السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري 24 سنة، مصاب بأعراض الاكتئاب الشديد، أحاول جاهدا وضع خطط وتنظيم الوقت ومعرفة طموحاتي، وأن أتخذ القرارات وأدرس في كلية الحياة، وأتعلم كيفية التعامل مع الناس على مستوى علمهم وأخلاقهم لكنني أفشل فشلا ذريعا، وأحس نفسي كطفل جاء إلى الدنيا منذ أيام، لا أعرف التجارة، أو المحاكمة العقلية سواء أكان محادثة عادية أو مشاورة، أو دردشة، أو حل مشكلة أو سؤال أو حرفة، حتى الدارسة فيها.
أبواب الدنيا موصدة، حتى هذه الرسالة أتعبتني من كثرة التفكير، لا أستطيع تأليف رسالة، مللت من كل شيء، لا أعرف شيئا في هذه الدنيا، وكلما أطالب أهلي بالزاوج يصفونني بضعيف الشخصية والجاهل والأحمق، ماذا أفعل؟
هل توجد خلطات طبيعية؟ كرهت الحياة والصبر، فكرت بالانتحار عدة المرات، بكيت كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأنت لديك استشارة تمت الإجابة عنها بواسطة الدكتور عقيل المقطري، جزاه الله خيرا.
أيها الفاضل الكريم: من الناحية النفسية: الإنسان يتكون من (مشاعر، وأفكار، وأفعال)، هذا هو المثلث السلوكي الذي من خلاله يحدد الإنسان مساراته النفسية.
الفكر السلبي حين يسيطر على الإنسان يؤدي إلى مشاعر سلبية، وربما تكون الأفعال أيضا سلبية، الله تعالى خلق هذا الكون بتناسق عجيب سبحانه وتعالى، وما أحب أن أسميه بالثنائيات أو وجود الشيء وضده من الظواهر المعروفة جدا، بمعنى: أن الإنسان إذا فكر في الشر فالخير موجود، وإذا فكر مثلا في الموت فالموت حق والحياة موجودة، وإذا فكر في المرض فالصحة موجودة، والإنسان إذا طغت عليه فكرة الفشل فالنجاح موجود، وهكذا.
فإذا الإنسان إذا تصيده الفكر السلبي وهيمن عليه يجب أن يلتفت ويرتقي بنفسه ويفكر الفكر الإيجابي المقابل، ويتمسك بهذا الفكر الإيجابي. هذا ينطبق في حالتك تماما، فكرك السلبي هو الذي حرك مشاعرك ويهمن على حياتك، وألبست نفسك لباس الفشل، وأنت لست فاشلا، في هذه الدنيا لا يوجد إنسان أفضل من إنسان -أيها الفاضل الكريم- إلا بالتقوى والعمل الصالح.
فأنت حقيقة محتاج أن تقوم بعمل غسيل ومحو تام لهذه الأفكار السلبية التي هيمنت عليك، ويمكن أن تقوم بتمارين سلوكية، كل سلوك سلبي لديك اكتبه واكتب والسلوك الإيجابي المقابل له، وتمسك بالإيجابي، وهذا ينطبق أيضا على المشاعر.
ومن الضروري جدا أن تحكم على نفسك بالأفعال وليس بالشعور أو بالأفكار، ما هي أفعالك؟ ما الذي تود أن تقوم به؟ إذا يجب أن تقوم به، اجعل جدولا يوميا لإدارة وقتك.
النوم الليلي المبكر، الاستيقاظ لصلاة الفجر، وسوف تجد لدى نفسك طاقات ممتازة، التحضير -كالاستحمام وشرب الشاي وخلافه- وبعد ذلك إما أن تكون في مرفق دراسي، أو في مكان عملك، وبعد ذلك سوف تجد أن الحياة تسير، وأنك تستطيع أن تواكب، وتستطيع أن تدير وقتك.
هذا هو الذي أنصحك به، لا أحد سوف يغيرك، ولا أحد سوف يعطيك أي شيء، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
طبعا أزعجني كلامك وتفكيرك في الانتحار، هذا منتهى السلبية حقيقة، من ينتحر يخسر دنياه وآخرته، شقاء ما بعده شقاء، شقاء أبدي، يحمل معه أوزراه وإثمه، ويترك جراحات كبيرة في مشاعر من خلفهم وتركهم -أهله وذويه- لماذا؟ الحياة طيبة، الحياة جميلة، الحياة فيها الخير، الحياة نعمة أوجدنا الله فيها حتى نعبده ونوحده ونطيعه، حتى وإن كانت هنالك سلبيات في الحياة فإنها دار ابتلاء لا دار مقر، دار فيها الزرع وفيها الكبد وفيها التعب، والآخرة خير لمن اتقى، وخير من الأولى.
أخي الكريم: يجب أن ترتقي بنفسك، عليك بالصحبة الطيبة، عليك بالرياضة، عليك ببر والديك، عليك بأن تكون مع الطيبين من الناس، مع الفاعلين من الناس، مع أصحاب الهمم العالية، ولا تضع نفسك أبدا في الدرجات السفلى، لا، القاع ممتلئ بالفاشلين، لا تكن معهم، كن مع الناجحين، ولا تلتفت أبدا لما يقوله الناس حولك، أبدا، وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وأقبل الناس كما هم لا كما تريد.
هذا هو الذي أنصحك به، وهذا هو الذي سوف يغير حياتك إن طبقته.
وللفائدة راجع: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.