السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة، وقد أنجبت طفلة قبل ثلاثة أشهر، أعاني من القلق والتوتر، ومن الأفكار السلبية المزعجة، بعضها بسبب أحداث قديمة أسرية من ظلم والدي لوالدتي المستمر حتى الآن بعد زواجه من امرأة أخرى.
كلما أستحضر سيرة والدي أشعر أنني أكره زوجي، ولا أتقبل منه أي تصرف مهما حاول جاهدا أن يرضيني؛ لأنني بعد رؤية معاملة والدي لوالدتي فقدت ثقتي في كل الرجال، وأصبحت أرى أن لا أمان في العيش معهم، أفكر في الطلاق كثيرا رغم عدم وجود سبب مقنع لذلك، فقط لمجرد أن فكرة عدم الأمان تراودني كثيرا.
أصبحت لا أحب والدي ولا أحب الاتصال به، وألوم والدتي أيضا لطيبتها الزائدة رغم ظلم أبي لها، أنا الآن كثيرة القلق والتوتر في كل شيء، وأخاف على ابنتي حتى من زوجي؛ لأني فاقدة الثقة فيه، أسعى جاهدة أن أذكر الله، وأن يكون لي ورد من القرآن لطرد الأفكار السلبية والتركيز في الناحية الإيجابية، ولكن أشعر أن السلبية مسيطرة على حياتي ومؤثرة عليها.
إضافة أخرى: أنا في الغربة، وليس لدي أصدقاء، ولا رغبة لي في التعرف على أحد، أصبحت لا أحتمل النقد ولا النقاشات، ويضيق صدري كثيرا، ولا أستطيع تحمل أي خبر سلبي على الإنترنت.
أرجو المساعدة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختي العزيزة: تعاني بعض الأمهات من اكتئاب ما بعد الولادة والذي يشتمل في العادة على تقلبات في المزاج ونوبات من البكاء والقلق وصعوبة في النوم، تبدأ حالات الكآبة النفاسية خلال يومين أو ثلاثة بعد الولادة، وقد تستمر لمدة أسبوعين، ولكن بعض الأمهات قد يعانين من أشكال من الاكتئاب أكثر حدة وأطول زمنا، وتعرف باكتئاب ما بعد الولادة بشكل نادر، قد يظهر اضطراب في المزاج بعد ولادة الطفل يسمى ذهان ما بعد الولادة، ولا يعد اكتئاب ما بعد الولادة خللا أو ضعفا في الشخصية، في بعض الأحيان تكون ببساطة من مضاعفات الولادة.
أختي العزيزة: فيما يلي مجموعة من الإرشادات التي سوف تساعدك في التخفيف من مشكلتك:
- ابتعدي عن "التعميم" فالرجال ليسو جميعهم متشابهين، وزوجك يختلف عن أبيك، فلا يعقل أن تدمري حياتك الزوجية فقط لأنك تعتقدين ولو بالخطأ أن زوجك "قد" يكون سيئا، على العكس حاولي تقبله، وكوني منفتحة معه على مشاعرك وصارحيه بمشاكلك فهذا يخفف عليك الكثير من الضغط والتوتر النفسي، فالزوح الصالح هو مصدر الأمان والثقة، وإذا كان كما تقولين أنه حسن الخلق، فعليك التقرب منه والاهتمام به، والطلاق ليس حلا إذا لم يكن هناك خلاف كبير يستدعي ذلك، فالمرأة الصالحة هي التي تحافظ على تماسك بيتها وتتغاضى وتتجاهل، والزوج الصالح كذلك.
- بالنسبة لوالدك، فالوالد علينا طاعته إلا في معصية الله، فالعلاقات العائلية مليئة بالمشاكل ولا تكاد تخلو أسرة في هذا الزمن دون مشاكل، والكل يرى نفسه على حق، ولا ننسى أختي العزيزة قول الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ).
- من الناحية النفسية ننصحك بإعادة تنظيم حياتك من جديد وذلك يكون بحصر الإيجابيات والسلبيات في حياتك، وعمل مقارنة بينها، وحددي الأمور المهمة والأمور الأقل أهمية، واهتمي بالأمور المهمة وحاولي التعامل معها أولا بأول، وتجاهلي ما يمكن تجاهله في حياتك ولا تركزي على التفاصيل.
- املئي وقتك، ولتحقيق ذلك يفضل كتابة برنامج يومي مليء بفقرات مفيدة منذ الاستيقاظ باكرا والانتهاء بالنوم ليلا، ويجب أن يتضمن البرنامج (الصلاة، قراءة القرآن الكريم، الاتصال بشخص مقرب، الرياضة، أعمال البيت)، وفي كل يوم قومي بإجراء تعديلات على الوقت والفعاليات إلى أن تصلي إلى برنامج يقنعك للاستمرار فيه.
- تحدثي إلى شخص مقرب عن مشاعرك الحالية.
- الابتعاد عن الأشخاص ذوي "الطاقة السلبية" والذين ليس لديهم أي حلول لمشكلتك، بل يزيدون الأمور تعقيدا.
- مارسي يوميا أنشطة رياضية خفيفة مثل المشي أو السباحة.
- احصلي على قسط وافي من النوم، والتزمي بالأكل الصحي.
- من الأدعية العلاجية لإزالة الهم والغم، حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، قال : فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها).
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.