أكره الحياة بشكل عام وأعاني من عدة مشاكل، أرجو النصح والمشورة.

0 17

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من هذه الأعراض:

فقدان الرغبة في ممارسة أي نشاط يومي والميول للوحدة، وعدم تحمل المسؤلية تجاه الآخر، كرهي للحياة بشكل عام، الإحساس بالعصبية والكآبة، صعوبة في النوم، صعوبات في التركيز، قلق وضجر، إحساس بالتعب أو الوهن، إحساس بقلة قيمة الحياة، فقدان الرغبة في الجلوس مع الشريك مع الشعور بالذنب، فقدان الأمل، والأحساس باليأس، البكاء بدون أي سبب واضح، صداع.

عند البحث في الإنترنت وجدتها جميعا اعراض اكتئاب، تؤثر بالسلب على حياتي الشخصية والأسرية، أردت الذهاب لطبيب نفسي، ولكن لا يوجد طبيب نفسي في المنطقة المقيمة بها حاليا، فهل يمكنني زيارة طبيب أعصاب في تلك الحالة، وهل يوجد أدوية لتك الحالة دون الرجوع للطبيب؟

أرجو النصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Um Yahia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

بالفعل الأعراض التي ذكرتها تحمل سمات الاكتئاب النفسي، أتمنى ألا يكون اكتئابا شديدا أو مطبقا، -إن شاء الله- يكون في طيف الاكتئاب البسيط إلى المتوسط، والاكتئاب علة منتشرة جدا، ولكن -الحمد لله تعالى- الآن توجد وسائل وأساليب علاجية.

أنا لا أعرف عن ظروفك الاجتماعية والحياتية، لكن أريدك أن تكوني إيجابية، هذا هو الأمر المهم، أريدك أن تستمتعي بقوة الآن -يعني الحاضر- لا تعيشي في الماضي، ولا تهتمي كثيرا بالمستقبل، والإنسان دائما هو فكر ومشاعر وأفعال، الاكتئاب يتصيد الإنسان من خلال مشاعره ومن خلال أفكاره ومن خلال أفعاله، لكن بشيء من التدبر والتأمل الإنسان يستطيع أن يغير نفسه، كل فكرة سلبية موحشة وسخيفة ومتشائمة توجد فكرة إيجابية تقابلها، الله تعالى خلق لنا هذه الثنائية العجيبة، كل شيء يقابله شيء، الكرب يقابله الفرح، المرض يقابله الصحة، وهكذا، فإذا لماذا لا يتشبث الإنسان دائما بما هو إيجابي، ويتثبت بالتفاؤل لا بالتشاؤم؟

أرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تركزي على هذا الجانب؛ لأن هذا الجانب مهم جدا، جانب التشاؤم وجانب التفاؤل، يرى كثيرا من علماء السلوك وعلى رأسهم العالم السلوكي الكبير (آرون بك) أن الإشكالية في الاكتئاب النفسي ليست في المزاج، إنما الإشكالية في الأفكار السلبية التي تسبق المزاج وتؤدي إلى تعكره وإلى كدره، فغيري أفكارك واجعليها إيجابية، تأملي في حياتك، سوف تجدين الكثير من الأشياء الجميلة، وهذا -إن شاء الله تعالى- يغير من مشاعرك، وبالتالي يغير من مزاجك الاكتئابي.

الأمر الآخر هو الأفعال، مهما كان الاكتئاب مطبقا يجب أن نقوم بأفعال معينة، مهما كان، ومن أهمها العبادة، الصلاة في وقتها، وذكر الله كثيرا فيه الفلاح، {واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}، ممارسة الرياضة، حسن إدارة الوقت، والتواصل الاجتماعي، والترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل.

هذه الأمور لا بد أن تكون أفعالا موجودة في حياتنا مهما كان الاكتئاب، وأنا أنبهك لهذه الحقيقة العلمية المهمة؛ لأن الإنسان الذي يصر على أن يفعل، وعلى أن يؤدي، وعلى أن ينتج، وعلى أن يتواصل اجتماعيا، هذا يعود عليك بخير كبير فيما يتعلق بأفكارك وفيما يتعلق بمشاعرك.

إذا أرجو أن تهتمي أكثر بهذا المثلث السلوكي (أفكار – مشاعر – أفعال)، والرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، الرياضة -رياضة المشي-، رياضة الجري، وفي أوروبا أعتقد أن رياضة المشي متاحة وبسبل شديدة، الرياضة تؤدي إلى تغيير كامل في كيمياء الدماغ، وفي هرمونات الجسد، وتؤدي إلى إفرازات إيجابية كثيرة، هذا الكلام الآن مثبتا علميا.

واجعلي لحياتك معنى، اجعلي لحياتك أهداف، هذا مهم، يجب أن تكون لك برامج مستقبلية، أهداف حياتية، وتعملي وتسعي لتصلي لهذه الأهداف.

وأنا أريد أن أقترح عليك هدفا بسيطا لكنه عظيم يسير على من يسر الله عليه: احفظي مثلا ثلاثة أجزاء من القرآن خلال الثلاثة أشهر القادمة، هدف عظيم، حين تنجزيه سوف تحسين بقيمته، وهكذا، هذا مثلا مثال لمشروع وأهداف تتحقق -بإذن الله تعالى-.

أنا سوف أصف لك دواء، لأنك -الحمد لله- في عمر ثلاثين سنة، والأدوية سليمة جدا ومناسبة في عمرك، وإن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب أعصاب ليس هنالك ما يمنع، لكن قطعا مقابلة الطبيب النفسي أفضل، عموما سأصف لك دواء يسمى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام) منتشر، ومعروف، وسليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ويفيد جدا في مثل حالتك إذا تناولته بالصورة الصحيحة، وهي: أن تبدئي بجرعة خمسة مليجرام يوميا -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات