست أني سأموت، وتكرر هذا الأمر لأسبوع كامل.
عندما أغفو يوقضني هلع شديد، وتعرق مستمر بالوجه واليدين والظهر، بعدها غيرت العلاج إلى سيروكسات، وحدث تحسن بالأسبوع الأول لكن عاد التعرق والاكتئاب من جديد.
الآن أعاني من الاكتئاب والتعرق المستمر، علما بأني مستمر على زيروكسات ٢٠ ملم قرابة الشهر، ولم يحدث تحسن باستثناء الأسبوع الأول، فأرجو منكم تشخيص الحالة والدواء المناسب.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الوسطاوي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء.
يظهر أنك دخلت في حالة قلق ونوبة هرع وهلع، وتولد عن كل ذلك حالة من عسر المزاج أسميتها أنت بالاكتئاب، ومن وجهة نظري هو نوع من عدم القدرة على التكيف مع وضعك الحالي، ويمكن أن نصل إلى تشخيص لحالتك، تشخيص نهائي، وهو أنك تعاني من قلق اكتئابي بسيط.
اجتهادك السلوكي وتغيير نمط حياتك لتجعلها حياة إيجابية أهم من العلاج الدوائي، وأول ما تبدأ به أريدك أن تذهب إلى طبيب عمومي – أو طبيب الأسرة – لتجري فحوصات عامة، أو يمكنك أن تذهب مباشرة إلى المختبر لتتأكد من نسبة الدم لديك، ونسبة السكر، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى الأملاح في الدم، مستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د).
هذه فحوصات أساسية عامة، إن شاء الله تعالى كلها تطلع طبيعية، إجراؤها مهم، لأن هذه هي القاعدة الطبية الرصينة، والإنسان حين يجري هذه الفحوصات ويكتشف أنه بخير؛ هذه في حد ذاتها تؤدي إلى دفع نفسي إيجابي جدا.
بعد هذه الخطوة أريدك أن تحاول أن تجزأ الضغوطات الشديدة التي تعرضت لها، لا تنظر إليها ككتلة واحدة، لأن بعضها قد تكون ضغوطات إيجابية، ضغوطات الإنجاز كثيرا ما نهملها، وهي ذات قيمة إيجابية جدا، فكن إيجابيا، واجه هذه الضغوطات، ما تستطيع أن تحله فحله، وما لا تستطيع تجاهله فتجاهله، وما تستطيع أن تجمده فجمده، ولا تعش في الماضي أبدا، لأن قوة الحاضر أفضل كثيرا من ضعف الماضي.
انطلق الآن، ويجب أن تبحث عن عمل، مهما كانت ظروف سوق العمل، لكن العمل هو قيمة الإنسان، من خلاله تتطور المهارات، وحين أقول أنه قيمة الإنسان أي أن الإنسان يشعر بقيمته الذاتية الداخلية، ويحس أنه مفيد لنفسه ولغيره، وهذا قطعا سلاح قوي جدا لمحاربة الاكتئاب.
لا بد أن تبحث عن عمل، والإنسان يقبل بأي عمل متاح، ليس هناك عيبا، حتى ولو كانت وظيفة بسيطة من نظر بعض الناس. إذا هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: تنظم وقتك، تتجنب النوم في النهار، وتثبت وقت النوم ليلا، تتجنب السهر، رياضة المشيء مهمة جدا لك، الرياضة تؤدي إلى إفرازات كيميائية داخلية في الدماغ، وهذه لها أثر إيجابي جدا.
أخي الكريم: الحرص على التواصل الاجتماعي، والقيام بالواجبات الاجتماعية – كزيارة الأرحام، زيارة الأهل، زيارة المرضى، الذهاب إلى الأفراح، المشي في الجنائز – هذه لها قيمة علاجية كبيرة جدا. ومن المهم أن تحسن إدارة وقتك، الصلاة مع الجماعة، الأذكار، احرص عليها ... هذه هي دعائم العلاج.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فالزيروكسات دواء ممتاز، استمر عليه، وأعطي الدواء فرصة ليتم البناء الكيميائي، وحتى نعجل من فعاليته وفائدته يمكن أن ندعمه يسمى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، تناوله بجرعة خمسين مليجراما – أي كبسولة واحدة – صباحا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر آخر، ثم توقف عنه، واستمر على الزيروكسات على الأقل لمدة ستة أشهر، وحين تتحسن أحوالك تماما يمكن أن تتوقف عنه تدريجيا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.