السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنني أنام طوال الوقت، وحين أستيقظ أقبع في عالمي الخيالي حيث أحلام اليقظة، مهووسة بالروايات وأحبها للغاية، وأتخيل بأنني أعيش فيها، لكنني بدأت أرى روايات حقيقية، وأصبحت أتكدر كون البعض يعيش ما أحلم به، أحب أن يعيش الآخرون بسعادة، وأكره ما أشعر به، لست هذا النوع من الناس، ولا أريد أن أكون، بل إن ما أشعر به الآن كان أكثر ما أكرهه سابقا وحتى الآن وللأبد -بإذن الله عز وجل-، لا شيء يتغير.
أعلم بأنني أستطيع التوقف عن مراقبة الآخرين وأن أعيش حياتي، ولكن هنالك شيء في الحزن يلهمني، ربما لأنني لو قررت أن أبني عالمي سوف يخيب ظني باستسلامي من جديد، فقط هذه الأحداث في القصة أثرت بي، البطل فعل كل شيء ليتزوج البطلة، وكان قدرا رائعا الذي جمعهما، الأمر فقط بأنه ومع كل الأحداث الحزينة التي حدثت وكل الخلافات، أنا فقط أنظر إلى الأحداث كوسيلة لأعيش قصة، ولكن القصص لا تأتي إلينا ولا نرسمها نحن، إنه القدر، وصل بي الأمر للبحث عن الأبطال في مواقع التواصل، أشعر بأنني مهووسة، وأنا لا أحب كوني هكذا أبدا.
أنا أتساءل أحيانا: من أنا؟ اليوم أيضا رأيت حسابا لفتاة بنفس اسمي واسم عائلتي وبلدي، ما صدمني بأنها ولدت حتى بنفس يوم ولادتي ولكن في شهر وسنة مختلفين، فقط كل ما كان يساورني، من أنا؟ أنا حقا أمر بمرحلة يأس وخمول وعدم إنجاز للمهام، تؤرقني أفكاري للغاية، أشعر طوال الوقت أنني محاصرة حيث لا أحب أن يناديني أحد مرارا، أنا حقا أمر بتقلب مزعج في المزاج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ White حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.
مثل هذه التغيرات الوجدانية التي تتميز بكثافة أحلام اليقظة وشيء من الوسوسة في التفكير تكثر في مثل عمرك، هذا العمر التكويني من الناحية الوجدانية والنفسية والبيولوجية والاجتماعية، ومواضيع الهوية والانتماء، هذه كلها تخالج الإنسان في مثل مرحلتك هذه، والحمد لله من الواضح أنك على دراية ووعي كامل.
مشكلتك الأساسية هي أنك جعلت قراءة هذه الروايات في الطبقة العليا من تفكيرك، وهذه إشكالية، لم تأخذي الأشياء الجميلة الأخرى في الحياة، نعم أفكارنا تكون في طبقات، طبقات عليا، وطبقات وسطى، وطبقات دنيا، عظائم الأمور يجب أن تأخذ الطبقات العليا، وفي مثل حالتك وعمرك الاجتهاد في دراستك، وتنمية نفسك فكريا، والحرص على أمور دينك، وبر والديك يجب أن تأخذ الطبقات العليا في التفكير.
مجرد القناعة بما ذكرته لك سوف تؤدي إلى تغيير كبير في منهجك ونمط حياتك، وأنت محتاجة لأمر مهم جدا، وهو: لا بد أن يكون لك جدول يومي زمني لإدارة الوقت، من يحسن إدارة وقته يحسن إدارة حياته، والذي يدير وقته بصورة ممتازة في مثل عمرك يمكن أن ينجز كل شيء (التعليم المتميز، التواصل الأسري الجميل، الترفيه عن النفس، الالتزام بالدين، ممارسة الرياضة) يمكن أن تشبعي رغباتك وتطلعاتك وتطوري ذاتك بصورة ممتازة، بشرط أن يكون هنالك التزام تطبيقي لحسن إدارة الوقت، ولا بد أن تشمل برامجك الأنشطة المتنوعة، هذا يجب أن يكون مبدؤك.
هذا الفراغ الضخم الذي تعيشين فيه ناتج من سوء إدارة الوقت، هذه حقيقة وأنا وددت أن ألفت نظرك لهذا الأمر، فأرجو أن تضعي نمطا حياتيا جديدا، تحددي فيه الأسبقيات والأولويات في حياتك، ولا بد أن تبدئي إدارة الوقت من خلال النوم الليلي المبكر وتجنب السهر، الدماغ يحصل له ترميم كامل خلال النوم الليلي المبكر، ومن هم في عمرك – ولا زالوا في مرحلة التكوين – هرمون النمو لا يفرز إلا في أثناء النوم خاصة النوم الليلي، {وهو الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا}، {وجعلنا الليل لباسا}.
فلا بد ألا تفوتي عليك هذه الأمور، وخذي الأمور بهذه النمطية التي أذكرها لك، نامي نوما مبكرا، استيقظي مبكرا، صلي الفجر، ابدئي يومك برشاقة، بقابلية، راجعي دروسك قبل أن تذهبي إلى المدرسة، وهكذا يبدأ اليوم بسلاسة وبجمال تام، أما أن تقضي اليوم مع هذه الأفكار الواهية فهذا أمر خطأ، لا تجعلي لها أسبقية، أنا لا أقول لك توقفي عن التفكير الخيالي هذا، لا، لكن اجعليه في درجات الدنيا بالنسبة لك من حيث الأهمية.
هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.