السؤال
ابنتي عمرها أربع سنوات، والدها متوف، وارتباطها بي زائد جدا، لدرجة إذا قامت من النوم ولم تجدني تظل تصرخ إلى أن أذهب وآخذها، حاليا ليس هناك حضانة بسبب الكورونا، وهي دائما خائفة أني سأتركها، برجاء توجيهي للتعامل الصحيح معها.
ابنتي عمرها أربع سنوات، والدها متوف، وارتباطها بي زائد جدا، لدرجة إذا قامت من النوم ولم تجدني تظل تصرخ إلى أن أذهب وآخذها، حاليا ليس هناك حضانة بسبب الكورونا، وهي دائما خائفة أني سأتركها، برجاء توجيهي للتعامل الصحيح معها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لزوجك ولجميع موتى المسلمين.
هذه الصغيرة – حفظها الله – طبعا تجد الراحة في وجودك، وأستطيع أن أقول أنه أصبح لديها نوع من الاتحاد معك، الاتحاد النفسي والوجداني والجسدي، والأطفال يحدث لهم مثل هذا الوضع خاصة إذا لم تكن هنالك منافذ للطفل ليختلط بالأطفال ويلعب مع الأطفال، وفي بعض الأحيان نحن كآباء وأمهات أيضا – وحتى نطمئن – نعامل أطفالنا معاملة خاصة بأن تكون الشفقة عليهم والخوف أكثر مما يجب وتصبح حالة عصابية للأم أن تحفظ الطفل معها، وهذا طبعا يولد لدى الطفل اعتمادية كبيرة.
هذه الطفلة – حفظها الله – تصرخ؛ لأنها تخاف مما يسمى بقلق الفراق، تخاف من ذلك، وأرجو المعذرة، أعتقد أنك أيضا تطمئنين كثيرا لرؤيتها، هذا أمر طبيعي طبعا، لكن أعتقد أنه قد أدى إلى هذا الالتصاق الوجداني الشديد مما جعل الطفلة تخاف كثيرا لأي نوع من الفراق.
أنا أعتقد أنه من الأفضل في داخل البيت – حتى وإن لم يكن البيت متسعا – اتركي مسافة جغرافية بينك وبين الطفلة بقدر المستطاع في أثناء اليوم، مثلا ضعيها في غرفة وأنت في الغرفة الثانية، دعيها تصرخ، دعيها تعمل ما تعمل، لن يحدث لها أي شيء، وبعد ذلك يمكن أن تحضريها وتلاعبيها، لا تهمليها، إنما تلاعبيها، لاعبيها لعبا يتناسب مع عمرها، انزلي أنت لوضعها العمري.
إذا المسافة الجغرافية مهمة جدا وأساسية.
الانشغال ببعض البرامج التلفزيونية – برامج الأطفال جاذبة جدا لكثير من الأطفال – أنا طبعا لا أشجع أن الطفلة تجلس دائما أمام التلفزيون وتكون منقطعة كما يحدث في بعض البيوت – مع احترامي للجميع – لكن هذا يمكن أن يكون جزءا من البرنامج التأهيلي لهذه الطفلة.
أيضا الجئي لموضوع المكافآت البسيطة التي تحبها، لا تعطيها حين تصرخ، إنما تعطى لها حين تصمت وتسكت من الصراخ، إذا كانت لعبة محببة، شيء محبب بالنسبة لها، حتى في بعض الأحيان نقول للأمهات: حتى أنواع من الطعام لا تزود للطفل وهو في حالة البكاء، لا نسكته بإرضائه بإعطائه الأشياء التي نعرف أنها مفضلة له، بكل أسف الأمهات يقمن بعكس ما هو تربوي، طبعا السبب في ذلك هو العطف الشديد.
فإذا هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية، وطبعا إذا أتيحت فرصة للخروج مثلا للحدائق العامة، وأن تتركي الطفلة تلعب مع بقية الأطفال، وأعرف أن ذلك في الوضع الراهن قد يكون صعبا، لكن بقدر المستطاع، أو أطفالا مثلا جيرانكم، أو أطفال أهلكم، إذا أعطيناها فرصة للتفاعل معهم قد يكون هذا أفضل، الطفل يتعلم من الطفل، والطفل يحس أنه أكثر أمانا في وجود الطفل الآخر، ولا يفتقده إذا فارقه، ليس كالالتصاق بالأم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.