السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أبعث إليكم باستشارتي، وأسأل الله لي ولمرضى المسلمين الشفاء العاجل.
عمري 34 سنة، أعزب، بدأت أشعر بالحزن والضيق وعمري 16 أو 17 سنة، ذهبت للطبيب لكني لم أستفد، ومرت سنوات حتى عام 2014 ذهبت إلى طبيب، وانتظمت معه لمدة سنة وأربعة أشهر، ووصف لي العديد من الأدوية خلال هذه المدة، وهي الاسيتابرام، السيمباتكس، الباروكستين، الكويتازيك، الديبرام، الويبلترين 100، الانسباجو، وكان يوقف بعض الأدوية لعدم مفعولها، أو بسبب أعراضها الجانبية، وكانت الجلسة النفسية تستمر 45 دقيقة، أي كان علاجا نفسيا وسلوكيا، حيث كنت أعاني من قلق عام، ولم يتحسن الشعور بالضيق والحزن، والشعور بأني مخنوق، وكأن حجرا على صدري يوميا، رغم أني محافظ على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار اليومية بانتظام، لكن هذه العلة لم تذهب مني مطلقا.
ذهبت إلى طبيب مخ وأعصاب في عام 2019، ووصف لي الفافرين 50، والاولبكس، والدوجماتيل 200، فاستمررت عليها ثلاثة أشهر، ولم تتحسن حالتي، وتركت الطبيب والدواء لعدم الاستفادة.
منذ أشهر ذهبت لطبيب باطنية، وقمت بعمل أشعة للصدر وسبعة تحاليل منها الغدة الدرقية، وكانت النتائج سليمة، لكني ما زلت أشعر بضيق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
لديك استشارة رقمها (2425052) وقد أجبت عليها بتاريخ 5/4/2020، فأرجو أن تكون قد أخذت بالنصائح والتوجيهات التي ذكرتها لك فيما سبق.
الآن أنت حقيقة – ومن خلال ما لاحظته في رسالتك هذه – تناولت الكثير من الأدوية المضادة للاكتئاب، ولكنها لم تفدك كما تفضلت وذكرت.
السبب في ذلك: أنا أرى أن أصلا الحالة التي تعاني منها ليست حالة بيولوجية مائة بالمائة، التأثير البيولوجي في بعض أنواع القلق – خاصة الذي يكون الضيق والتململ والضجر هو الأعراض الرئيسية – هذا النوع التغير الكيميائي فيه بسيط، أي على مستوى الموصلات العصبية الدماغية، فائدة الأدوية في مثل هذه الحالات لا تتعدى خمسة وعشرين بالمائة في أحسن الظروف.
لكن العلاج الرئيسي – أخي الكريم – يكون من خلال تغيير نمط الحياة، هذا هو المبدأ العلاجي الأساسي، والناس تتكلم عن العلاجات السلوكية، والسلوكية المعرفية - وخلافه – لكن الأمر بسيط جدا وليس فيه أي تعقيدات.
نمط الحياة إذا غيره الإنسان وجعله إيجابيا قطعا سوف تتحول الطاقات النفسية السلبية إلى طاقات إيجابية، القلق النفسي هو طاقة، حين تتراكم تصبح طاقة سلبية، ومن المفترض أن يكون القلق طاقة توجهنا نحو الإنجاز والنجاح، لكن حين يزداد أو تختل مساراته يؤدي إلى ما يؤدي إليه.
فيا أخي الكريم: أنا أريدك أن تنظر فيما ذكرته لك بتأمل وتدبر، ولا تتحسر أنك ظللت لفترة طويلة لا تحس بصحة نفسية جيدة، القلق الذي لديك مرتبط بشخصيتك، وأنت تطبعت عليه – أيها الفاضل الكريم – وسرت على نمط حياة معين.
الآن يمكن أن تنهض بنفسك، أول شيء في تغيير نمط الحياة هو: حسن إدارة الوقت، اجعل لنفسك برامج يومية تدير من خلالها وقتك، والإنسان يمكن أن يشكل أنشطته (وقت للعمل، ووقت للتواصل الاجتماعي، ووقت للعبادة، ووقت للرياضة، ووقت للترفيه عن النفس، وهكذا).
إذا هذه هي النقطة الارتكازية (تغيير نمط الحياة) والاستفادة من الوقت، وتوزيعه بصورة ممتازة، ومهما كان شعورك، ومهما كانت أفكارك سلبية يجب أن تتطور من خلال أعمالك، من خلال الإصرار على أن تكون شخصا نافعا لنفسك ولغيرك، أن تكون شخصا فعالا، أن تكون شخصا مقداما، شخصا قائدا.
النقطة الثانية: الرياضة، الرياضة مما لا يدع مجالا للشك أنها تقوي النفوس، وأنها تمتص القلق، وأنها تأتي بطاقات إيجابية كثيرة، والآن ظهرت دراسات في الغرب أن الرياضة والصيام المتقطع – مثل صيام الاثنين والخميس وثلاثة من كل شهر – لها فائدة نفسية عظيمة جدا، كأنهم يقولون لنا: صوموا الاثنين والخميس وهم غير مسلمين.
فيا أخي الكريم: هذه هي الأنماط الحياتية الصحيحة.
الحرص على الواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن واجب اجتماعي أبدا، شارك الناس في أفراحهم، دعوات الأعراس مثلا، شارك الناس في أتراحهم، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، صلة الأرحام وزيارتهم، هذه كلها أشياء ممتازة، الجلوس مع الأصدقاء، الصلاة مع الجماعة.
ومن المهم جدا أن يكون لك برنامج مستقبلي، ما الذي تود أن تقوم به؟ أفضل ما تقوم به هو أن تدخل في مشروع حياتي إيجابي.
هذه ما أنصحك به – أخي الكريم – أما الدواء فقد وصفت لك السيرترالين، وأراه جيدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.